في خطوة مفاجئة واستثنائية استدعت إسرائيل ابتداء من يوم الأحد الماضي بأوامر خاصة آلاف الجنود من القوات الاحتياطية، وطلبت منهم التوجه إلى وحدات مخازن الطوارئ. وجاء هذا الاستدعاء في إطار مناورة لفرقة الاحتياط المعروفة باسم «عمود النار»، والتي طلب منها إعداد خطة عملانية للقتال في الساحة اللبنانية، وإعداد نفسها للقتال خلال 48 ساعة.

ومن البديهي أنه لا يمكن عزل هذه المناورة عن الأجواء العامة في الجبهة الشمالية، خصوصاً بعد اتهام وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق بنيامين بن أليعزر «حزب الله» بالحصول على أسلحة كيميائية من سورية. وبديهي أيضاً أنه لا يمكن قراءة المناورة من دون الأخذ بالحسبان تطورات الحرب الأهلية السورية، ولا إسقاط طائرة غير مأهولة تم اتهام «حزب الله» بإطلاقها. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد أعلن الخميس الماضي، أن «إسرائيل تراقب باهتمام وقلق ما يجري في سورية ولبنان. فسورية تتشرذم ولبنان غير مستقر. وفي الموضعين ثمة خطر لا بأس به يتهدد إسرائيل... ودولة إسرائيل ستستعد بالشكل المناسب لمعالجة أي خطر من سورية وأيضاً من لبنان، من البحر والجو والبر».

وقد أكثر المعلقون الإسرائيليون في الأيام الأخيرة من الحديث عن احتمالات تدهور الوضع على الجبهة السورية واحتمال انزلاق التدهور إلى الساحة اللبنانية. وكانت عدة قيادات إسرائيلية قد رسمت خطوطاً حمراء، قالت إن الدولة العبرية لن تسكت على اجتيازها، ومن بينها تسرب أسلحة كيميائية، أو أسلحة متطورة «مخلة بالتوازن» من سورية إلى «حزب الله».

عموماً، وبحسب ما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، فمن المقرر أن يخرج أحد الألوية العاملة في الشمال إلى مناورة بالنيران الحية تشارك فيها كتيبة من الاحتياط. ونقلت هذه الوسائل عن ضابط رفيع المستوى في قيادة الجبهة الشمالية، قوله إن «السيناريو الذي يجري التدرب عليه يتعلق بوضع تصعيد مفاجئ». وبحسب الضابط فإنه «في وضع كهذا يتطلب الأمر تجنيد جزء من القوات، وتحديث الخطط والخروج لمناورة خلال 48 ساعة. والسيناريو نفسه يتضمن تطورات تؤدي إلى تدهور في الجبهة اللبنانية، ودخول القوات للتحرك فيها».

وقد بدأت المناورة يوم الأحد، ويتوقع أن تستمر حتى يوم غد الخميس، بعد أن تنجز فرقة «عمود النار» التحقيقات والعبر من المناورة. ووفقاً للضابط، فإن «مناورة كهذه تربط بين هذه المكونات (تجنيد طوارئ لآلاف رجال الاحتياط وبعد ذلك الخروج للتدريب بالنيران مع كتيبة احتياط) لم تحدث منذ سنوات طويلة. والواقع والتهديدات تلزمنا بالاستعداد وفقاً لها، وقسم من هذا هو الحفاظ على جاهزية عالية». وشدد الضابط على أن «الواقع اليوم في الجبهة السورية يمكن أن يفاجئنا وهذا ما نتحسب له. والسيناريو نفسه هو تصعيد في الجانب اللبناني وعمليات نقوم بها نحن في لبنان، لكننا مستعدون بالدرجة نفسها في جبهات أخرى، الجبهة الغربية، وغزة ولبنان، وهو ما خبرناه في الماضي».

وأشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى أن المناورة هي جزء من منظومة التدريبات السنوية، وأنه تم التخطيط لها سلفاً، لكن التجنيد المفاجئ للقوات الاحتياطية أمس عبر تشغيل «البدالة التلقائية» تسبب في ذعر لدى قسم من المجندين. وقال ضابط في مكتب المتحدث العسكري إنه لا يعتقد أن التدريبات نفسها تسببت بزيادة التأهب في الجانب الثاني من الحدود، مضيفاً ان «هذا جزء من منظومة التدريبات التي ننفذها في الجيش عموماً، وفي قيادة الجبهة الشمالية خصوصاً». وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن يوم الاثنين أن المناورة قائمة، وأن حركة آليات ستغدو ملموسة في المنطقة الشمالية في ساعات الليل، كما ستطلق صافرات إنذار وستسمع أصوات انفجارات.

ومعروف أنه تصاعدت في الآونة الأخيرة في إسرائيل اتهامات لسوريا باستخدام السلاح الكيميائي في الحرب الأهلية، وفهم كثيرون أن الدولة العبرية تحث الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، على التدخل العسكري المباشر في سورية. كما أطلق عدد من القادة الإسرائيليين السابقين، ومن بينهم رئيس الموساد السابق مئير داغان، دعوات للتدخل لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. لكن مسؤولاً أمنياً رفيع المستوى أبلغ صحيفة «هآرتس» أنه «ليس لإسرائيل أي شأن بحثّ الولايات المتحدة على العمل حالياً في سورية، ومعالجة أمر مخازن السلاح الكيميائي التي يملكها نظام الأسد».

وبحسب كلامه، لا تريد إسرائيل أن تظهر كداعية حرب، وهي تسعى من الآن إلى تقليص انشغالها بأمر السلاح الكيميائي السوري، وتترك أمر حسم طريق التعامل مع المشكلة للإدارة الأميركية. وأشارت الصحيفة إلى قلق القيادة الأمنية والسياسية في إسرائيل من الإفراط في الانشغال بما يجري في سورية. ونفت إسرائيل التقارير التي أشاعتها أوساط المعارضة السورية عن غارات جوية نفذتها في سورية في الأيام الأخيرة.

  • فريق ماسة
  • 2013-04-30
  • 4702
  • من الأرشيف

مناورة إسرائيلية على تصعيد مفاجئ وغزو لبنان

في خطوة مفاجئة واستثنائية استدعت إسرائيل ابتداء من يوم الأحد الماضي بأوامر خاصة آلاف الجنود من القوات الاحتياطية، وطلبت منهم التوجه إلى وحدات مخازن الطوارئ. وجاء هذا الاستدعاء في إطار مناورة لفرقة الاحتياط المعروفة باسم «عمود النار»، والتي طلب منها إعداد خطة عملانية للقتال في الساحة اللبنانية، وإعداد نفسها للقتال خلال 48 ساعة. ومن البديهي أنه لا يمكن عزل هذه المناورة عن الأجواء العامة في الجبهة الشمالية، خصوصاً بعد اتهام وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق بنيامين بن أليعزر «حزب الله» بالحصول على أسلحة كيميائية من سورية. وبديهي أيضاً أنه لا يمكن قراءة المناورة من دون الأخذ بالحسبان تطورات الحرب الأهلية السورية، ولا إسقاط طائرة غير مأهولة تم اتهام «حزب الله» بإطلاقها. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد أعلن الخميس الماضي، أن «إسرائيل تراقب باهتمام وقلق ما يجري في سورية ولبنان. فسورية تتشرذم ولبنان غير مستقر. وفي الموضعين ثمة خطر لا بأس به يتهدد إسرائيل... ودولة إسرائيل ستستعد بالشكل المناسب لمعالجة أي خطر من سورية وأيضاً من لبنان، من البحر والجو والبر». وقد أكثر المعلقون الإسرائيليون في الأيام الأخيرة من الحديث عن احتمالات تدهور الوضع على الجبهة السورية واحتمال انزلاق التدهور إلى الساحة اللبنانية. وكانت عدة قيادات إسرائيلية قد رسمت خطوطاً حمراء، قالت إن الدولة العبرية لن تسكت على اجتيازها، ومن بينها تسرب أسلحة كيميائية، أو أسلحة متطورة «مخلة بالتوازن» من سورية إلى «حزب الله». عموماً، وبحسب ما نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية، فمن المقرر أن يخرج أحد الألوية العاملة في الشمال إلى مناورة بالنيران الحية تشارك فيها كتيبة من الاحتياط. ونقلت هذه الوسائل عن ضابط رفيع المستوى في قيادة الجبهة الشمالية، قوله إن «السيناريو الذي يجري التدرب عليه يتعلق بوضع تصعيد مفاجئ». وبحسب الضابط فإنه «في وضع كهذا يتطلب الأمر تجنيد جزء من القوات، وتحديث الخطط والخروج لمناورة خلال 48 ساعة. والسيناريو نفسه يتضمن تطورات تؤدي إلى تدهور في الجبهة اللبنانية، ودخول القوات للتحرك فيها». وقد بدأت المناورة يوم الأحد، ويتوقع أن تستمر حتى يوم غد الخميس، بعد أن تنجز فرقة «عمود النار» التحقيقات والعبر من المناورة. ووفقاً للضابط، فإن «مناورة كهذه تربط بين هذه المكونات (تجنيد طوارئ لآلاف رجال الاحتياط وبعد ذلك الخروج للتدريب بالنيران مع كتيبة احتياط) لم تحدث منذ سنوات طويلة. والواقع والتهديدات تلزمنا بالاستعداد وفقاً لها، وقسم من هذا هو الحفاظ على جاهزية عالية». وشدد الضابط على أن «الواقع اليوم في الجبهة السورية يمكن أن يفاجئنا وهذا ما نتحسب له. والسيناريو نفسه هو تصعيد في الجانب اللبناني وعمليات نقوم بها نحن في لبنان، لكننا مستعدون بالدرجة نفسها في جبهات أخرى، الجبهة الغربية، وغزة ولبنان، وهو ما خبرناه في الماضي». وأشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى أن المناورة هي جزء من منظومة التدريبات السنوية، وأنه تم التخطيط لها سلفاً، لكن التجنيد المفاجئ للقوات الاحتياطية أمس عبر تشغيل «البدالة التلقائية» تسبب في ذعر لدى قسم من المجندين. وقال ضابط في مكتب المتحدث العسكري إنه لا يعتقد أن التدريبات نفسها تسببت بزيادة التأهب في الجانب الثاني من الحدود، مضيفاً ان «هذا جزء من منظومة التدريبات التي ننفذها في الجيش عموماً، وفي قيادة الجبهة الشمالية خصوصاً». وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن يوم الاثنين أن المناورة قائمة، وأن حركة آليات ستغدو ملموسة في المنطقة الشمالية في ساعات الليل، كما ستطلق صافرات إنذار وستسمع أصوات انفجارات. ومعروف أنه تصاعدت في الآونة الأخيرة في إسرائيل اتهامات لسوريا باستخدام السلاح الكيميائي في الحرب الأهلية، وفهم كثيرون أن الدولة العبرية تحث الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، على التدخل العسكري المباشر في سورية. كما أطلق عدد من القادة الإسرائيليين السابقين، ومن بينهم رئيس الموساد السابق مئير داغان، دعوات للتدخل لإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. لكن مسؤولاً أمنياً رفيع المستوى أبلغ صحيفة «هآرتس» أنه «ليس لإسرائيل أي شأن بحثّ الولايات المتحدة على العمل حالياً في سورية، ومعالجة أمر مخازن السلاح الكيميائي التي يملكها نظام الأسد». وبحسب كلامه، لا تريد إسرائيل أن تظهر كداعية حرب، وهي تسعى من الآن إلى تقليص انشغالها بأمر السلاح الكيميائي السوري، وتترك أمر حسم طريق التعامل مع المشكلة للإدارة الأميركية. وأشارت الصحيفة إلى قلق القيادة الأمنية والسياسية في إسرائيل من الإفراط في الانشغال بما يجري في سورية. ونفت إسرائيل التقارير التي أشاعتها أوساط المعارضة السورية عن غارات جوية نفذتها في سورية في الأيام الأخيرة.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة