في الطائفة العلوية قليلون يُعادون آل عيد. مع ذلك، يمثلون الطائفة في المجلس النيابي. من هؤلاء النائب بدر ونوس، الذي يعترف بأنه وصل إلى كرسيه بأصوات سنية. ونّوس كان يحب الرئيس السوري بشار الأسد، وبات الآن يحب ميشال سليمان

في كتلة المستقبل نائب يُحب الرئيس بشار الأسد. إنه بدر ونّوس. قال ذلك صراحة عام 2009 في حديث لصحيفة «الوطن العربي» التي عنونت آنذاك مقابلتها معه بهذا الخبر. من حسن حظّ ونّوس، أن ذاكرة الرئيس سعد الحريري وبعض المحيطين به، لربما تكون ضعيفة. حتّى لو أراد هؤلاء العودة إلى تصريحه، فلن يجدوه متوافراً إذا قرروا البحث عنه في موقع «غوغل»، لكن ورقة مصورة في أرشيف النائب العلوي، تفي بالغرض. يحتفظ بها ونّوس، فيُخرجها كلما أراد التأكيد على أنه نائب شجاع، وهذا يعني أن كلامه لم يكُن محوّراً. يُمكن الخبر أن يكون عادياً بالنسبة إلى البعض. فالكثيرون من نواب تيار المستقبل لطالما تغنوا بصفات آل الأسد من الأب إلى الابن، وإعلام الراية الزرقاء خيرُ شاهد، لكن ذلك كله، سبق اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005. أما أن يُعلن نائب مستقبلي حبّه في العلن للرئيس السوري بعد 4 سنوات من الجريمة، فهو سبق صحافي لم يتنبّه إليه كثيرون، ولا سيما أن ونّوس لا يزال من «أقرب المقربين لزعيم تيار المستقبل» بحسب ما يقول.

طبعاً، لا علاقة بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير داخل تيار المستقبل بالأمر. فتجاهل أحاسيس النائب، يبقى ضرورة ما دامت حاجة المستقبل إلى شخصية علوية مناوئة لآل عيد في طرابلس هي الهدف. صحيح أن ونوس تجاسر قبل 4 سنوات، ولم يُخفِ ما يُضمره، بيد أنه لن يفعل ذلك مرة أخرى، وتحديداً بعد تبدّل المشهد في سوريا. حتى لو لم تتغير مشاعره، فإنه يرى من الواجب أن يُبقيها قيد الكتمان. «اليوم، أنا أحبّ رئيسي العماد ميشال سليمان»، هكذا يُجيب ونوس بعد سؤاله ما إذا كان لا يزال يحب الرئيس السوري. أما عن رأيه في ما يحصل بسوريا، فـ «السوريون مسؤولون عنه، كلهم من دون استثناء».

في الطائفة العلوية، 83 في المئة من المقترعين صوتوا لرئيس الحزب العربي الديموقراطي علي عيد ونجله رفعت. هذا أمر واقع، لكن من يمثل الطائفة في مجلس النواب، هم من المناوئين للعائلة الحاكمة، ويحظون بتأييد 9.9 في المئة من المقترعين. من بين هؤلاء النائب بدر ونوس، المعترض على «عسكرة العائلة لجبل محسن». فاز ونوس بمقعد طائفته في المجلس النيابي بأصوات السنّة الموالين للرئيس سعد الحريري. هذا أمر لا يستحي به، بل على العكس. يمسك باللوائح والأرقام ليتباهى بحصوله على أصوات سنية «تلامس الأرقام التي حصل عليها الوزير محمد الصفدي والرئيس نجيب ميقاتي». أما الأصوات العلوية، «فخلافاً للأرقام الموجودة في الصناديق، وهي أرقام ضغط وسلاح وترهيب، أنا أكثر من حصل على أصوات في الجبل». مع ذلك «يُمكن أبناء جبل محسن أن يضعوا صورة لسعد الحريري يوماً ما، أما ونوس، فلا أثر لشيء يخصّه»، بحسب ما يقول بعض أبناء الجبل غير المعادين لونوس، مضيفين: «لم يبق الا بناء تعود ملكيته إلى عائلته، تقطن فيه أخت النائب المستقبلي، وقطعة أرض حاول آل عيد شراءها منه بشتى الوسائل، من دون أن ينجحوا في ذلك»، مع العلم أن «حدودها ملاصقة لمنزل علي عيد في الجبل». حتى إن ونوس، لمح يوماً إلى أنه «من الممكن أن يحولها إلى مزرعة، أفضل من أن يبيعها لآل عيد».

وعلى الرغم من أن أحداً في جبل محسن لا يمكنه مبايعة ونوس في العلن، الا أن «كثيرين منهم يقصدون منزله ومكتبه طلباً للخدمات»، وهو الذي صار نائباً عنهم بغير أصواتهم منذ عام 2005. فبعيداً عن الاختلاف في السياسة الداخلية للطائفة، يؤكد ونوس أنه «مقبول عند العلويين، وهو يستطيع دخول الجبل لتقديم واجب عزاء هنا، أو حضور مناسبة هناك، متى أراد ذلك». حتّى إنه «لا يأتي إلى بيروت من بيته في الكورة، الا بعد دخوله إلى الجبل»، بحسب ما يشير، لكن لأبناء الجبل «رواية» أخرى تؤكد «عدم دخوله منطقتنا منذ عام 2008، بعدما تعرض موكبه للرشق بالبيض من قبل البعض». مع ذلك لا يمكن «الجبل» أن ينسى ما قدّمه ونوس إليه قبل هذا العام. حصلت عائلات علوية من خلاله على «نسب لا بأس بها من المساعدات التي كان يرسلها الرئيس سعد الحريري إلى الشمال». وفي أحد أدراج مكتبه، جداول تؤكد بـ«الأسماء والأرقام، تأمين أموال لعدد من العلويين، بهدف إجراء ما يقارب ألف عملية جراحية، حتى لأسماء نافرة تعمل ضد المستقبل». فقد «حرصنا على طلب نسبة 10 في المئة، من المساعدات التي كان يرسلها الحريري إلى الشمال، بما أننا نمثل 10 في المئة من سكانها»، يقول النائب الطرابلسي. هذه المساعدات كانت تصل بعد «لقاء المصالحة التي جرى مع الحزب العربي الديمقراطي، قبل أن ينقضه الأخير». حينها كان «الحريري في جبل محسن ملاكاً بجناحين، قبل أن يصبح شيطاناً في نظرهم». ولمن لا يعرف «فمنير صفطلي، صهر علي عيد، هو منسق أخبار تيار المستقبل في طرابلس، كما أن السيد محسن عيد، عمّ علي عيد، من الأصدقاء المقربين لي، وأنا الوكيل القانوني لبناته» يشير ونّوس.

ما يربط ونوّس بعلي عيد علاقة «صحبة قديمة، عندما كنت رئيساً لجمعية الشبيبة العلويين، وكان علي عيد عضواً فيها، قبل أن يبدأ باستغلال الجمعية لأهداف شخصية، ومن حينها أنا لا أثق به» يقول ونّوس. أما الصراعات بين منطقة جبل محسن وباب التبانة، فهي، في رأي ونّوس، «ليست مذهبية بين علوي وسني»، والدليل أن «60 في المئة في أبناء الجبل هجروه، وهم يعيشون اليوم في قلب المدينة». يتحدث عن «عمليات القنص التي استهدفت أبناء الجبل، ولم يبق تيار أو مرجعية في طرابلس إلا استنكر ما يحصل». ويتفاخر بقدرته على «التجول في باب التبانة مع أنني علوي، وليس تيار المستقبل هو من يحمي ظهري، بل العلاقة التي تجمعني بأبناء المنطقة».

لم يولّد ونوس في جبل محسن ولم ينشأ فيها. هو أصلاً من مواليد باب التبانة (سنة 1937)، ويعيش حالياً في الكورة، بعدما أمضى وقتاً طويلاً في مجدليا. هل ثمة ما يمنعه كنائب علوي من تقديم مبادرة سياسية، لتسوية الامور بين جبل محسن وباب التبانة أو حتى التيار الذي يمُثله؟ الموضوع «أقرب إلى المستحيل» في نظره. يتحدى «أن يستطيع أي مسؤول لبناني طرح مبادرة سياسية وتنجح في طرابلس». والسبب؟ أن «القرار ليس قراراً لبنانياً، والمقاتلون هم أدوات لا يسمعون لا من بدر ونوس ولا من غيره»، ولكل منهم |معلّم يستشيره.

الرجل «معجب جداً بالشيخ سعد»، ومرتاح لكونه «نائباً في تياره الذي دخل إليه من خلال العلاقة التي جمعته بالرئيس رفيق الحريري، وعدد من النواب، كسمير الجسر». ومع ذلك لا يطرح المحامي نفسه كنائب مستقبلي «للعظم». يتعاطى السياسة «ضمن حدود، ولست ملتزماً». لربما ذلك يفسّر عدم إعطائه موقفاً واضحاً حتى الآن مما يحصل في سوريا، على عكس زملائه النواب، ولا سيما أن «كل الكلام عن الأحداث في سوريا لن يقدم ولن يؤخر»، كما يقول.

  • فريق ماسة
  • 2013-12-13
  • 6901
  • من الأرشيف

بدر ونوس: النائب المستقبلي الذي (كان) يحب بشار الأسد

في الطائفة العلوية قليلون يُعادون آل عيد. مع ذلك، يمثلون الطائفة في المجلس النيابي. من هؤلاء النائب بدر ونوس، الذي يعترف بأنه وصل إلى كرسيه بأصوات سنية. ونّوس كان يحب الرئيس السوري بشار الأسد، وبات الآن يحب ميشال سليمان في كتلة المستقبل نائب يُحب الرئيس بشار الأسد. إنه بدر ونّوس. قال ذلك صراحة عام 2009 في حديث لصحيفة «الوطن العربي» التي عنونت آنذاك مقابلتها معه بهذا الخبر. من حسن حظّ ونّوس، أن ذاكرة الرئيس سعد الحريري وبعض المحيطين به، لربما تكون ضعيفة. حتّى لو أراد هؤلاء العودة إلى تصريحه، فلن يجدوه متوافراً إذا قرروا البحث عنه في موقع «غوغل»، لكن ورقة مصورة في أرشيف النائب العلوي، تفي بالغرض. يحتفظ بها ونّوس، فيُخرجها كلما أراد التأكيد على أنه نائب شجاع، وهذا يعني أن كلامه لم يكُن محوّراً. يُمكن الخبر أن يكون عادياً بالنسبة إلى البعض. فالكثيرون من نواب تيار المستقبل لطالما تغنوا بصفات آل الأسد من الأب إلى الابن، وإعلام الراية الزرقاء خيرُ شاهد، لكن ذلك كله، سبق اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005. أما أن يُعلن نائب مستقبلي حبّه في العلن للرئيس السوري بعد 4 سنوات من الجريمة، فهو سبق صحافي لم يتنبّه إليه كثيرون، ولا سيما أن ونّوس لا يزال من «أقرب المقربين لزعيم تيار المستقبل» بحسب ما يقول. طبعاً، لا علاقة بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير داخل تيار المستقبل بالأمر. فتجاهل أحاسيس النائب، يبقى ضرورة ما دامت حاجة المستقبل إلى شخصية علوية مناوئة لآل عيد في طرابلس هي الهدف. صحيح أن ونوس تجاسر قبل 4 سنوات، ولم يُخفِ ما يُضمره، بيد أنه لن يفعل ذلك مرة أخرى، وتحديداً بعد تبدّل المشهد في سوريا. حتى لو لم تتغير مشاعره، فإنه يرى من الواجب أن يُبقيها قيد الكتمان. «اليوم، أنا أحبّ رئيسي العماد ميشال سليمان»، هكذا يُجيب ونوس بعد سؤاله ما إذا كان لا يزال يحب الرئيس السوري. أما عن رأيه في ما يحصل بسوريا، فـ «السوريون مسؤولون عنه، كلهم من دون استثناء». في الطائفة العلوية، 83 في المئة من المقترعين صوتوا لرئيس الحزب العربي الديموقراطي علي عيد ونجله رفعت. هذا أمر واقع، لكن من يمثل الطائفة في مجلس النواب، هم من المناوئين للعائلة الحاكمة، ويحظون بتأييد 9.9 في المئة من المقترعين. من بين هؤلاء النائب بدر ونوس، المعترض على «عسكرة العائلة لجبل محسن». فاز ونوس بمقعد طائفته في المجلس النيابي بأصوات السنّة الموالين للرئيس سعد الحريري. هذا أمر لا يستحي به، بل على العكس. يمسك باللوائح والأرقام ليتباهى بحصوله على أصوات سنية «تلامس الأرقام التي حصل عليها الوزير محمد الصفدي والرئيس نجيب ميقاتي». أما الأصوات العلوية، «فخلافاً للأرقام الموجودة في الصناديق، وهي أرقام ضغط وسلاح وترهيب، أنا أكثر من حصل على أصوات في الجبل». مع ذلك «يُمكن أبناء جبل محسن أن يضعوا صورة لسعد الحريري يوماً ما، أما ونوس، فلا أثر لشيء يخصّه»، بحسب ما يقول بعض أبناء الجبل غير المعادين لونوس، مضيفين: «لم يبق الا بناء تعود ملكيته إلى عائلته، تقطن فيه أخت النائب المستقبلي، وقطعة أرض حاول آل عيد شراءها منه بشتى الوسائل، من دون أن ينجحوا في ذلك»، مع العلم أن «حدودها ملاصقة لمنزل علي عيد في الجبل». حتى إن ونوس، لمح يوماً إلى أنه «من الممكن أن يحولها إلى مزرعة، أفضل من أن يبيعها لآل عيد». وعلى الرغم من أن أحداً في جبل محسن لا يمكنه مبايعة ونوس في العلن، الا أن «كثيرين منهم يقصدون منزله ومكتبه طلباً للخدمات»، وهو الذي صار نائباً عنهم بغير أصواتهم منذ عام 2005. فبعيداً عن الاختلاف في السياسة الداخلية للطائفة، يؤكد ونوس أنه «مقبول عند العلويين، وهو يستطيع دخول الجبل لتقديم واجب عزاء هنا، أو حضور مناسبة هناك، متى أراد ذلك». حتّى إنه «لا يأتي إلى بيروت من بيته في الكورة، الا بعد دخوله إلى الجبل»، بحسب ما يشير، لكن لأبناء الجبل «رواية» أخرى تؤكد «عدم دخوله منطقتنا منذ عام 2008، بعدما تعرض موكبه للرشق بالبيض من قبل البعض». مع ذلك لا يمكن «الجبل» أن ينسى ما قدّمه ونوس إليه قبل هذا العام. حصلت عائلات علوية من خلاله على «نسب لا بأس بها من المساعدات التي كان يرسلها الرئيس سعد الحريري إلى الشمال». وفي أحد أدراج مكتبه، جداول تؤكد بـ«الأسماء والأرقام، تأمين أموال لعدد من العلويين، بهدف إجراء ما يقارب ألف عملية جراحية، حتى لأسماء نافرة تعمل ضد المستقبل». فقد «حرصنا على طلب نسبة 10 في المئة، من المساعدات التي كان يرسلها الحريري إلى الشمال، بما أننا نمثل 10 في المئة من سكانها»، يقول النائب الطرابلسي. هذه المساعدات كانت تصل بعد «لقاء المصالحة التي جرى مع الحزب العربي الديمقراطي، قبل أن ينقضه الأخير». حينها كان «الحريري في جبل محسن ملاكاً بجناحين، قبل أن يصبح شيطاناً في نظرهم». ولمن لا يعرف «فمنير صفطلي، صهر علي عيد، هو منسق أخبار تيار المستقبل في طرابلس، كما أن السيد محسن عيد، عمّ علي عيد، من الأصدقاء المقربين لي، وأنا الوكيل القانوني لبناته» يشير ونّوس. ما يربط ونوّس بعلي عيد علاقة «صحبة قديمة، عندما كنت رئيساً لجمعية الشبيبة العلويين، وكان علي عيد عضواً فيها، قبل أن يبدأ باستغلال الجمعية لأهداف شخصية، ومن حينها أنا لا أثق به» يقول ونّوس. أما الصراعات بين منطقة جبل محسن وباب التبانة، فهي، في رأي ونّوس، «ليست مذهبية بين علوي وسني»، والدليل أن «60 في المئة في أبناء الجبل هجروه، وهم يعيشون اليوم في قلب المدينة». يتحدث عن «عمليات القنص التي استهدفت أبناء الجبل، ولم يبق تيار أو مرجعية في طرابلس إلا استنكر ما يحصل». ويتفاخر بقدرته على «التجول في باب التبانة مع أنني علوي، وليس تيار المستقبل هو من يحمي ظهري، بل العلاقة التي تجمعني بأبناء المنطقة». لم يولّد ونوس في جبل محسن ولم ينشأ فيها. هو أصلاً من مواليد باب التبانة (سنة 1937)، ويعيش حالياً في الكورة، بعدما أمضى وقتاً طويلاً في مجدليا. هل ثمة ما يمنعه كنائب علوي من تقديم مبادرة سياسية، لتسوية الامور بين جبل محسن وباب التبانة أو حتى التيار الذي يمُثله؟ الموضوع «أقرب إلى المستحيل» في نظره. يتحدى «أن يستطيع أي مسؤول لبناني طرح مبادرة سياسية وتنجح في طرابلس». والسبب؟ أن «القرار ليس قراراً لبنانياً، والمقاتلون هم أدوات لا يسمعون لا من بدر ونوس ولا من غيره»، ولكل منهم |معلّم يستشيره. الرجل «معجب جداً بالشيخ سعد»، ومرتاح لكونه «نائباً في تياره الذي دخل إليه من خلال العلاقة التي جمعته بالرئيس رفيق الحريري، وعدد من النواب، كسمير الجسر». ومع ذلك لا يطرح المحامي نفسه كنائب مستقبلي «للعظم». يتعاطى السياسة «ضمن حدود، ولست ملتزماً». لربما ذلك يفسّر عدم إعطائه موقفاً واضحاً حتى الآن مما يحصل في سوريا، على عكس زملائه النواب، ولا سيما أن «كل الكلام عن الأحداث في سوريا لن يقدم ولن يؤخر»، كما يقول.

المصدر : ميسم رزق


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة