دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
زائر لبنان هذه الايام يلمس بوضوح حالة القلق التي تسود اوساط اللبنانيين، ولكن هذا لا يعني ان الحياة تسير بشكل طبيعي ومعظم المقاهي والمطاعم تعج بالزبائن، وازمة السير في الطرقات الرئيسية، وشارع الحمرا على وجه الخصوص تبدو خانقة كعادتها دائما.
القلق اللبناني امني في معظمه، وله علاقة مباشرة بتطورات الازمة السورية، والخوف من ان تنسحب الى لبنان، وبما يؤدي الى اشعال فتيل حرب اهلية فيه ما زالت نارها تحت الرماد.
لا حديث في اللقاءات والامسيات اللبنانية الا عن الصدامات بين النظام السوري ومعارضيه المسلحين، واتساع نفوذ الجماعات الجهادية، وجبهة النصرة على وجه الخصوص، والدعم الايراني ـ الروسي للنظام، واحتمالات تدخل حزب الله بصورة علنية لصالحه.
الخلاف الوحيد البارز بين اللبنانيين، ونحن لا نتحدث هنا عن الازمة الحكومية اللبنانية والصراع على الرئاسة والحقائب وبورصة الترشيحات، وانما عن اعداد السوريين النازحين الى لبنان، فهناك من يقدر عددهم بنصف مليون نازح او لاجئ، وهناك من يقدر الرقم بالمليون. وتبدو السيارات التي تحمل ارقاما سورية واضحة للعيان في شوارع بيروت وطرابلس ومدن اخرى.
شمال لبنان هو الخاصرة الاضعف فيما يتعلق بالتوتر الطائفي، وينعكس هذا التوتر على شكل صدامات بين ابناء الطائفة السنية والمتشددين فيها على وجه الخصوص، وبين ابناء الطائفة العلوية في جبل محسن، فلا يمر اسبوع دون ان يقع قتلى وجرحى من جراء هذه الصدامات، رغم تدخل الجيش وكذلك قيادات محلية لتطويق الازمة ومنع انتشار السنة لهبها الى احياء اخرى.
بالامس تعرض امام مسجد التقوى في طرابلس الشيخ سالم الرافعي لمحاولة اغتيال باستخدام مسدس كاتم الصوت، ولكنه نجا من هذه الجريمة باعجوبة دون ان يصاب بأذى. ورفض الشيخ الرافعي توجيه الاتهام الى جبل محسن العلوي بالوقوف خلف هذه المحاولة حرصا منه، كما قال مقربون منه، على عدم صب الزيت على نيران التوتر الطائفي.
الشيخ الرافعي مستهدف لانه يؤيد الثورة السورية المسلحة ضد النظام، ومعروف بمواقفه المتشددة في هذا الصدد، ولا بد ان الرصاصة التي وجهت اليه كانت بمثابة تحذير، قال انها رسالة لن تؤثر فيه ولن تغير مواقفه.
انصار النظام السوري في لبنان ليسوا محصورين في جبل محسن في الشمال، حيث اقلية علوية، وانما في اوساط شيعية ومسيحية ايضا كل لاسبابه وقناعاته، فالنظام حليف وثيق لحزب الله وابناء الطائفة الشيعية، ولكنه يتمتع في الوقت نفسه بدعم نسبة كبيرة من المسيحيين، ابرزهم التيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون، وتيار المردة برئاسة سليمان فرنجية.
التوتر الطائفي في لبنان ينتظر عود الثقاب لكي يتحول الى صدامات حسب رأي الكثير من الخبراء وكتاب اعمدة في الصحف اللبنانية، لكن من غير المعروف متى واين تأتي الحادثة التي ستشعل الفتيل.
الظاهرة الاسوأ التي يخشاها اللبنانيون هي حالة الانتظار المفتوحة على جميع الاحتمالات، الناجمة عن غياب اي حلول سياسية للازمة السورية.
لبنان ينزلق تدريجيا الى بركان الازمة السورية، ولكن ما يثير الاعجاب وسط هذه الصورة القاتمة، ان اللبنانيين يعيشون حياتهم بصورة طبيعية وكأن لا شيء يحدث في دولة الجوار، او هكذا يبدون للزائر القادم من الخارج
المصدر :
رأي القدس
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة