لم يكد يمضي ساعات معدودة على توقيع الاتفاق النووي بين الدول الغربية وايران، حتى تحولت الحرب المكتومة بين السعودية من جهة وسورية و”حزب الله” من جهة ثانية،

إلى حرب كلامية وإعلامية مفتوحة في مشهد متناسق ومترابط يوحي وكأن هناك قراراً كبيراً بتعرية المملكة من خلال الكشف عن أسماء المقاتلين السعوديين الذين سقطوا في المعارك ومسارعة مندوب سورية في الأمم المتحدة بشار الجعفري للإعلان عن 300 أسير سعودي لدى القوات النظامية وفي فروع المخابرات التابعة لها في رسالة واضحة مفادها أنه على السلطات السعودية الإتصال بالقيادة السورية والتفاهم معها، وإلا ستتم معاملتهم على أساس أنهم أسرى حرب تابعين لدولة غير صديقة إذا لم تكن عدوة.

واللافت هو التزامن بين إطلاق الحملة الإعلامية على المملكة وزيارة رئيس جهاز استخباراتها الأمير بندر بن سلطان للعاصمة الروسية، في مشهد يوحي وكأن موسكو أرادت استباق اللقاء مع بن سلطان بفتح ملف ضاغط مثبت بالوقائع عنوانه التدخل المباشر إلى جانب جبهة “النصرة” في محاولة جادة لإرغام الرياض على المشاركة في مؤتمر جنيف 2 من دون شروط مسبقة، وهي في حالة إحراج تمنعها من الإدلاء برأيها، بل على العكس فإنها قد تشارك من باب البحث عن مخرج لمأزقها لا سيما أن الأجهزة السورية لم تكتف بما أعلنه الجعفري بل عمدت إلى تزويد الدول المعنية بالوثائق المرفقة بأسماء المقاتلين وانتماءاتهم.

في هذا السياق، يعرب دبلوماسي شرقي عن اعتقاده بأن بن سلطان كان يعمل على جبهة الأمن السوري لعدة أسباب أبرزها أنه كان يريد أن يستهل محادثاته في موسكو في أثناء تقدم المعارضة السورية باتجاه العاصمة دمشق لخلق نوعاً من التوازن يسمح له بإجراء مفاوضات وليس الاكتفاء بالاستماع إلى النصائح الروسية، كما حصل بالفعل، بعد أن وصلت أخبار فشل فك الحصار عن الغوطة الشرقية ووقوع عدد كبير من القتلى والجرحى والأسرى في صفوفهم، لا بل أن كل ما كانت القيادة السعودية تبني عليه سقط قبل انعقاد الاجتماع وأسس إلى فشل جديد استبقته موسكو بتوجيه النصح لعدم الاستمرار في دعم الإرهاب، والاستعاضة عن ذلك بدعم الشعب السوري والإعمار والمشاركة في البحث الجدي عن الحلول السياسية التي تقي الشرق الأوسط المزيد من الأزمات المتنقلة.

وفي حين لا يشكك الدبلوماسي بالمعلومات التي أبلغتها سورية إلى الدول المعنية، يربط بين الحملة السورية ومؤتمر جنيف 2، فصحيح أن المشهد انقلب رأساً على عقب ولكن الأصح أن لسورية شروط وهي هوية الدول المشاركة أولا وطبيعة موقفها من الأزمة ككل، وبالتالي فإنها بدأت بانتهاج سياسة الضغط على خصومها السياسيين قبل الميدانيين، خصوصاً أن هناك معلومات متداولة على أعلى المستويات تؤكد أن المملكة بسياستها الراهنة محكومة بمهلة زمنية لا تتعدى موعد المؤتمر لإعادة تموضعها، وهذا ما يفسر أيضاً الهجمة العسكرية على الغوطتين وفتح معركة القلمون وتوسيع رقعة الضغط على الجيش السوري لتحقيق توازنات جديدة تسمح بهامش واسع من المناورة.

في الموازاة، لا يسقط المصدر من حساباته مواقف السعودية المستجدة في أعقاب الاتفاق الإيراني الغربي وانفتاح طهران على دول الخليج العربي، بما فيها الإمارات العربية وسلطنة عمان والكويت، فهي باتت على حافة متغيرات لا يمكنها الا التسليم بها لعدم معاكسة الرياح الغربية والأميركية المقبلة على الشرق في ظل اتساع رقعة الحرب المعلنة على الارهاب.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-06
  • 5936
  • من الأرشيف

لماذا استعرت الحرب الإعلامية بين سورية والسعودية؟

لم يكد يمضي ساعات معدودة على توقيع الاتفاق النووي بين الدول الغربية وايران، حتى تحولت الحرب المكتومة بين السعودية من جهة وسورية و”حزب الله” من جهة ثانية، إلى حرب كلامية وإعلامية مفتوحة في مشهد متناسق ومترابط يوحي وكأن هناك قراراً كبيراً بتعرية المملكة من خلال الكشف عن أسماء المقاتلين السعوديين الذين سقطوا في المعارك ومسارعة مندوب سورية في الأمم المتحدة بشار الجعفري للإعلان عن 300 أسير سعودي لدى القوات النظامية وفي فروع المخابرات التابعة لها في رسالة واضحة مفادها أنه على السلطات السعودية الإتصال بالقيادة السورية والتفاهم معها، وإلا ستتم معاملتهم على أساس أنهم أسرى حرب تابعين لدولة غير صديقة إذا لم تكن عدوة. واللافت هو التزامن بين إطلاق الحملة الإعلامية على المملكة وزيارة رئيس جهاز استخباراتها الأمير بندر بن سلطان للعاصمة الروسية، في مشهد يوحي وكأن موسكو أرادت استباق اللقاء مع بن سلطان بفتح ملف ضاغط مثبت بالوقائع عنوانه التدخل المباشر إلى جانب جبهة “النصرة” في محاولة جادة لإرغام الرياض على المشاركة في مؤتمر جنيف 2 من دون شروط مسبقة، وهي في حالة إحراج تمنعها من الإدلاء برأيها، بل على العكس فإنها قد تشارك من باب البحث عن مخرج لمأزقها لا سيما أن الأجهزة السورية لم تكتف بما أعلنه الجعفري بل عمدت إلى تزويد الدول المعنية بالوثائق المرفقة بأسماء المقاتلين وانتماءاتهم. في هذا السياق، يعرب دبلوماسي شرقي عن اعتقاده بأن بن سلطان كان يعمل على جبهة الأمن السوري لعدة أسباب أبرزها أنه كان يريد أن يستهل محادثاته في موسكو في أثناء تقدم المعارضة السورية باتجاه العاصمة دمشق لخلق نوعاً من التوازن يسمح له بإجراء مفاوضات وليس الاكتفاء بالاستماع إلى النصائح الروسية، كما حصل بالفعل، بعد أن وصلت أخبار فشل فك الحصار عن الغوطة الشرقية ووقوع عدد كبير من القتلى والجرحى والأسرى في صفوفهم، لا بل أن كل ما كانت القيادة السعودية تبني عليه سقط قبل انعقاد الاجتماع وأسس إلى فشل جديد استبقته موسكو بتوجيه النصح لعدم الاستمرار في دعم الإرهاب، والاستعاضة عن ذلك بدعم الشعب السوري والإعمار والمشاركة في البحث الجدي عن الحلول السياسية التي تقي الشرق الأوسط المزيد من الأزمات المتنقلة. وفي حين لا يشكك الدبلوماسي بالمعلومات التي أبلغتها سورية إلى الدول المعنية، يربط بين الحملة السورية ومؤتمر جنيف 2، فصحيح أن المشهد انقلب رأساً على عقب ولكن الأصح أن لسورية شروط وهي هوية الدول المشاركة أولا وطبيعة موقفها من الأزمة ككل، وبالتالي فإنها بدأت بانتهاج سياسة الضغط على خصومها السياسيين قبل الميدانيين، خصوصاً أن هناك معلومات متداولة على أعلى المستويات تؤكد أن المملكة بسياستها الراهنة محكومة بمهلة زمنية لا تتعدى موعد المؤتمر لإعادة تموضعها، وهذا ما يفسر أيضاً الهجمة العسكرية على الغوطتين وفتح معركة القلمون وتوسيع رقعة الضغط على الجيش السوري لتحقيق توازنات جديدة تسمح بهامش واسع من المناورة. في الموازاة، لا يسقط المصدر من حساباته مواقف السعودية المستجدة في أعقاب الاتفاق الإيراني الغربي وانفتاح طهران على دول الخليج العربي، بما فيها الإمارات العربية وسلطنة عمان والكويت، فهي باتت على حافة متغيرات لا يمكنها الا التسليم بها لعدم معاكسة الرياح الغربية والأميركية المقبلة على الشرق في ظل اتساع رقعة الحرب المعلنة على الارهاب.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة