دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
عند توالي صدور الدعوات الخليجية لرعايا بعض الدول إلى مغادرة لبنان وعدم القدوم إليه، كان مرجع لبناني يسعى جاهداً لاستقراء خلفيات هذه الخطوة التي أتت مفاجئة وفي غير سياقها الطبيعي.
لم يحظ المرجع بأية أجوبة شافية، فالسفراء في بيروت لا يعرفون شيئاً، وسفير الدولة الخليجية الكبرى الذي زاره قبل يومين، كان يتحدث بالحوار ويشجع عليه، في حين أن المرجع يعرف تماماً أن بعض هذه الدول لا تتخذ قراراً مماثلاً من دون العودة إلى هذه الدولة؛ للاستشارة أو لغير ذلك، فكان أن استنتج هذا المرجع أن ثمة شيئاً ما يحاك في الخفاء، وأن هذه الدول تعلم شيئاً، وبعضها "يعمل" أشياء تجعله في موقع العارف بما سيحمله المستقبل.. فأتاه الجواب في اليوم التالي عندما تطورت عملية استفزاز مقصودة للجيش.. إلى آخر السيناريو المعروف.
وعلى خطورة ما حصل في الشمال نهاية الأسبوع الماضي، يؤكد العارفون أن هذا لم يكن سوى "قمة جبل الجليد"، فما حصل في الشمال أتى تطبيقاً مثالياً للرسالة السورية التي تحدثت عن مسعى لإقامة منطقة عازلة في الشمال، بعد أن فشلت كل أفكار المنطقة العازلة في الجنوب التركي والشمال السوري.
وتؤكد المعلومات أن المنشق رياض الأسعد أصبح موجوداً في الأراضي اللبنانية، وفي نقطة قريبة من الحدود، حيث يحظى بدعم لوجستي كبير من فريق لبناني نافذ. وتشير هذه المعلومات إلى أن الأسعد دخل لبنان عبر منفذ بحري، وبجواز سفر تركي، آتياً من مرسين، وعلى الرغم من نفي ما يسمى "الجيش الحر" لهذه المعلومات، إلا أن الأسعد لم يظهر في أي مناسبة إعلامية، أو غير إعلامية منذ ذلك التاريخ. ويقول منشق يسكن في المخيم الذي أقامه الأتراك للمنشقين، إن الأسعد ليس موجوداً هناك بالتأكيد، وإن من يسأل عنه يجاب بأنه (الأسعد) في مهمة في اسطنبول، واللافت أن الأسعد لم يخرج بنفسه لإصدار النفي، رغم كل ما أذيع، حيث بقي هاتفه مقفلاً، وكذلك هواتف مرافقيه المقربين منه، فيما اكتفى ضباط منشقون صغار الرتبة بالتصريح، ومرشد الإخوان رياض الشقفة تبرع بالقول إن الأسعد في مهمة في اسطنبول.
ورغم أن المصادر اللبنانية لا تجزم ببقاء الأسعد، إلا أنها ترى في هذه الخطوة دفعاً حثيثاً للبنان للتورط في الملف السوري، وتخفيف الضغط عن المعارضة المسلحة التي انهكت بسبب ضربات الجيش السوري المكثفة التي تعرضت لها، والتي تأثرت بالإجراءات الحدودية التي يتخذها الجيش، مشيرة إلى أن الأسعد لن يستطيع الخروج بذات الطريقة التي دخل منها، وأن منفذه نحو تركيا قد لا يتم إلا عبر الأراضي السورية، مع ما يرافق ذلك من مخاطر أمنية، إلا إذا نجح النافذون اللبنانيون في تأمين مخرج آخر، وربما كانت التطورات الشمالية، وما رافقها من "همروجات" مسلحة امتدت إلى بيروت، عبر الحشد العسكري ومئات الملثمين لمواجهة أربعة أو خمسة عناصر من "التيار العربي"، جزءاً من فوضى منظمة من أجل عيون الأسعد من جهة، ومحاولة خليجية للدخول على خط التفاوض الإيراني - الغربي - الأميركي من جهة ثانية، لاسيما أن مركز المفاوضات هو بغداد.
وتقول مراجع لبنانية معنية، إن الجيش اللبناني تروّى في التعاطي مع هذه الأحداث التي جرت مؤخراً، على الرغم من خطورتها، لإدراكه حقيقة ما يجري التخطيط له، مفضلاً عدم الخوض في مسار قد يصعّد الأمور، ومن دون أن يتخلى عن ثوابته. وأشارت المراجع إلى أن ما جرى من إقفال طرق وانتشار العناصر الحزبية، والمترافق مع دعوات لإنشاء "جيش لبناني حر"، مؤشرات كافية على هذا المشروع الذي من شأنه أن يقيم منطقة عازلة فعلية، تجعل من الشمال اللبناني قاعدة لاستهداف سورية وعاصمة لـ"إمارة" يحلم بها البعض. وتحذر المراجع من أن استهداف وحدة الجيش "خط أحمر" لا يمكن القبول بها، وبالتالي سيتم التعاطي معها بحزم فوق المعتاد.
وتؤكد المعطيات المتوفرة لدى هذه المراجع، وجود أكثر من 300 مسلح من المعارضة السورية في الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى عدد آخر من اللبنانيين المتورطين في الشأن السوري، مشيرة إلى أن أحداث الشمال، والإقفال المتنقل للطرقات في أكثر من منطقة في لبنان، تم استغلالها لزيادة نشاط التنقل باتجاه سورية، حيث رصدت القوات السورية عملية تهريب واسعة كان يقوم بها رجال ونساء، تم الاشتباك معهم من قبل القوات السورية لدى محاولتهم دخول الأراضي السورية، وليس العكس كما أشيع. وأوضحت المصادر أن كميات من الذخائر كانت تنقل بشكل حثيث خلال هذه الأيام، بينها صواريخ مضادة للدبابات من طراز "كورنيت"، بالإضافة إلى صواريخ مضادة للطائرات تُحمل على الكتف.
المصدر :
الماسة السورية/ عبد الله ناصر
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة