قبل موعد صلاة الجمعة بلحظات، غصت مساجد عرسال بالمصلين. انه يوم الصلاة والعطلة الرسمية. لم يكن احد في البلدة يحتسب أن يوم عطلتهم من حفر الأرض وتحطيم الصخور، سيتحول إلى يوم لحفر الموت. هول الصدمة مما جرى لم يسمح في الساعات الأولى للاشتباك مع الجيش اللبناني في قصّ حكاية الرصاص. تعددت الروايات، ولكل طرف روايته. للأهالي قصة، وللجيش اللبناني قصته، وما بينهما 3 قتلى و10 جرحى. يقول أهالي عرسال إن سيارة B.M.W وأخرى من نوع تويوتا (فان مقفل) دخلتا البلدة لتوقيف المطلوب للقضاء اللبناني خالد احمد حميد، وان مسلحي السيارتين بادروا فوراً إلى إطلاق الرصاص على حميد الذي قتل قبل وصوله إلى المسجد لأداء صلاة يوم الجمعة. وتضيف رواية عدد من الأهالي أن المسلحين حملوا جثة حميد وتوجهوا نحو جرد عرسال، ما أثار الريبة والشك، واعتقد البعض أن المسلحين من الاستخبارات السورية أقدموا على خطف حميد المناصر للثورة السورية ويشارك في بعض أعمالها. ويتابع البعض من عرسال أن اتصالات أجريت بالجيش اللبناني الذي نفى وجود دورية له في عرسال، وان هذا النفي رسّخ قناعة عند العراسلة بأن طرفاً ثالثاً دخل على الخط ويريد العبث بأمن عرسال، فحصل الاصطدام مع دورية للجيش من طريق الخطأ.

هذه الرواية ينفيها الجيش اللبناني، ويؤكد أن دورية له تعرضت لهجوم مسلح إثر توقيفه المطلوب للقضاء اللبناني خالد حميد على ما تشير مصادر أمنية متابعة لـ«الأخبار». وقالت إن خالد احمد حميد المتهم بقضية اختطاف الأستونيين السبعة قبل نحو سنتين، كان محل ملاحقة أمنية من مختلف الأجهزة اللبنانية. وبحسب المعلومات المتداولة بشأنه، فإن الرجل مرتبط بالمدعو حسين الحجيري، العقل اللبناني المدبر لعملية خطف الأستونيين، والمرتبط برجالات من تنظيم القاعدة في العراق.

وحميد أيضاً، له صلة بما جرى في عرسال عندما حاول الجيش اللبناني توقيف المطلوب السوري حمزة القرقوز قبل 13 شهراً. حينذاك، تعرضت دورية استخبارات الجيش للحصار والتجريد من السلاح وتخريب آلياتها ومنعها من توقيف القرقوز. وتضيف المصادر الأمنية أن حميد الذي يناصر الثورة السورية ويدعمها ميدانياً، وصل إلى عرسال من سورية قبل يومين، وان التحريات لحظت وجوده فوضعت خطة أمنية لإلقاء القبض عليه. وتتابع هذه المصادر قائلة إنّ دورية استخبارات الجيش دخلت عرسال وحاولت توقيف المطلوب، ولكن أثناء فراره أصيب بطلق ناري، وغادرت الدورية بعد اعتقاله ولكنها ضلت طريقها، فطلبت المؤازرة من دورية مؤللة كانت جاهزة للتدخل في لحظة الطوارئ.

وتوضح المصادر الأمنية أن خط سير الدورية والخروج بالموقوف كانت محددة مسبقاً عبر طرق فرعية لأسباب أمنية بحتة، مشيرة إلى أن عشرات المسلحين طاردوا الدورية الأولى واصطدموا بالدورية الثانية، ما أدى إلى وقوع اشتباك لأكثر من 20 دقيقة نجم عنه استشهاد نقيب ورتيب وجرح أكثر من 8 عناصر.

هذه الرواية شبه الرسمية عمّا جرى في عرسال وجردها، لم ترض العراسلة الذين يصرّ بعضهم على وجود طرف ثالث. ويؤكد أعضاء في بلدية عرسال لـ«الأخبار» أن الأهالي فور معرفتهم بما جرى، توجهوا إلى مكان الاشتباك وعملوا على نقل جثتي شهيدي الجيش والجرحى إلى مبنى البلدية وتقديم الإسعافات الأولية للجرحى ونقل الآليات إلى باحة البلدية، مشيرين إلى أن الظهور المسلح الذي سجل في البلدة كان ردّ فعل وليس موجهاً ضد الجيش اللبناني، وانه جاء مرافقاً لتشييع خالد حميد.

لكن ما قاله أعضاء البلدية يتناقض مع ما أعلنه رئيسها علي الحجيري، الذي قال في أكثر من إطلالة إعلامية أمس إن مسلحين مجهولين اجبروا ناطور مبنى البلدية على فتح أبوابه حيث وضعوا جثتي شهيدي الجيش والجرحى. ورئيس البلدية الذي تحدّث أمس عن أن من أطلقوا النار على الدورية لم يكونوا على علم بأنها تابعة للجيش، سبق له أن تذرّع بالأمر ذاته قبل 13 شهراً، عندما جُرّد عناصر استخبارات الجيش من سلاحهم في البلدة، ومُنعوا من توقيف مطلوب. ورئيس البلدية هو ذاته الذي أعلن في أيار الماضي، في خطاب نقلته معظم وسائل الإعلام اللبنانية، أن أهالي البلدة سيتصدون بالسلاح لكل محاولة توقيف لأحدهم. وهو، بحسب تقارير الأجهزة الأمنية، يوفّر الحماية لمجموعة تعمل على دعم المعارضة السورية المسلحة، يمكن تسميتها بسهولة «تنسيقية عرسال للثورة السورية». ورغم كل ما صرّح به أعضاء في المجلس البلدي أمس للإعلام بإيجابية تجاه الجيش، فإن اللافت أن القوة الأمنية التي دخلت عرسال لتسلم جثمانَي شهيدَي الجيش وجرحاه، كانت من فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي، لا من الجيش.

وليل أمس، تفاعل ما جرى في عرسال سلباً في منطقة البقاع، إذ قطع أهالي بلدة المريجات طريق ضهر البيدر ـــ شتورا احتجاجاً على استشهاد الضابط (ابن البلدة). وكذلك قُطعت طرقات قرب أبلح وبعلبك واللبوة، احتجاجاً على ما تعرض له الجيش في عرسال.

وكانت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني قد قالت في بيان لها انه «بعد ظهر اليوم (أمس)، وأثناء قيام دورية من الجيش في أطراف بلدة عرسال بملاحقة أحد المطلوبين للعدالة بتهمة القيام بعدة عمليات إرهابية، تعرضت لكمين مسلح، حيث دارت اشتباكات بين عناصر الدورية والمسلحين أدت إلى استشهاد ضابط برتبة نقيب ورتيب، وعن جرح عدد من العسكريين وتعرض بعض الآليات العسكرية لأضرار جسيمة، بالإضافة إلى إصابة عدد من المسلحين». وأضاف البيان أنه «على أثر ذلك، توجهت قوة كبيرة من الجيش إلى المنطقة، وفرضت طوقاً أمنياً حولها، كما باشرت عمليات دهم واسعة بحثاً عن مطلقي النار». ودعت قيادة الجيش أهالي عرسال إلى «التجاوب الكامل مع الإجراءات التي ستتخذها قوى الجيش تباعاً لتوقيف جميع مطلقي النار».

  • فريق ماسة
  • 2013-02-01
  • 6108
  • من الأرشيف

القصة الكاملة لما جرى في عرسال اللبنانية

قبل موعد صلاة الجمعة بلحظات، غصت مساجد عرسال بالمصلين. انه يوم الصلاة والعطلة الرسمية. لم يكن احد في البلدة يحتسب أن يوم عطلتهم من حفر الأرض وتحطيم الصخور، سيتحول إلى يوم لحفر الموت. هول الصدمة مما جرى لم يسمح في الساعات الأولى للاشتباك مع الجيش اللبناني في قصّ حكاية الرصاص. تعددت الروايات، ولكل طرف روايته. للأهالي قصة، وللجيش اللبناني قصته، وما بينهما 3 قتلى و10 جرحى. يقول أهالي عرسال إن سيارة B.M.W وأخرى من نوع تويوتا (فان مقفل) دخلتا البلدة لتوقيف المطلوب للقضاء اللبناني خالد احمد حميد، وان مسلحي السيارتين بادروا فوراً إلى إطلاق الرصاص على حميد الذي قتل قبل وصوله إلى المسجد لأداء صلاة يوم الجمعة. وتضيف رواية عدد من الأهالي أن المسلحين حملوا جثة حميد وتوجهوا نحو جرد عرسال، ما أثار الريبة والشك، واعتقد البعض أن المسلحين من الاستخبارات السورية أقدموا على خطف حميد المناصر للثورة السورية ويشارك في بعض أعمالها. ويتابع البعض من عرسال أن اتصالات أجريت بالجيش اللبناني الذي نفى وجود دورية له في عرسال، وان هذا النفي رسّخ قناعة عند العراسلة بأن طرفاً ثالثاً دخل على الخط ويريد العبث بأمن عرسال، فحصل الاصطدام مع دورية للجيش من طريق الخطأ. هذه الرواية ينفيها الجيش اللبناني، ويؤكد أن دورية له تعرضت لهجوم مسلح إثر توقيفه المطلوب للقضاء اللبناني خالد حميد على ما تشير مصادر أمنية متابعة لـ«الأخبار». وقالت إن خالد احمد حميد المتهم بقضية اختطاف الأستونيين السبعة قبل نحو سنتين، كان محل ملاحقة أمنية من مختلف الأجهزة اللبنانية. وبحسب المعلومات المتداولة بشأنه، فإن الرجل مرتبط بالمدعو حسين الحجيري، العقل اللبناني المدبر لعملية خطف الأستونيين، والمرتبط برجالات من تنظيم القاعدة في العراق. وحميد أيضاً، له صلة بما جرى في عرسال عندما حاول الجيش اللبناني توقيف المطلوب السوري حمزة القرقوز قبل 13 شهراً. حينذاك، تعرضت دورية استخبارات الجيش للحصار والتجريد من السلاح وتخريب آلياتها ومنعها من توقيف القرقوز. وتضيف المصادر الأمنية أن حميد الذي يناصر الثورة السورية ويدعمها ميدانياً، وصل إلى عرسال من سورية قبل يومين، وان التحريات لحظت وجوده فوضعت خطة أمنية لإلقاء القبض عليه. وتتابع هذه المصادر قائلة إنّ دورية استخبارات الجيش دخلت عرسال وحاولت توقيف المطلوب، ولكن أثناء فراره أصيب بطلق ناري، وغادرت الدورية بعد اعتقاله ولكنها ضلت طريقها، فطلبت المؤازرة من دورية مؤللة كانت جاهزة للتدخل في لحظة الطوارئ. وتوضح المصادر الأمنية أن خط سير الدورية والخروج بالموقوف كانت محددة مسبقاً عبر طرق فرعية لأسباب أمنية بحتة، مشيرة إلى أن عشرات المسلحين طاردوا الدورية الأولى واصطدموا بالدورية الثانية، ما أدى إلى وقوع اشتباك لأكثر من 20 دقيقة نجم عنه استشهاد نقيب ورتيب وجرح أكثر من 8 عناصر. هذه الرواية شبه الرسمية عمّا جرى في عرسال وجردها، لم ترض العراسلة الذين يصرّ بعضهم على وجود طرف ثالث. ويؤكد أعضاء في بلدية عرسال لـ«الأخبار» أن الأهالي فور معرفتهم بما جرى، توجهوا إلى مكان الاشتباك وعملوا على نقل جثتي شهيدي الجيش والجرحى إلى مبنى البلدية وتقديم الإسعافات الأولية للجرحى ونقل الآليات إلى باحة البلدية، مشيرين إلى أن الظهور المسلح الذي سجل في البلدة كان ردّ فعل وليس موجهاً ضد الجيش اللبناني، وانه جاء مرافقاً لتشييع خالد حميد. لكن ما قاله أعضاء البلدية يتناقض مع ما أعلنه رئيسها علي الحجيري، الذي قال في أكثر من إطلالة إعلامية أمس إن مسلحين مجهولين اجبروا ناطور مبنى البلدية على فتح أبوابه حيث وضعوا جثتي شهيدي الجيش والجرحى. ورئيس البلدية الذي تحدّث أمس عن أن من أطلقوا النار على الدورية لم يكونوا على علم بأنها تابعة للجيش، سبق له أن تذرّع بالأمر ذاته قبل 13 شهراً، عندما جُرّد عناصر استخبارات الجيش من سلاحهم في البلدة، ومُنعوا من توقيف مطلوب. ورئيس البلدية هو ذاته الذي أعلن في أيار الماضي، في خطاب نقلته معظم وسائل الإعلام اللبنانية، أن أهالي البلدة سيتصدون بالسلاح لكل محاولة توقيف لأحدهم. وهو، بحسب تقارير الأجهزة الأمنية، يوفّر الحماية لمجموعة تعمل على دعم المعارضة السورية المسلحة، يمكن تسميتها بسهولة «تنسيقية عرسال للثورة السورية». ورغم كل ما صرّح به أعضاء في المجلس البلدي أمس للإعلام بإيجابية تجاه الجيش، فإن اللافت أن القوة الأمنية التي دخلت عرسال لتسلم جثمانَي شهيدَي الجيش وجرحاه، كانت من فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي، لا من الجيش. وليل أمس، تفاعل ما جرى في عرسال سلباً في منطقة البقاع، إذ قطع أهالي بلدة المريجات طريق ضهر البيدر ـــ شتورا احتجاجاً على استشهاد الضابط (ابن البلدة). وكذلك قُطعت طرقات قرب أبلح وبعلبك واللبوة، احتجاجاً على ما تعرض له الجيش في عرسال. وكانت مديرية التوجيه في الجيش اللبناني قد قالت في بيان لها انه «بعد ظهر اليوم (أمس)، وأثناء قيام دورية من الجيش في أطراف بلدة عرسال بملاحقة أحد المطلوبين للعدالة بتهمة القيام بعدة عمليات إرهابية، تعرضت لكمين مسلح، حيث دارت اشتباكات بين عناصر الدورية والمسلحين أدت إلى استشهاد ضابط برتبة نقيب ورتيب، وعن جرح عدد من العسكريين وتعرض بعض الآليات العسكرية لأضرار جسيمة، بالإضافة إلى إصابة عدد من المسلحين». وأضاف البيان أنه «على أثر ذلك، توجهت قوة كبيرة من الجيش إلى المنطقة، وفرضت طوقاً أمنياً حولها، كما باشرت عمليات دهم واسعة بحثاً عن مطلقي النار». ودعت قيادة الجيش أهالي عرسال إلى «التجاوب الكامل مع الإجراءات التي ستتخذها قوى الجيش تباعاً لتوقيف جميع مطلقي النار».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة