دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، وللمرة الأولى، عن وثيقة تثبت ما تردد في حرب تشرين العام 1973 عن تفكير إسرائيل في اللجوء إلى «خيار شمشون» جراء شعورها بقرب نهاية «البيت اليهودي» الثالث. وجاء هذا الكشف في يوميات القائد الفعلي للجبهة الجنوبية الجنرال حاييم بارليف التي شرح فيها ما أبلغته به رئيسة الحكومة حينها غولدا مائير عن حوارها مع وزير الدفاع آنذاك موشي ديان. ويأتي هذا الكشف في سياق ما ينشر في الدولة العبرية من وثائق وتسجيلات ومحاضر تتعلق بالأيام الأولى للحرب في ذكراها الأربعين، التي تحل هذه الأيام بالتقويم العبري.
وتشير «يديعوت» إلى أنه في العام 1994، ومع ختام فترة حداد السبعة أيام على وفاة حاييم بارليف، وهو رئيس الاركان الثامن للجيش الاسرائيلي، وعضو الكنيست والوزير في حكومات اسرائيل، فتح ابنه عومر الخزنة في غرفة عمل أبيه. وقد وجد هناك أكوامَ الاوراقِ المصفرة، ومحاضر جلسات حكومية، وكراسا بغلاف أزرق تملأ صفحاتِه كتابةُ يدٍ بخط صغير.
ومعروف أنه في الأيام الاولى من حرب تشرين تم تجنيد حاييم بارليف، الذي كان أنهى مهام عمله كرئيس للاركان وشغل منصب وزير في حكومة غولدا مائير، للخدمة الاحتياطية الفعلية. وشغل الجنرال منصب القائد العام للجبهة الجنوبية، أي فوق قائد المنطقة الجنوبية شموئيل غونين.
وأثناء القتال وثق في كراسه الاحداث المركزية، والخطوات الهامة وكذلك تبادل الاتهامات. وبعد انتهاء الحرب عمد إلى طباعة المخطوطة في وثيقة تصف الأحداث في الجبهة الجنوبية من وجهة نظره. وقد كشف هذه اليوميات الآن ولأول مرة ابنه عومر، وهو قائد «سييرت متكال» (وحدات النخبة) السابق وعضو الكنيست اليوم عن حزب العمل.
وكتب في اليوميات في وصفه لليوم الثاني للحرب انه «في يوم الاحد، وفي حوالي الساعة الخامسة بعد الظهر استدعتني رئيسة الوزراء (غولدا مائير)، وروت لي ان وزير الدفاع الذي زار الجبهات عاد وأبلغها أنه يعترف بأنه أخطأ في تقديره لقوة الجيش الاسرائيلي، وأخطأ في تقديره لقوة العدو، وأن الوضع يائس. وبرأيه، ينبغي التراجع من الهضبة حتى السفح أمام نهر الاردن، والتمسك فيه حتى آخر رصاصة. أما في القناة فينبغي التراجع حتى المضائق، وإذا لم يُجْدِ هذا، فإن استخدام وسائل غير تقليدية على نمط: علي وعلى اعدائي يا رب»، في اشارة الى الخيار النووي. وأعطت رئيسة الوزراء الانطباع بأنها مصدومة من الوضعية، بل وأكثر من ذلك من ترددات وزير الدفاع.
وتبين اليوميات أن أحد الشخصيات المركزية في يوميات بارليف هو الجنرال احتياط أرييل شارون، قائد «فرقة 143»، التي قاتلت في سيناء. وكتب أن «رئيس الاركان قال لي إن شارون وشموليك (غونين) لا يتدبران أمرهما، وان شموليك يدّعي بأن أريك (شارون) يخرق الاوامر، وهو يطالب بتغييره». وأضاف أن «دادو (رئيس الاركان دافيد اليعازار) طلب مني أن أنزل إلى المنطقة وأقرر ما اذا كان ينبغي تغييره. في اليوم الاول في قيادة الجنوب، درست الوضع، وفي موضوع شارون كان واضحاً لي بأن أريك، مثل الاخرين، تصرفوا وكأن هذا كان اليوم السابع من حرب الايام الستة».
ويشير بارليف إلى أنه «في العاشر من الشهر، عندما وصلت، كان باقي القادة قد أفاقوا، أما شارون فظن أن بالوسع كنس وتبديد المصريين ومنظوماتهم. ولاحقا، عرفت من حاييم ايرز (قائد لواء المدرعات 421) انه في الهجوم على استحكام، قال غونين لشارون ألا يفعل شيئاً، ولكن شارون لم يستمع إليه، ودمرت 22 دبابة لحاييم ايرز في ثلاث دقائق». ويضيف انه «في وقت لاحق علمت أن غونين رفع شكوى رسمية إلى رئيس الأركان ضد شارون على خرقه الأمر، وعدم تنفيذه المهام. ولكن رئيس الاركان، ولأسباب لديه، لم يقدمه الى المحاكمة».
ويصف بارليف في يومياته احدى الليالي التي سبقت عبور القناة، ويقول: «تحدثت مع شارون قبل الفجر، وأظن في الواحدة أو الثانية ليلاً. كانت هذه الليلة الوحيدة التي تحدث فيها قائد المنطقة الجنوبية غونين مع شارون مثلما يتحدث قائد سرية مع قائد حظيرة. أعطاه أمراً وشارون قال حسناً، سيفعل».
وتابع: «وفي الليل قيل لبيرن (اللواء ابراهام أدان، قائد فرقة 162 في الحرب) إن شارون ترك له طوافات العبور كي يجرها. وطلب من بيرن أن ينظف الكوم (سواتر رملية) الذي أعلن أريك بأنه لا يمكنه أن يزيله من المفترق بين معقل لاككان ومحور عخبيش. وفي النهار نظف بيرن فعلاً محور عخبيش ومحور طرطور، وجر الطوافات ونقلها الى المياه وصد الهجوم المضاد (عبارة عن مئة دبابة مصرية). أما شارون فواصل نظريته: المهم نقل المزيد من الدبابات الإسرائيلية إلى الجهة المقابلة، وان كان باستجابة ضعيفة».
ويخلص بارليف إلى أنه «وفي تحليل متأخر يمكنني القول إن الحظ هو الذي أنقذ إسرائيل من عدم تنفيذ خطة شارون. فلو أن بيرن بدأ يعبر في الليل إلى غرب القناة، لما كان هناك من ينظف الطريق، ويكمل حتى رأس الجسر، وما كان هناك من يصد هجوم مئة دبابة وصلت من منطقة الجيش الثالث المصري. وقد نجح بيرن في عملية استثنائية بتدمير 70 أو 80 دبابة من هذا اللواء من دون أن تصاب أي دبابة له».
المصدر :
الماسة السورية
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة