في الملف الليبي لعبت الجامعة العربية دور الوسيط المهيئ لقرار من مجلس الأمن يسلم ليبيا إلى الحلف الاطلسي. ونجحت الخطة التي حبكت بمراحلها الثلاث وفقا لما يقول برنار هنري ليفي ـ وهومن بات يسمى مهندس الثورات العربية ـ نجحت بإطاحة معمر القذافي وإفراز وضع اقل ما يقال فيه انه وضع ليبيا في القبضة الغربية وفتح افريقيا عبرها امام الحلف الاطلسي بالقيادة الاميركية. كل هذا ما كان ليحصل لولا الدور الذي لعبته الجامعة العربية في تعليق عضوية ليبيا فيها ثم "الاستغاثة بمجلس الامن لحماية المدنيين" وفرض حظر جوي عليها ما مكن الحلف الاطلسي من تدميرها وتنفيذ خطته كاملة فيها.

وشاء المخطط الغربي ان يكرر التجربة اوما يسمى النموذج الليبي في سورية وبالوسائل ذاتها. ومن أجل ضمان نجاح الخطة، خاصة في انطلاقها في الجامعة العربية، أَمَرَ باستبدال الرئاسة النصف سنوية للجامعة ونقلها من فلسطين الى قطر البلد الاصغر في العالم العربي، والاوثق ارتهانا وارتباطا بالغرب وبقيادته، والأكثر تأثيراً بماله وإعلامه في الساحة العربية. لكن الغرب صُعِق لرؤيته الطريق يُقطع عليه سياسيا في مجلس الأمن عبر فيتو منظومة البريكس، وميدانياً في سورية والمنطقة عبر تهديد منظومة المقاومة. ولان الملف السوري بات بالنسبة الى أميركا ملف الملفات او الاساس في كل ملفاتها الاستراتيجية، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم كله، ذلك لان النجاح فيه يعوض الخسائر الاستراتيجية الأميركية ويتيح لأميركا العودة الى الامساك بالمنطقة مجدداً. لهذا قرر الأميركي تخطي الموانع وايجاد البديل فكانت الجامعة العربية هي المفتاح.

هذه الجامعة، التي تتحول الآن وبقرار اميركي وادارة قطرية الى بديل من مجلس الامن الدولي، تسير في تنفيذ الخطة التي وضعتها اميركا والتزمها مجلس التعاون الخليجي المتحكم بقرار الجامعة الآن، وهي الخطة المركبة كالتالي:

- سياسياً: بعد تهريب قرار تعليق مشاركة الوفود السورية في اجتماعات الجامعة وهيئاتها، جرى تجاوز تنفيذ نص القرار وانقلابه الى تعليق واقعي لعضوية سورية في الجامعة، تتجه الجامعة، بعد ان اتتها كلمة السر من الغرب، حيث اعتبر آلان جوبيه وزير خارجية فرنسا ان بلاده ومن خلفها الاتحاد الأوربي ايضا، تعتبر مجلس اسطنبول المسمى "المجلس الوطني السوري" هوالمحاور الشرعي باسم سورية وان الاعتراف به كممثل شرعي لسورية سيأتي لاحقاً، تتجه الجامعة الى مثل هذا الاعتراف.

- وعلى صعيد الجيش تتجه الخطة الى تنظيم المسلحين والجنود الفارين من الجيش والقوات المسلحة الشرعية وتأطيرهم تحت مسمى "الجيش السوري الحر" ، ثم تدريب وتسليح هذا التجمع وتكليفه القيام بمهام عسكرية بأمرة "المجلس الوطني السوري" لينازع الجيش العربي السوري شرعيته، بعد الترويج المزعوم لحدوث "الانشقاق الكبير فيه" .

- اقتصادياً: تقوم الجامعة بفرض عقوبات اقتصادية على سورية تحت عنوان محاصرة النظام من اجل الشعب، وتهدف في الحقيقة الى تجويع الشعب من اجل تثويره على النظام.

- أمنياً: تتجه الجامعة وتحت عنوان حماية المدنيين، الى اعتماد القرار المتعذر صدوره في مجلس الامن الدولي، والشبيه بالقرار 1973 المتعلق بليبيا، قرار يجيز التدخل العسكري "العربي" متجاوزة في ذلك الفيتو الروسي – الصيني، ورافعة حاجزا امام التدخل الايراني نصرة لسورية، باعتبار ان الشأن عربي ولا يحق "لغير العرب التدخل فيه" ( طبعا انها تلفيقة سمجة وكذبة مفضوحة ). ويبدوان التحضيرات والاعمال التمهيدية لوضع هذا القرار موضع التنفيذ قد بدأت من خلال ما جرى تسريبه او كشفه من اعمال من قبيل :

- دهن طائرات أردنية باللون الذي تعتمده سورية لطائراتها وبالعلم السوري، من أجل استثمارها للترويج لوجود انشقاق في الطيران السوري، وان الطائرات المنشقة بدأت مساندة جوية لقوى ما اسمي بـ"الجيش السوري الحر".

- دهن طائرات الناتو بلون الطيران في بعض الدول العربية خاصة القطرية والسعودية لتكليف هذه الطائرات بالمهمة ذاتها التي قام بها الناتوفي ليبيا لجهة تدميرها والاجهاز على نظام معمر القذافي.

- تصوير افلام في الهند والاردن وتركيا اعتمدت فيها مجسمات مشابهة للقصر الجمهوري في دمشق ولساحة الامويين والسبع بحرات والمسجد الاموي والساحات الرئيسية في المدن السورية الكبرى لبثها في التوقيت الملائم والقول إن المتظاهرين الخارجين على النظام ملأوا الساحات بعد "الانشقاق الكبير" المزعوم في الجيش، ما يؤدي حسب الخطة الى تشجيع خروج السوريين ضد النظام.

 

اذن، الجامعة العربية وبالقيادة القطرية، تأمل بلعب دور " مجلس امن عربي " لمصلحة اميركا وضد بلد عربي مؤسس لها، دور فرضته أميركا، بعد ان عطلت موازين القوى دور مجلس الامن الدولي، فهل ستنجح في المهمة ؟

من المفيد ان نذكّر الجامعة ومن يشغّلها، بان التضليل اوالتلفيق اوتهريب القرارات يمكن ان ينتج اثره للحظة، ولكنه يسقط حتما بالوعي والثبات، وان سورية وحلفاءها لديهم من القدرة والاستعداد لمواجهة "مجلس الامن العربي"، ما سيظهر ان الخطة ليست اكثر من وهم يدغدغ احلام البسطاء والسطحيين والبلهاء فقط .

ويكون على هؤلاء المنفذين للاوامر الاميركية ان يعلموا ان خطتهم ما هي الا اعلان حرب على سورية، حرب لن تقف فيها على الحياد، كما يتمنون او يعتقدون، منظومة المقاومة وفي صلبها إيران، اومجموعة البريكس وفي طليعتها روسيا والصين. اننا نراهم واهمين، لان من يقصدون تحييده لن يكون قتاله اصلا من أجل سورية فقط، رغم الاتفاقات والعلاقات، بل انه سيقاتل من اجل نفسه وللدفاع عن مصالحه، ومن يدخل معركة دفاعية لا يستأذن احداً ولا يتوقف عند رغبات خصم، ما يعني ان ما يتوهمونه من تحييد لن يحصل، وما يتمنون تحقيقه في الخطة البديلة لن يؤتي أكله، وهو في اقل تقدير، ان جرى تنفيذه، سيعيد الامور الى المربع الاول أي إلى جهة الحرب الاقليمية المفتوحة والشاملة والتي قلنا فيها رأينا سابقا بانها لن تحصل.

ونعود ونكرر بأن الخطة هذه التي يعدونها ما هي إلا ملهاة يمنون النفس بأنها ستقود سورية الى انهيار إدراكي ما يعوض عليهم شيئا من خسائرهم.

وخلاصة الامر نرى، ان ما يصر بعض العرب عليه للقيام بوظيفة عجزت اميركا وحلفها الاطلسي عن القيام بها ضد سورية من اجل حماية مصالح الغرب والصهيونية هوامر لن يكون له حظ في النجاح ولن يكون له من اثر الا افتعال ازمات اضافية داخل الصف العربي المثخن بالجراح اصلا، وهذا ما تطلبه "إسرائيل" ايضا للتفرغ لتهويد القدس وابتلاع الضفة الغربية. نعم على العرب المسيرين اليوم بالأوامر القطرية ـ الأميركية ان يتذكروا ان من افشل الاصيل لن يعجزه افشال البديل الوكيل ولن يقيض لـ"مجلس الامن العربي" المبتدع خليجياً ان يرى نورا يجعل الآخرين ينصاعون اليه ، اذ رغم كل ما يكيدون، فان سورية التي تمتلك اوراق القوة الذاتية والتحالفية، هي اقوى بكثير مما يتصورون، خاصة ان ازمتها دخلت مرحلة التصفية والقضاء على المتآمرين عليها، واعتقد انهم في اعماقهم يدركون هذا، ولهذا تضربهم هستيريا الفشل ويتصرفون بذهنية من نفد وقته .

  • فريق ماسة
  • 2011-11-24
  • 8901
  • من الأرشيف

خطة الانتقام الأميركي ـ الخليجي من سورية... فضيحة أم وَهْم؟..

في الملف الليبي لعبت الجامعة العربية دور الوسيط المهيئ لقرار من مجلس الأمن يسلم ليبيا إلى الحلف الاطلسي. ونجحت الخطة التي حبكت بمراحلها الثلاث وفقا لما يقول برنار هنري ليفي ـ وهومن بات يسمى مهندس الثورات العربية ـ نجحت بإطاحة معمر القذافي وإفراز وضع اقل ما يقال فيه انه وضع ليبيا في القبضة الغربية وفتح افريقيا عبرها امام الحلف الاطلسي بالقيادة الاميركية. كل هذا ما كان ليحصل لولا الدور الذي لعبته الجامعة العربية في تعليق عضوية ليبيا فيها ثم "الاستغاثة بمجلس الامن لحماية المدنيين" وفرض حظر جوي عليها ما مكن الحلف الاطلسي من تدميرها وتنفيذ خطته كاملة فيها. وشاء المخطط الغربي ان يكرر التجربة اوما يسمى النموذج الليبي في سورية وبالوسائل ذاتها. ومن أجل ضمان نجاح الخطة، خاصة في انطلاقها في الجامعة العربية، أَمَرَ باستبدال الرئاسة النصف سنوية للجامعة ونقلها من فلسطين الى قطر البلد الاصغر في العالم العربي، والاوثق ارتهانا وارتباطا بالغرب وبقيادته، والأكثر تأثيراً بماله وإعلامه في الساحة العربية. لكن الغرب صُعِق لرؤيته الطريق يُقطع عليه سياسيا في مجلس الأمن عبر فيتو منظومة البريكس، وميدانياً في سورية والمنطقة عبر تهديد منظومة المقاومة. ولان الملف السوري بات بالنسبة الى أميركا ملف الملفات او الاساس في كل ملفاتها الاستراتيجية، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم كله، ذلك لان النجاح فيه يعوض الخسائر الاستراتيجية الأميركية ويتيح لأميركا العودة الى الامساك بالمنطقة مجدداً. لهذا قرر الأميركي تخطي الموانع وايجاد البديل فكانت الجامعة العربية هي المفتاح. هذه الجامعة، التي تتحول الآن وبقرار اميركي وادارة قطرية الى بديل من مجلس الامن الدولي، تسير في تنفيذ الخطة التي وضعتها اميركا والتزمها مجلس التعاون الخليجي المتحكم بقرار الجامعة الآن، وهي الخطة المركبة كالتالي: - سياسياً: بعد تهريب قرار تعليق مشاركة الوفود السورية في اجتماعات الجامعة وهيئاتها، جرى تجاوز تنفيذ نص القرار وانقلابه الى تعليق واقعي لعضوية سورية في الجامعة، تتجه الجامعة، بعد ان اتتها كلمة السر من الغرب، حيث اعتبر آلان جوبيه وزير خارجية فرنسا ان بلاده ومن خلفها الاتحاد الأوربي ايضا، تعتبر مجلس اسطنبول المسمى "المجلس الوطني السوري" هوالمحاور الشرعي باسم سورية وان الاعتراف به كممثل شرعي لسورية سيأتي لاحقاً، تتجه الجامعة الى مثل هذا الاعتراف. - وعلى صعيد الجيش تتجه الخطة الى تنظيم المسلحين والجنود الفارين من الجيش والقوات المسلحة الشرعية وتأطيرهم تحت مسمى "الجيش السوري الحر" ، ثم تدريب وتسليح هذا التجمع وتكليفه القيام بمهام عسكرية بأمرة "المجلس الوطني السوري" لينازع الجيش العربي السوري شرعيته، بعد الترويج المزعوم لحدوث "الانشقاق الكبير فيه" . - اقتصادياً: تقوم الجامعة بفرض عقوبات اقتصادية على سورية تحت عنوان محاصرة النظام من اجل الشعب، وتهدف في الحقيقة الى تجويع الشعب من اجل تثويره على النظام. - أمنياً: تتجه الجامعة وتحت عنوان حماية المدنيين، الى اعتماد القرار المتعذر صدوره في مجلس الامن الدولي، والشبيه بالقرار 1973 المتعلق بليبيا، قرار يجيز التدخل العسكري "العربي" متجاوزة في ذلك الفيتو الروسي – الصيني، ورافعة حاجزا امام التدخل الايراني نصرة لسورية، باعتبار ان الشأن عربي ولا يحق "لغير العرب التدخل فيه" ( طبعا انها تلفيقة سمجة وكذبة مفضوحة ). ويبدوان التحضيرات والاعمال التمهيدية لوضع هذا القرار موضع التنفيذ قد بدأت من خلال ما جرى تسريبه او كشفه من اعمال من قبيل : - دهن طائرات أردنية باللون الذي تعتمده سورية لطائراتها وبالعلم السوري، من أجل استثمارها للترويج لوجود انشقاق في الطيران السوري، وان الطائرات المنشقة بدأت مساندة جوية لقوى ما اسمي بـ"الجيش السوري الحر". - دهن طائرات الناتو بلون الطيران في بعض الدول العربية خاصة القطرية والسعودية لتكليف هذه الطائرات بالمهمة ذاتها التي قام بها الناتوفي ليبيا لجهة تدميرها والاجهاز على نظام معمر القذافي. - تصوير افلام في الهند والاردن وتركيا اعتمدت فيها مجسمات مشابهة للقصر الجمهوري في دمشق ولساحة الامويين والسبع بحرات والمسجد الاموي والساحات الرئيسية في المدن السورية الكبرى لبثها في التوقيت الملائم والقول إن المتظاهرين الخارجين على النظام ملأوا الساحات بعد "الانشقاق الكبير" المزعوم في الجيش، ما يؤدي حسب الخطة الى تشجيع خروج السوريين ضد النظام.   اذن، الجامعة العربية وبالقيادة القطرية، تأمل بلعب دور " مجلس امن عربي " لمصلحة اميركا وضد بلد عربي مؤسس لها، دور فرضته أميركا، بعد ان عطلت موازين القوى دور مجلس الامن الدولي، فهل ستنجح في المهمة ؟ من المفيد ان نذكّر الجامعة ومن يشغّلها، بان التضليل اوالتلفيق اوتهريب القرارات يمكن ان ينتج اثره للحظة، ولكنه يسقط حتما بالوعي والثبات، وان سورية وحلفاءها لديهم من القدرة والاستعداد لمواجهة "مجلس الامن العربي"، ما سيظهر ان الخطة ليست اكثر من وهم يدغدغ احلام البسطاء والسطحيين والبلهاء فقط . ويكون على هؤلاء المنفذين للاوامر الاميركية ان يعلموا ان خطتهم ما هي الا اعلان حرب على سورية، حرب لن تقف فيها على الحياد، كما يتمنون او يعتقدون، منظومة المقاومة وفي صلبها إيران، اومجموعة البريكس وفي طليعتها روسيا والصين. اننا نراهم واهمين، لان من يقصدون تحييده لن يكون قتاله اصلا من أجل سورية فقط، رغم الاتفاقات والعلاقات، بل انه سيقاتل من اجل نفسه وللدفاع عن مصالحه، ومن يدخل معركة دفاعية لا يستأذن احداً ولا يتوقف عند رغبات خصم، ما يعني ان ما يتوهمونه من تحييد لن يحصل، وما يتمنون تحقيقه في الخطة البديلة لن يؤتي أكله، وهو في اقل تقدير، ان جرى تنفيذه، سيعيد الامور الى المربع الاول أي إلى جهة الحرب الاقليمية المفتوحة والشاملة والتي قلنا فيها رأينا سابقا بانها لن تحصل. ونعود ونكرر بأن الخطة هذه التي يعدونها ما هي إلا ملهاة يمنون النفس بأنها ستقود سورية الى انهيار إدراكي ما يعوض عليهم شيئا من خسائرهم. وخلاصة الامر نرى، ان ما يصر بعض العرب عليه للقيام بوظيفة عجزت اميركا وحلفها الاطلسي عن القيام بها ضد سورية من اجل حماية مصالح الغرب والصهيونية هوامر لن يكون له حظ في النجاح ولن يكون له من اثر الا افتعال ازمات اضافية داخل الصف العربي المثخن بالجراح اصلا، وهذا ما تطلبه "إسرائيل" ايضا للتفرغ لتهويد القدس وابتلاع الضفة الغربية. نعم على العرب المسيرين اليوم بالأوامر القطرية ـ الأميركية ان يتذكروا ان من افشل الاصيل لن يعجزه افشال البديل الوكيل ولن يقيض لـ"مجلس الامن العربي" المبتدع خليجياً ان يرى نورا يجعل الآخرين ينصاعون اليه ، اذ رغم كل ما يكيدون، فان سورية التي تمتلك اوراق القوة الذاتية والتحالفية، هي اقوى بكثير مما يتصورون، خاصة ان ازمتها دخلت مرحلة التصفية والقضاء على المتآمرين عليها، واعتقد انهم في اعماقهم يدركون هذا، ولهذا تضربهم هستيريا الفشل ويتصرفون بذهنية من نفد وقته .

المصدر : صحيفة البناء/ العميد أمين حطيط


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة