دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
في كل منعطف مفصلي دخلته الأزمة السورية، كانت واشنطن تبدو أكثر ارتباكاً... وإن لم تعترف إدارتها بذلك مباشرة، إلا أن كل ما خرج عن دوائر القرار لديها وما عكسته الأجواء المرافقة كان يوحي بتخبط أميركي لا ينتهي في «الدوامة السورية».
وفي هذا الإطار، اعتبرت مجلة «نيويوركر» أن «المجازر الأخيرة في سوريا لم تكن سوى أحد أعراض الأزمات المتشابكة التي تطغى على المشهد، بما لا يسمح لأميركا أو أي من حلفائها برسم مسار عمل واضح للتحرك».
وعليه، يستطرد كاتب «نيويوركر» فيليب غورفيتش مستعرضاً بعض هذه الأزمات بداية من أن «الأمم المتحدة والجامعة العربية اختارتا معاً كوفي أنان للتفاوض مع نظام الأسد، في حين وافق الأخير، كسباً للوقت، على وقف إطلاق النار وإطلاق المعتقلين بصورة تعسفية وضمان حرية الإعلام والإغاثة والتجمع وتوفير الظروف الحاضنة للحوار السياسي»، مضيفاً «منذ نهاية آذار دخلت خطة المبعوث الأممي حيّز التنفيذ، لكن من دون أن يتم الوفاء بأي من شروطها. ثم تصاعدت أعمال العنف، وتغلغل الجهاديون في الصراع السوري ما زاد المخاوف من أن مثل هذه المجموعات ستسيطر على الغالبية السنية في البلاد في وقت تنزلق الأمور باتجاه الحرب الأهلية».
يعلّق غورفيتش على ما سبق بالقول إنه «لا يمكن التعامل مع سوريا بمعزل عما يحيط بها. ما يهم الولايات المتحدة في المنطقة هذه الفترة هو تجنب أي حرب محتملة بين إسرائيل وإيران»، كما أن «هناك خطر اندلاع حرب إقليمية بين السنة والشيعة، لا سيما مع بدء تسليح السعودية السنية للمعارضة السورية. وهناك أيضاً الشكوك التركية حول بناء الأكراد لقواعد لهم في سوريا. وأيضاً القلق الإسرائيلي حول تسريع الأسد لدعمه العسكري لحزب الله». ويتابع «هناك أيضاً مسألة الخوف على مخازن الأسلحة الكيميائية: هل سيلجأ الأسد لاستخدامها؟ ما الذي يضمن عدم انتشارها في حال سقوطه؟ وهناك كذلك أزمة الدعم الروسي للنظام السوري والدعم الصيني للخيار الروسي».
ينتقل الكاتب إلى الداخل الأميركي ناقلاً موقف «الصقور» أمثال السيناتور جورج ماكين وجو ليبرمان وليندسي غراهام الذين يرون أن حلّ الأزمة بسيط: حملة عسكرية بقيادة أميركا، والناتو، ضدّ الأسد. ولكن، لم تحظ هذه الفكرة بأي تأييد خلال قمة «الناتو» في شيكاغو الأسبوع الماضي، يعلق غورفيتش.
ويشرح أن «أنصار التدخل كممثل أوباما في «الناتو» ايفو دادلر يعتبر أن «انتصار» الناتو في ليبيا لا بدّ أن يحتذى كنموذج للتدخل في المرحلة المقبلة، ولكن ليس أيٌّ من العوامل الإيجابية التي دعمت هذا «الانتصار» في ليبيا، الموقع الجغرافي والسياسي وفعالية قوى المعارضة وسهولة العمليات الجوية، متاحاً في سوريا. ولذلك، كان البند المطروح في أولوية قمة شيكاغو هو إيجاد الطريقة الأمثل للخروج من مستنقع أفغانستان إلى «ما لا رجعة».
أضف إلى ذلك، والكلام لغورفيتش، أن صقور أميركا لا يملكون الإجابة على سؤال: إذا سقط الأسد من سيخلفه؟ علماً أن لا أحد غيرهم لديه هذا الجواب، بمن فيهم الفئات المعارضة التي تضم المجلس الوطني السوري بأطيافه كافة.
ما سبق دفع أوباما إلى اعتماد قاعدة عامة تقوم على تجنب اللجوء إلى الصرامة في السياسة الخارجية، مفضلاً تحديد المبادئ العامة والتعامل مع كل أزمة مستجدة على حدة. يُذكر أن أوباما أعلن الشهر الماضي في خطاب في متحف «الهولوكوست» عن إنشاء «لجنة تفادي الأعمال الوحشية» لتنسيق رد الحكومة الأميركية على الأعمال الوحشية في العالم. وحتى في ذلك الإعلان بدا اوباما مُحرجاً في وقت كان لا يزال الأسد في السلطة و«طالبان» تستصلح مساحات شاسعة في أفغانستان، يختم الكاتب الأميركي.
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة