دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
مع منعطف الرهان على خطة كوفي أنان في سورية، يبدو من الضروري تقويم محصلة «تدويل الأزمة» برصد نتائج سياسات الغرب وحلفائه العرب ازاء سورية من جهة، وديناميكية الموقف الروسي من جهة ثانية. فموسكو تظهر اليوم على أنها الداعم الأساسي لخطة أنان للسلام، مكتسبة شرعية جديدة لموقفها من تصريحات وفد المعارضة الداخلية الذي زارها أول أمس، مقابل دور غربي ـ خليجي صعّد في مواقفه الشفهية من النظام السوري بشكل ساهم في تعميق «الأزمة السورية» من دون تقديم أي مخارج فعلية للمعارضة أو للسوريين عموماً.
وفي مقال بعنوان «مَن كسر سورية؟» نشرته مجلة «فورين بوليسي»، يقول الكاتب الأميركي جيمس هاركين أن السبب الأساسي لفشل الدور الدولي في سورية يكمن في أن «ادوات القانون الدولي أكثر فجاجة من أن تستخدم لحل المشاكل الحقيقية للحراك المدني»، ويشير الكاتب الأميركي إلى أنه في كانون الاول الماضي «بدا أن المجلس الوطني السوري قام بجهد منسّق لتحويل حمص إلى بنغازي سورية... فنشر المجلس روايات في الإعلام الدولي لم يكن بحاجة لنشرها لكون واقع الامور هو أصلاً بغاية السوء»، موضحاً أنه «بالتعويل على سوابق في القانون الدولي بدل الاتكال على قوة الحركة، حاولت المعارضة في المنفى الحديث عن جريمة إبادة جماعية سعياً وراء تحريك الأمور على صعيد المجتمع الدولي».
لكن هاركين يؤكد في الوقت نفسه أنه «إذا كانت هناك استراتيجية لتدويل الصراع، فقد فشلت... الأمم المتحدة لم تستطع القيام بأي شيء، بل إن وعودها بأنها قد تساعد وضعت الناشطين ومقاتلي الجيش السوري الحر تحت مزيد من الخطر». ويوضح هاركين أن هذا السيناريو يحمل الكثير من التشابه مع تاريخ التدخل «الإنساني» خلال الاعوام الـ15 الماضية، حيث «تعرض الامم المتحدة حياة الذين يحتاجون إلى مساعدتها لمزيد من الاخطار، عبر تقديمها وعوداً بالأمان لا تستطيع الالتزام بها... عبر تغيير المحفزات أمام جهتي الصراع، تجعل الامم المتحدة من هذه المحفزات أكثر انحرافاً، ما يؤدي إلى مواقف تفاوضية أكثر عناداً».
ويحذر هاركين من خطورة تمويل دول الخليج لـ«الجيش الحر» عبر «المجلس الوطني»، لأنها «لا تغذي نظريات المؤامرة التي ينشرها النظام بأن الحراك هو من صنع أيادٍ خارجية فحسب، بل تهدّد بانقسام داخل الحراك المعارض قد يؤدي إلى تقوية المجموعات السنية المتطرفة الأقدر على تعميق التوترات الطائفية». ويضيف إنه «إذا سمح للسعوديين والقطريين بنقل كميات كبيرة من الاموال والسلاح، فستكون النتيجة المرجحة تسليط طبقة فاسدة جديدة من وسطاء تجارة السلاح والمجموعات السلفية».
في المقابل، تشير مجلة «كريستيان ساينس مونيتور» إلى الدور الروسي في دعم خطة انان للسلام في سورية، وتنقل عن رئيس «معهد التقويمات الاستراتيجية في موسكو» المستقل الكسندر كونوفالوف قوله «إنه موقع غير مألوف لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى جانب السلام والعقلانية في سوريا».
ويضيف كونوفالوف «من الضروري دعم خطة أنان، على الأقل لأنها الخطة الوحيدة المطروحة. إذا كانت القوى الاخرى تعارضها فعلا وتحاول سراً تغذية نيران الحرب الأهلية كما يزعم لافروف، فستكون هي التي تتحمل المسؤولية إذا انهار كل شيء. بعد أشهر من تلقي الاتهامات بالعرقلة، تبدو الأمور أفضل بكثير لروسيا اليوم».
من جهته، يقول المحلل لدى وكالة «ريا نوفوستي» الروسية الرسمية ديميتري بابيش إنه «حتى الأسبوع الماضي كان الغرب يميل إلى انتصار للثوار بأي ثمن، لكن اليوم هناك حماس أقل بكثير لذلك»، موضحاً أن ذلك «حدث أساساً لأن الثوار فشلوا في السيطرة على أية مدينة كبيرة، وبسبب النجاح العسكري للأسد». ويؤكد بابيش أنه «في الحقيقة موقف روسيا لم يتغير كثيراً. موسكو لم تكن يوماً مشجعة شغوفة للأسد، ولم تكن مستعدة للقيام بأي شيء لإنقاذه، لكنها كانت قلقة من فكرة أن يكون هناك سوابق إضافية تسمح بتدخل خارجي ضخم في شؤون دولة ذات سيادة».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة