دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
دحض موقع الحقيقة، التقرير الذي نشرته منظمة "هيومان رايتس ووتش" في السابع والعشرين من الشهر الجاري، واتهمت فيه السلطة في سورية بنقل المئات من المعتقلين السوريين إلى أماكن اعتقال سرية بعيدا عن أعين المراقبين العرب. وزعمت المنظمة أنها تلقت هذه المعلومات من ضابط أمن سوري. وقالت ما حرفيته "إن ضابط الأمن أبلغها بأنه بعد توقيع سورية على بروتوكول الجامعة العربية في 19 من الشهر الجاري " تلقى أوامر من مدير السجن
الذي يعمل فيه بالمساعدة في عملية نقل مفاجئة للمحتجزين". وأضاف إنه "بين 21 و22 ديسمبر/كانون الأول تم نقل نحو 400 إلى 600 محتجز إلى خارج منشأة الاحتجاز التي يعمل بها إلى مراكز احتجاز أخرى". وقال المسؤول الأمني المزعوم "تمت عمليات النقل على مراحل (...)وكانت الأوامر الصادرة لي من مدير السجن هي إخراج المحتجزين المهمين"! أما بيت القصيد في القصة كلها، يتابع موقع الحقيقة قائلا، فهي أن المسؤول المفبرك هذا ، زعم بأن المسؤولين الذين نقلوا السجناء خارج منشأة الاحتجاز "أخبروه بأنهم نُقلوا إلى مصنع صواريخ عسكري في زيدل على مشارف حمص"!
وكان برهان غليون أعلن أول أمس الخميس ، عقب لقائه مع الأمين العام للجامعة العربية ، أن عددا كبيرا من المعتقلين يتم إخراجه من السجون و" يوضع في ثكنات عسكرية وحاويات في سفن بعرض البحر في طرطوس ، وجزء منهم في الفرقة الثالثة ، وجزء آخر موجود في الفرقة 138 من أجل إخفاء وجودهم".
يتابع الموقع قائلا: لسنا معنيين هنا بالحديث عن التخريف المتعلق بالفرقة 138 ، لسبب بسيط جدا هو أنه لا يوجد في الجيش السوري فرقة تحمل هذا الرقم! ما يعنينا هنا هو حديثه عن الحاويات البحرية ، وعلاقة ذلك بما قالته "هيومان رايتس ووتش" و بالمذكرة السرية الخطيرة جدا التي أرسلها"مجلس اسطنبول" لوزارة الخارجية الأميركية والخارجية الفرنسية والاتحاد الأوربي قبل نحو ثلاثة أسابيع ، وتمكنت "الحقيقة" من الحصول على مضمونها وعلى صور من بعض ملاحقها. وهي مذكرة لا يمكن أن يضعها أي قضاء في سوريا ، مهما كانت طبيعته، إلا تحت بند " الخيانة الوطنية والتجسس لصالح قوى أجنبية معادية وتزويدها بمعلومات تمس الأمن الوطني الاستراتيجي وأمن القوات المسلحة السورية"، آخذين بعين الاعتبار أن أي معلومة من هذا النوع تصل الولايات المتحدة تجد طريقها بشكل أتوماتيكي إلى تل أبيب!
لكن دعونا نبدأ بما زعمته "هيومان رايتس ووتش" ، ونكشف عن كذبها لجهة ما يتعلق بمصدرها.
أولا ـ يعرف أي شخص لديه ولو حدا أدنى من المعلومات عن الشؤون الأمنية والحقوقية في سوريا أن مدير سجن لا يمكن أن يأمر مسؤولا أمنيا بنقل سجناء ، ليس إلى مكان آخر فقط ، بل حتى إلى المشفى ، والعكس هو الصحيح. اذ لا يستطيع في بعض الحالات نقلهم حتى إلى مشفى دون موافقة الفرع الذي الذي اعتقلهم وأودعهم لديه، فكم بالأولى أن يطلب منه نقلهم إلى مقرات عسكرية ذات طابع استراتيجي!!؟ وينطبق هذا على السجون المدنية والعسكرية ، سواء بسواء. ولكن من هو مصدر "هيومان رايتس ووتش"؟ هذا ينقلنا إلى الفقرة الثانية.
ثانيا ـ مصدر "هيومان رايتس ووتش" ليس ضابط أمن سوريا ، بل وزارة الخارجية الأميركية ، وتحديدا جيفري فيلتمان ، نائب وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأوسط . ليس فقط لأن مسؤولا في المنظمة المذكورة أخبرنا بالأمر منذ ثلاثة أسابيع ، كما سنبرهن بالأدلة والوثائق أدناه، بل لأن هذا المسؤول الذي أخبرنا بالأمر، هو نفسه من كشف لنا محتوى مذكرة ما يسمى "مجلس اسطنبول" وأرسل لنا صورا عن ثلاثة من ملاحقها "العسكرية"، وهو الذي كشف لنا في حينه أن الخارجية الأميركية هي من طلبت من " هيومان رايتس ووتش" بدء حملة إعلامية حول نقل المعتقلين إلى أماكن سرية بهدف تهيئة الرأي العام للخطوات اللاحقة المتعلقة بإثارة ملف الأسلحة الاستراتيجية السورية على الطريقة العراقية!
ثالثا ـ إن ما قاله الدكتور غليون في تصريحه عن الحاويات البحرية ، وعن الفرقة 138 المزعومة، ورد حرفيا في مذكرة "مجلس اسطنبول" إلى الخارجية الأميركية، كما سنبرهن أدناه.
رابعا ـ إن حديث "هيومان رايتس ووتش" عن مصنع الصواريخ في " زيدل" ورد حرفيا في الفقرة الثانية من مذكرة"مجلس اسطنبول" المشار إليها. وهذا كله ينقلنا إلى موضوع المذكرة المعنية بحديثنا.
ففي 12 من الشهر الجاري تلقينا معلومات من ثلاثة مصادر ، أحدها " مكتب سوريا ولبنان" في الخارجية الفرنسية ، والثاني في قسم الشرق الأوسط بمنظمة "هيومان رايتس ووتش" ، والثالث من أوساط قيادة "مجلس اسطنبول" نفسه. وقد أكدت المصادر الثلاثة أن "المجلس" أرسل لوزارتي الخارجية الأميركية والفرنسية والاتحاد الأوربي مذكرة يزعم فيها أن النظام السوري نقل سرا آلاف المعتقلين إلى حاويات في عرض البحر تحملها زوارق وطوربيدات تابعة لقاعدتي " مينة البيضا" وطرطوس السوريتين . وقد حرصت المذكرة على التلميح الخبيث ( مفهوم المقاصد) إلى أن الخبراء الروس المرابطين في قاعدة طرطوس ربما يكون لديهم علم بذلك!
المذكرة زعمت أيضا أن المئات من المعتقلين " المهمين " ( التعبير نفسه ورد في بيان " هيومان رايتس ووتش"!؟) جرى نقلهم إلى مصنع " زيدل " للصواريخ ، وحرصت ليس فقط على تحديد مكانه ، بل وإرفاق ملحق مصور عن المصنع مع إحداثياته على خطي الطول والعرض!؟ كما وأشارت إلى أن بعض هؤلاء المعتقلين جرى نقلهم إلى مصنع آخر للصواريخ أيضا قرب بلدة السلمية في محافظة حماة ، على علاقة بالمصنع الأول. ولم تكتف المذكرة بذلك ، بل قالت إن قسما آخر من المعتقلين جرى نقلهم إلى مصنع " الزاوي" قرب منطقة مصياف في المحافظة نفسها.
والأدهى من هذا كله ، وما يؤكد أن الغاية من المذكرة ليس حقوق الإنسان ولا أي " بطيخ" من هذا القبيل ، بل المساهمة في " تركيب ملف" شبيه بالملف العراقي قبيل الغزو، هو أن المذكرة زعمت أن المصانع الثلاثة تحتوي على أنشطة بيولوجية وكيميائية ونووية محظورة دوليا ، وأن هذه المنشآت هي نفسها التي تطالب "هيئة الطاقة الذرية الدولية" بتفتيشها منذ سنوات!؟
النغم الأكثر وساخة الذي نفخته المذكرة في طنبورها القذر، هو أن هذه المصانع ـ وكما قالت حرفيا ـ تضم "خبراء من إيران وحزب الله ، وهؤلاء قد يعملون على قتل المعتقلين لأن المعتقلين. ولمزيد من التحريض ، أضاف إليهم خبراء من روسيا وكوريا الشمالية!
"الحقيقة" ، وفور تلقيها هذه المعلومات ، عملت على إعداد تقرير بشأنها ووضعه في "السيرفر" بتاريخ الثاني عشر من الشهر الجاري ، بحيث لا يكون متاحا الوصول إليه من القراء إلا في الوقت المناسب. والواقع إنما كنا "ننصب كمينا" لمن وقف وراء "المذكرة" ، لإدراكنا بأن لسانه سيزل به لاحقا وينطق بما يشير إلى مضمونها ، أو أن جهة غربية ما ستقوم بتسريب محتواها. وهذا ما حصل فعلا ؛ فبعد أقل من ثلاثة أسابيع على إرسال المذكرة، وفي يوم واحد، أطلق الدكتور غليون تصريحه عن " الحاويات البحرية" ، فيما تكفلت " هيومن رايتس ووتش" بالحديث عن قضية " مصنع زيدل"! ولم يكن بإمكان غليون الاقتراب من أمر القضية الثانية (" مصنع زيدل" )، لعلمه المسبق بأن إثارة قضية هذا المصنع ربما تكون سببا لضربه وضربه أعضاء مجلسه كلهم بالأحذية في الشوارع السورية. فهو يعلم أن الأمر يتعلق بالأمن الوطني ـ الاستراتيجي لسوريا ، وليس بأمن السلطة ، وبنقل معلومات تخص هذا الأمن إلى جهات "معادية" ، فضلا عما ينطوي عليه ذلك من تحريض على غزو بلاده ومن سلوك لا يمكن لأي قاض وصفه قانونيا إلا بسلوك تجسسي فاضح وسافر لا ريب فيه.
تبقى الإشارة أخيرا إلى أن لدينا المزيد من " الكمائن" التي نحتفظ بها على هذا الغرار، وسيتم الكشف عنها في وقتها ، أي بعد أن تخون أصحابها ألسنتهم . وهو ما كنا قمنا به أيضا الأسبوع الماضي حين كشفنا عن فضيحة "العربية" والمحتال المصري " مستشار محجوب" الذي زعم أنه مراقب في البعثة العربية ، وأنه يتحدث من "بابا عمرو.
من جهة ثانية، علمت الحقيقة ان ما يسمى "هيئة التنسيق الوطني" ، ممثلة بهيثم مناع ـ مسؤول الهيئة في الخارج، وبرهان غليون ، رئيس "مجلس اسطنبول" وقعا اتفاقا في ساعة متأخرة من مساء أمس الجمعة ينص في فقرته الأولى ، ضمنا وفي أي قراءة قانونية، على السماح بتدخل عسكري عربي لإسقاط النظام في سوريا ، باعتبار أن التدخل العربي "لا يعتبر أجنبيا" ، بحسب ما ورد في الفقرة الأولى من الاتفاق .
ونصت هذه الفقرة على " رفض أي تدخل عسكري أجنبي يمس بسيادة واستقلال البلاد، ولا يعتبر التدخل العربي أجنبيا". وهو ما يعني حتما ـ وفق مرجع قانوني ـ السماح بجميع أشكال التدخل العربية ، بما فيها العسكرية ، طالما أن الاتفاق "لا يعتبر التدخل العربي أجنبيا". وقالت مصادر"الحقيقة" إن توقيع الاتفاق جاء بعد ضغوط مارستها الجامعة العربية ، وبشكل خاص قطر ـ رئيسة اللجنة العربية المعنية بالملف السوري ، على قيادة ما يسمى " هيئة التنسيق الوطني".
وطبقا لمصدر مقرب جدا من المتفاوضين في القاهرة ، فإن الفقرة الأولى "صيغت على هذا النحو من الجانب القطري". وقال المصدر إن هيئة "التنسيق" لم ترفض الصيغة لأنها اعتبرتها "حمالة أوجه ويمكن لكل طرف تفسيرها بالطريقة التي تناسبه . فالهيئة يمكنها أن تجعل مبدأ عدم التدخل العسكري شاملا للتدخل العربي أيضا ، والمجلس يستطيع أن يقول إن التدخل العسكري مرفوض إذا كان أجنبيا فقط"!
وجاء توقيع الاتفاق بعد أقل من أربعة أيام على بيان من "هيئة التنسيق" اتهم " المجلس" بالتنصل من التفاهمات التي جرى التوصل إليها خلال الأسابيع الأخيرة. ولوحظ أن الاتفاق تجنب الإشارة إلى أهم نقطة خلافية بين الجانبين ، والتي كانت "الهيئة" أصدرت بيانها المذكور على خلفيتها ، وهي المتعلقة بـ" الصلاحية التمثيلية " لأي لجنة تنبثق عن "المؤتمر الوطني السوري" العتيد ، والذي يفترض أن يعقد في ظل رعاية جامعة الدول العربية الشهر القادم. وكانت "الهيئة" أكدت في بيانها أن "المجلس" يرفض إعطاء أي لجنة تنبثق عن المؤتمر صلاحية تمثيلية للمعارضة السورية ، وأصر على أن تكون "لجنة تنسيقية أكثر مما هي لجنة تمثيلية للمعارضة ككل".
وإلى ما تقدم ، فقد تجنب الإشارة من قريب أو بعيد إلى العمليات العسكرية والتخريبية التي ينفذها مجرمون وقتلة تحت اسم "الجيش السوري الحر" الذي أصبح عباءة فضفاضة لكل من يريد حمل السلاح في سوريا مدعيا أنه ضابط أو عسكري " منشق" ، بما في ذلك المهربون وقطاع الطرق وتجار المخدرات وحتى الجواسيس. وقد رأينا خلال الأشهر الأخيرة أمثلة لا حصر لها على ذلك. وأبرز دليل على هذا أن " الجيش" المذكور بات يتزود بالأسلحة الإسرائيلية ويظهرها بشكل صريح دون أي خجل، بما فيها رشاشات "عوزي" وقنابل يدوية وقذائف مضادة للدبابات.
وكانت الأجهزة الامنية السورية ضبطت كميات كبيرة من هذه القنابل والقذائف التي تحمل كتابات عبرية. كما أن المسؤول الإعلامي لما يسمى "الجيش الحر" في منطقة جبل الزاوية وإدلب أعلن جهارا أن لديهم أسلحة إسرائيلية ، مبررا ذلك بالحاجة إلى السلاح.
وبحسب تعبير أحد المراقبين ، فإن " كل فقرة في الاتفاق تحتاج إلى اتفاق خاص بها لتفسيرها" ، وإن الاتفاق تجنب الخوض في المسائل الأكثر حساسية ، وحين تطرق إليها ، فإنما بشكل غامض و " حمال أوجه، وهو ما يمكن أن يتحتاج قريبا إلى محكمين مثل " أبو موسى الأشعري" و " عمرو بن العاص" ، وإلا فإن "صفين" جديدة يمكن أن تنشأ عنه وبسببه!؟
المصدر :
الماسة السورية\ الحقيقة
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة