#
  • فريق ماسة
  • 2025-08-28
  • 1021

اعتداء إسرائيلي غير مسبوق في ريف دمشق.. رسائل ميدانية قبل التفاوض؟

في تصعيد إسرائيلي جديد، شن جيش الاحتلال، مساء أمس الأربعاء هجمات جوية، تبعه عملية إنزال جوي في منطقة الكسوة بريف دمشق الغربي استهدف مواقعاً عسكرية تابعة للجيش السوري.

وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "سانا" عن مصدر حكومي، تعرض الجيش السوري لهجمات إسرائيلية خلال تعاملهم مع أجهزة مراقبة وتنصت عثروا عليها خلال جولة ميدانية في جبل المانع جنوبي دمشق، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من الجنود وتدمير آليات عسكرية.

  وعقب حوالي ساعة من الاستهداف، شنت الطائرات هجمات جوية أخرى على ذات الموقع أعقبه إنزال جوي بمشاركة أربع مروحيات عسكرية وعشرات الجنود. لم تعرف تفاصيله بعد.  وبالتزامن من الغارات الإسرائيلية، هبطت عدة طائرات مروحية إسرائيلية في محافظة السويداء جنوبي سوريا، ترافقت مع تحليق طائرات الاستطلاع في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي، والقنيطرة. 

بدوره، ألمح وزير الدفاع في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في تصريح له فجر الخميس، إلى العملية العسكرية التي نفذتها قوات الاحتلال في ريف دمشق ليلة الأربعاء، لحماية "أمن إسرائيل".

وقال كاتس في منشوره على موقع "x" : "قواتنا تعمل في جميع جبهات القتال ليلًا ونهارًا من أجل أمن إسرائيل". وفي قراءة حول تفاصيل عملية الإنزال الجوي الإسرائيلي في ريف دمشق، أوضح الخبير المتخصص في الشؤون العسكرية والباحث في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أنور شعبان، خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن غرف العمليات العسكرية المشار لها سابقاً تعزز العمليات الدفاعية الجوية لوزارة الدفاع، لكن الاستهداف لم يأتِ لتدمير منظومات دفاع جوية لأن إسرائيل دمرت جميع أنظمة الدفاع الجوية والرادارات ما بعد التحرير. 

ويرى شعبان، أن الإنزال الجوي يتخطى استهداف مقر عسكري عملياتي لوزارة الدفاع السورية، إنما يعطي مؤشراً على أنه عمل أمني استخباراتي لإسرائيل في المنطقة، إما لتدمير هدف استخباراتي معين، أو لتأمين موارد استخباراتية كانت مزروعة مسبقاً من قبلها أو من قبل عملائها في المنطقة، بالتزامن مع هبوط لطائرات عسكرية إسرائيلية في السويداء الذي كان نوعاً من التشتيت. 

هجمات متكررة على مواقع الجيش السوري

ويُعد هذا الهجوم الثاني في ريف دمشق خلال نحو 24 ساعة، إذ شنّت طائرات الاحتلال مساء الثلاثاء غارات استهدفت جبل المانع، ما أسفر عن استشهاد ستة من عناصر الجيش السوري بينهم ضابط. وقال مسؤول في وزارة الدفاع السورية لوكالة "فرانس برس" إن عدداً من الجنود قُتلوا إثر غارة إسرائيلية نفذتها طائرة مسيّرة قرب العاصمة دمشق، موضحاً أن الهجوم استهدف أحد المباني العسكرية التابعة للفرقة 44 في الكسوة. 

وأضافت مصادر عسكرية لتلفزيون سوريا أن وحدات من الجيش السوري كانت تجري مناورات على الأسلحة المدرعة في جبل المانع، ضمن موقع عسكري قريب من قرية دير علي، قبيل القصف الإسرائيلي. وعلق الخبير في الشؤون العسكرية نوار شعبان، على الغارات المتكررة لجيش الاحتلال الإسرائيلي على مواقع تابعة للجيش السوري، أن إسرائيل بعد 7 أكتوبر، تستخدم نهج الهجوم المباشر والمتواصل، بهدف تقويض القدرات العسكرية في سوريا، ومن ثم الضغوط والاستفادة من المشكلات الداخلية، كدعمها للمكون الدرزي، من أجل دعم مسار تفاوضها مع الحكومة السورية.  

وأضاف، أن إسرائيل تصر على جنوب سوري منزوع السلاح، من أجل خلق قواعد ردع جديدة في المنطقة، ولتنفيذ عملياتها العسكرية والاستخباراتية.  كما أن إسرائيل تريد دائما الحفاظ على هامش عسكري عملياتي في المنطقة حتى وإن أدى تفاوضها مع سوريا الى اتفاق أمني، ستبقى محافظة على دورها العدائي، كونها دولة عدوان وتوسع، بحسب شعبان.

وبحسب شعبان فإن رد الحكومة السورية على الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة السورية، يجب أن يكون عبر التصعيد الدبلوماسي، من خلال البيانات المتواصلة التي تستنكر هذه الانتهاكات سواء من وزارة الدفاع والخارجية، كما يجب أن يكون هناك جهود دبلوماسية أكبر للتأكد من أن مسار المفاوضات الحالي يتناول جميع الإشكاليات، إذ ما يشكل إشكالية لإسرائيل اليوم ربما لا يشكل إشكالية لها لاحقاً.  أما على الصعيد العسكري، فإن القدرات العسكرية السورية تكاد معدومة للرد على إسرائيل، خاصة بعد أن صعدت إسرائيل كقوة في المنطقة بعد أن أزاحت إيران وحزب الله من المعادلة، وفقاً لشعبان. 

ووصف الخبير العسكري والاستراتيجي إسماعيل أيوب العملية الإسرائيلية بأنها تحمل بعدين محتملين من الناحية العسكرية، موضحًا أن ما جرى يندرج ضمن أحد سيناريوهين: "إما أن تكون العملية استطلاعًا بالقوة نفذته وحدات خاصة عبر أربع حوامات إسرائيلية سبقت وأعقبت الغارات الجوية، أو أنها جاءت في إطار مهمة لسحب أو تدمير أجهزة تنصت واستشعار متطورة زرعتها إسرائيل في الموقع خلال فترة سابقة".

وأشار أيوب في حديث لتلفزيون سوريا إلى أن العملية ترافقت مع إجراءات عزل ميداني للمنطقة المستهدفة، في دلالة على مدى أهميتها من وجهة النظر الإسرائيلية، موضحًا أن "جبل المانع يُعد من أبرز النقاط الاستراتيجية جنوب العاصمة دمشق، حيث يرتفع إلى نحو 1076 مترًا، ويوفّر إشرافًا مباشرًا على مناطق واسعة تشمل البادية السورية، والسويداء، ودرعا، وأجزاء من ريف دمشق الشرقي والشمالي".

ورأى أيوب أن الموقع المستهدف كان في السابق يتبع للقوات الجوية السورية، ويضم محطات رادار متطورة، منها رادار صيني الصنع، مضيفًا أن "إسرائيل سبق أن نفذت غارات دمرت هذه المحطات، لكنها ما تزال تعتمد على العمل الاستخباراتي متعدد الوسائط، ويشمل الاستطلاع بالقوة، الأجهزة المزروعة، والتقارير البشرية". وفي رده على التساؤلات حول حاجة إسرائيل لأجهزة مراقبة أرضية رغم هيمنتها الجوية، أوضح الخبير العسكري أن "الدول التي تملك أجهزة مخابرات متقدمة مثل إسرائيل، لا تعتمد على وسيلة واحدة، بل تبحث عن تقاطع المعلومات من الأرض والجو والفضاء وحتى من الإعلام، مشيرًا إلى أن زرع كاميرات، أجهزة تنصت لاسلكي، أو مستشعرات في مواقع مرتفعة يمنح إسرائيل أفضلية استخبارية نوعية".

وأكد أيوب أن السيناريو الأكثر ترجيحًا هو أن تكون إسرائيل قد زرعت تلك الأجهزة عقب سقوط النظام البائد، ومع انكشاف أمرها، نفذت عملية الإنزال بهدف "إما سحبها لحماية بياناتها أو تدميرها لتفادي وقوعها بيد الجيش السوري، وهو تكتيك اعتادت عليه، إذ غالبًا ما تقوم بقصف طائراتها المسيّرة عند سقوطها حتى لا يتم تحليل محتواها". واعتبر أيوب أن توقيت العملية، المتزامن مع افتتاح معرض دمشق الدولي، يضفي عليها طابعًا سياسيًا إلى جانب بعدها العسكري، موضحًا أن "إسرائيل أرادت توجيه رسالة مباشرة إلى دمشق مفادها أن لا تسوية سياسية بدون فرض وقائع ميدانية، وأن القوة تسبق التفاوض".

دمشق تدين الاعتداءات الإسرائيلية

ودانت وزارة الخارجية السورية، الأربعاء، العدوان الإسرائيلي الذي استهدف موقعاً عسكرياً تابعاً للجيش العربي السوري قرب مدينة الكسوة بريف دمشق، ما أدى إلى استشهاد عدد من الجنود. وأكدت الخارجية في بيان لها أن الاعتداء يشكّل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وانتهاكاً مباشراً لسيادة سوريا. ولفت البيان إلى أن هذه الهجمات تأتي ضمن سياسة التصعيد التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، وتهدد السلم والاستقرار الإقليمي والدولي.




اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة