للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل ستناقش لجنة العلوم في الكنيست اليوم مسألة السلاح النووي ومخاطره. ويتسم هذا النقاش بأهمية خاصة نظراً لانتهاج إسرائيل رسمياً سياسة «الغموض النووي» القائمة على فكرة عدم الاعتراف بامتلاك هذا السلاح والتلويح المستتر به. وقد بادرت للمطالبة بالنقاش «الحركة الإسرائيلية ضد الذرة» برئاسة عضو الكنيست السابق اليساري موشي راز، بالتعاون مع نواب من حركة «ميرتس» و«الجبهة الديموقراطية للسلام».

وقد دعا إلى النقاش في اللجنة العلمية عضوا الكنيست تمار زندبرج من «ميرتس» ودوف حنين من «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة»، واستدعيا له أحد كبار خبراء التأثير النووي في العالم، وهو الدكتور آرييه هلفند، الذي يرأس «منظمة الأطباء الدولية ضد الحرب النووية»، والحائزة جائزة نوبل للسلام في العام 1985. ويرمي النقاش إلى حث الحملة الإسرائيلية لإجبار الحكومة على الانضمام إلى المباحثات الإقليمية والدولية لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.

وقالت سكرتيرة «الحركة الإسرائيلية ضد الذرة» شارون دولب إنه «فيما نتحدث نحن في إسرائيل عن القنبلة الإيرانية التي لم تفحص بعد، فإنهم في العالم يتحدثون عن الترسانة النووية الغامضة لإسرائيل. وعلى إسرائيل أن تخرج من هذا النادي الضيق الذي انضمت لعضويته كوريا الشمالية، والانضمام إلى النادي الأكثر مسؤولية للدول الملتزمة بتقليص الترسانة النووية العالمية وصولاً للقضاء عليها، والدخول في مباحثات ترمي لخلق شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل، وهي مباحثات تعهدت كل دول الشرق الأوسط، بما فيها إيران، بالانضمام إليها».

أما حنين فقال إن «الشرق الأوسط يعيش سباقاً ضد الزمن، حيث تدخله أنواع جديدة من الأسلحة من كل الاتجاهات. وفي وضع كهذا كل اندلاع محلي للمواجهات قد يقود بسرعة إلى كارثة على نطاق واسع. كل استخدام لسلاح الدمار الشامل في المنطقة يخلق خراباً، ودائرة دمار فظيع. وبناء عليه، من الحيوي في هذا الزمان إجراء نقاش عام حقيقي حول المخاطر التي تواجهنا. ومن المهم الآن تحديد بدائل لتوجه التدهور الخطير. بدائل كهذه مطلوبة لنا بإلحاح. في لقاء الكنيست سنبدأ هذا النقاش الحيوي».

وكان الباحث هلفند قد أشار في بحث شامل حول مخاطر الحرب النووية على المدنيين، ووجد أن ما لا يقل عن مليار نسمة قد يلقون حتفهم جراء الافتقار للقدرة على توفير الغذاء في العالم بعد تضرره من رذاذ مشع. وسيعرض هلفند نتائج بحثه المستمر منذ سنوات عن أثر استخدام السلاح النووي على الإنسان وبيئته.

وكانت الأبحاث التي نشرها كل من ألان روبوك، وبريان تون ونظرائهما قد فحصت احتمالات الحرب النووية بين الهند والباكستان باستخدام 50 قنبلة كالتي ألقيت على هيروشيما فقط. ووفقاً للتقديرات، فإن هذه الهجمات ستقتل ما لا يقل عن 20 مليون نسمة مباشرة، ولكن تأثيراتها على المناخ في العالم ستكون أشد فظاعة. فالدخان الناجم عن هذه التفجيرات النووية سيحجب تماماً ضوء الشمس ويقود إلى هبوط درجات الحرارة في العالم بأسره بحوالي ثلاث درجات في المتوسط. وأظهرت أبحاث أخرى جديدة أن الخلل المناخي سيقود إلى انخفاض كبير في إنتاج الغذاء يتجلى في تراجع إنتاج الحبوب في الولايات المتحدة بنسبة 12 في المئة طوال عقد بكامله، وانخفاض إنتاج الأرزّ في الصين بنسبة 15 في المئة طوال عقد أيضاً. وفي مقابلة صحافية، قال هلفند «نحن نؤمن بأنه كلما عرف الناس أكثر عن مخاطر استخدام سلاح كهذا على استمرار الجنس البشري، كلما فهم أناس جدد كم أن عالمنا غير آمن لهم».

واعتبر هلفند أن «أي استخدام للسلاح النووي هو عمل انتحاري»، مؤكداً أنه «ليست هناك أمة أو شخص مسؤول بما فيه الكفاية لامتلاك سلاح نووي». وشدد على أن مناقشة هذه المسألة في لجنة العلوم في الكنيست له أثر تربوي، وأن «الخطوات المحددة التي ستتم في الكنيست ستتم من منطلق وعي عام». وأشار هلفند إلى أن انتهاء الحرب الباردة بين القطبين لم يقض على مخاطر الحرب النووية. وفي نظره «تغيرت الأوضاع منذ الحرب الباردة، ولكن بحوزة القوى العظمى مخزون كبير من الأسلحة النووية القادرة على تدمير الحياة على وجه البسيطة مرات عدة. وهذا السلاح ينشر بشكل يزداد اتساعاً في دول أخرى، وأيضا تزداد مخاطر استخدامه».

ورفض هلفند فكرة احتفاظ دول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل بأسلحة دمار شامل بهدف ضمان بقاء الحرية والديموقراطية. وقال إنه «إذا استخدمت الولايات المتحدة جزءاً يسيراً من ترسانتها النووية، ولو بزعم دفاعي مبرر، فإن نتائج ذلك على الحياة على الكرة الأرضية ستكون كارثية، حتى على الولايات المتحدة نفسها. وفي هذا الشأن أنا لا أعتقد أن هناك أمة أو شخصاً مسؤولاً بما فيه الكفاية يمتلك سلاحاً يمكنه أن ينهي الحياة على هذا الكوكب».

  • فريق ماسة
  • 2013-06-17
  • 6020
  • من الأرشيف

الكنيست: أول نقاش بشأن السلاح «النووي»

للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل ستناقش لجنة العلوم في الكنيست اليوم مسألة السلاح النووي ومخاطره. ويتسم هذا النقاش بأهمية خاصة نظراً لانتهاج إسرائيل رسمياً سياسة «الغموض النووي» القائمة على فكرة عدم الاعتراف بامتلاك هذا السلاح والتلويح المستتر به. وقد بادرت للمطالبة بالنقاش «الحركة الإسرائيلية ضد الذرة» برئاسة عضو الكنيست السابق اليساري موشي راز، بالتعاون مع نواب من حركة «ميرتس» و«الجبهة الديموقراطية للسلام». وقد دعا إلى النقاش في اللجنة العلمية عضوا الكنيست تمار زندبرج من «ميرتس» ودوف حنين من «الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة»، واستدعيا له أحد كبار خبراء التأثير النووي في العالم، وهو الدكتور آرييه هلفند، الذي يرأس «منظمة الأطباء الدولية ضد الحرب النووية»، والحائزة جائزة نوبل للسلام في العام 1985. ويرمي النقاش إلى حث الحملة الإسرائيلية لإجبار الحكومة على الانضمام إلى المباحثات الإقليمية والدولية لجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل. وقالت سكرتيرة «الحركة الإسرائيلية ضد الذرة» شارون دولب إنه «فيما نتحدث نحن في إسرائيل عن القنبلة الإيرانية التي لم تفحص بعد، فإنهم في العالم يتحدثون عن الترسانة النووية الغامضة لإسرائيل. وعلى إسرائيل أن تخرج من هذا النادي الضيق الذي انضمت لعضويته كوريا الشمالية، والانضمام إلى النادي الأكثر مسؤولية للدول الملتزمة بتقليص الترسانة النووية العالمية وصولاً للقضاء عليها، والدخول في مباحثات ترمي لخلق شرق أوسط خال من أسلحة الدمار الشامل، وهي مباحثات تعهدت كل دول الشرق الأوسط، بما فيها إيران، بالانضمام إليها». أما حنين فقال إن «الشرق الأوسط يعيش سباقاً ضد الزمن، حيث تدخله أنواع جديدة من الأسلحة من كل الاتجاهات. وفي وضع كهذا كل اندلاع محلي للمواجهات قد يقود بسرعة إلى كارثة على نطاق واسع. كل استخدام لسلاح الدمار الشامل في المنطقة يخلق خراباً، ودائرة دمار فظيع. وبناء عليه، من الحيوي في هذا الزمان إجراء نقاش عام حقيقي حول المخاطر التي تواجهنا. ومن المهم الآن تحديد بدائل لتوجه التدهور الخطير. بدائل كهذه مطلوبة لنا بإلحاح. في لقاء الكنيست سنبدأ هذا النقاش الحيوي». وكان الباحث هلفند قد أشار في بحث شامل حول مخاطر الحرب النووية على المدنيين، ووجد أن ما لا يقل عن مليار نسمة قد يلقون حتفهم جراء الافتقار للقدرة على توفير الغذاء في العالم بعد تضرره من رذاذ مشع. وسيعرض هلفند نتائج بحثه المستمر منذ سنوات عن أثر استخدام السلاح النووي على الإنسان وبيئته. وكانت الأبحاث التي نشرها كل من ألان روبوك، وبريان تون ونظرائهما قد فحصت احتمالات الحرب النووية بين الهند والباكستان باستخدام 50 قنبلة كالتي ألقيت على هيروشيما فقط. ووفقاً للتقديرات، فإن هذه الهجمات ستقتل ما لا يقل عن 20 مليون نسمة مباشرة، ولكن تأثيراتها على المناخ في العالم ستكون أشد فظاعة. فالدخان الناجم عن هذه التفجيرات النووية سيحجب تماماً ضوء الشمس ويقود إلى هبوط درجات الحرارة في العالم بأسره بحوالي ثلاث درجات في المتوسط. وأظهرت أبحاث أخرى جديدة أن الخلل المناخي سيقود إلى انخفاض كبير في إنتاج الغذاء يتجلى في تراجع إنتاج الحبوب في الولايات المتحدة بنسبة 12 في المئة طوال عقد بكامله، وانخفاض إنتاج الأرزّ في الصين بنسبة 15 في المئة طوال عقد أيضاً. وفي مقابلة صحافية، قال هلفند «نحن نؤمن بأنه كلما عرف الناس أكثر عن مخاطر استخدام سلاح كهذا على استمرار الجنس البشري، كلما فهم أناس جدد كم أن عالمنا غير آمن لهم». واعتبر هلفند أن «أي استخدام للسلاح النووي هو عمل انتحاري»، مؤكداً أنه «ليست هناك أمة أو شخص مسؤول بما فيه الكفاية لامتلاك سلاح نووي». وشدد على أن مناقشة هذه المسألة في لجنة العلوم في الكنيست له أثر تربوي، وأن «الخطوات المحددة التي ستتم في الكنيست ستتم من منطلق وعي عام». وأشار هلفند إلى أن انتهاء الحرب الباردة بين القطبين لم يقض على مخاطر الحرب النووية. وفي نظره «تغيرت الأوضاع منذ الحرب الباردة، ولكن بحوزة القوى العظمى مخزون كبير من الأسلحة النووية القادرة على تدمير الحياة على وجه البسيطة مرات عدة. وهذا السلاح ينشر بشكل يزداد اتساعاً في دول أخرى، وأيضا تزداد مخاطر استخدامه». ورفض هلفند فكرة احتفاظ دول مثل الولايات المتحدة وإسرائيل بأسلحة دمار شامل بهدف ضمان بقاء الحرية والديموقراطية. وقال إنه «إذا استخدمت الولايات المتحدة جزءاً يسيراً من ترسانتها النووية، ولو بزعم دفاعي مبرر، فإن نتائج ذلك على الحياة على الكرة الأرضية ستكون كارثية، حتى على الولايات المتحدة نفسها. وفي هذا الشأن أنا لا أعتقد أن هناك أمة أو شخصاً مسؤولاً بما فيه الكفاية يمتلك سلاحاً يمكنه أن ينهي الحياة على هذا الكوكب».

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة