كتب الصحافي David Ignatius في الواشنطن بوست في 18 شباط الماضي 2014 أن الادارة (1) الاميركية نظمت اجتماعا" بين عدد من قادة الأجهزة الاستخباراتية المعنية بالصراع السوري حضره مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس ومسؤول الCIA جون برينان والأمير محمد بن نايف ومسؤولو المخابرات التركية والقطرية والأردنية والاماراتية. تحدث البعض عن حضور ممثل للموساد "الاسرائيلي" بشكل غير معلن. تم الاجتماع بين 11 و13 شباط 2014 وخصص لبحث الملف السوري وناقش المجتمعون جدول أعمال مؤلف من عدة نقاط أهمها:

أ- تفعيل الدور السعودي بقيادة الأمير محمد بن نايف في مجالات تسليح ودعم المعارضة السورية المعتدلة وتوحيد صفوفها عبر دمج الجيش الحر (بعد اعادة هيكلة تنظيمه) والجيش الاسلامي، أي دمج الجناحين الاسلامي والعلماني في المعارضة السورية المسلحة وابراز الواجهة السياسية المتمثلة بالائتلاف الوطني وذلك بهدف مواجهة داعش والنصرة وكافة المجموعات المتطرفة التي استولت على "حركة الثورة" في بلاد الشام منذ صيف 2012. وتم الاتفاق بين مختلف الأطراف الأمنية على مساعدة الجهود السعودية واغلاق الحدود التركية والأردنية أمام عناصر القاعدة وطلب من الجانب التركي ضبط حركة جماعة "الأنصار والمهاجرين" (بقيادة أبو عمر الشيشاني) التي تتحرك عبر الحدود التركية باتجاه ريف ادلب وريف حلب وريف اللاذقية (جبل التركمان وسلمى).

ب- تثمين دور الأمير محمد بن نايف في مكافحة عناصر القاعدة في السعودية وسعيه في استصدار قرار ملكي بتاريخ 3 شباط 2014 بوضع جماعات القاعدة على غرار داعش وجبهة النصرة على قائمة الارهاب ومنع المواطنين السعوديين من الالتحاق بصفوف هذه القوى في سوريا. في هذا الاطار، شرح الجانب السعودي رغبة المملكة في الفصل بين الحركة السلفية الوهابية وبين الاخوان ولا سيما ان الجهاد السلفي السوري بات يجمع بين أفكار سيد قطب (الاخواني) والعقيدة الوهابية وصار لهذه التجربة "القاعدية" الجديدة تأثير ملموس على حركة الصحوة الدينية المعارضة في داخل المملكة وبات بنتيجته عودة المقاتلين السعوديين الى الديار مصدر تهديد مباشر للأمن القومي السعودي وخاصة مع وجود مئات المتطوعين السعوديين المحاربين في صفوف الجماعات المتطرفة في سوريا.

ت- جرى التمييز بين مقاربة الأمير محمد بن نايف لاحتواء خطر القاعدة في سوريا ومقاربة الأمير بندر بن سلطان التي ركزت على استثمار كافة جماعات القاعدة في المنطقة في المعركة السورية وفي الاشتباك الأمني مع ايران وحزب الله، الأمر الذي جعل من فروع تنظيم القاعدة أذرع للسياسة الخارجية السعودية، وهذا التوجه سمح بتنامي دور داعش وجبهة النصرة وكتائب عبد الله عزام والجهاديين الغرباء وأدى الى سيطرتهم على الثورة السورية المسلحة، ومكن أبو بكر البغدادي من تحويل القاعدة في العراق الى قوة اقليمية مستقلة تسيطر على مناطق جغرافية واسعة من الأنبار الى الرقة وصولا" الى ريف حلب. فباتت سياسة الأمير بندر، التي من المفترض أنها تقوض قوة الجيش السوري، باتت تهدد المصالح الحيوية لأميركا والغرب لأن القاعدة أضحت البديل الوحيد لحكم الأسد في حال سقوطه. لذلك، حصل الخلاف الأميركي مع الأمير بندر وبات على الأمير محمد تعديل السياسة السعودية ضمن اتجاه مزدوج يتضمن احتواء القاعدة وضربها من جهة وتقديم المساعدة للمعارضة السورية المعتدلة لتحسين مواقعها الميدانية وأدائها وفعاليتها لمواجهة قوات نظام الأسد من جهة أخرى. وفي هذا الاطار، وضع الجانب السعودي تفاصيل خطة مركبة لتسليح المعارضة السورية المعتدلة تنطلق من الحدود العراقية مع الأنبار والحدود الأردنية مع درعا والقنيطرة.

ج- تعهد الجانب السعودي باسم المجلس الخليجي وضع موازنة لسنة 2014 لدعم معركة المعارضة السورية بلغت 1.2 مليار دولار.

ح- تحدث مدير ال CIA جون برينان عن نشاط جهازه في الأردن منذ أكثر من سنة وعن برنامج لتدريب مقاتلي الجيش الحر في معسكر خاص في منطقة اربد وتعهد بتخريج 250 عنصرا" شهريا" بدلا" من 75، وأشار الى وجود نحو 3000 عنصر أجروا تدريبات مكثفة في الأردن منذ سنة ونصف السنة استعدادا" لفتح جبهة الحدود الأردنية. كما تعهد مسؤول السي أي اي بتأمين رواتب عناصر الجيش الحر شهريا" (مبلغ 2 مليون دولار) لتقوية بنيتها لكي تستطيع منافسة جماعات القاعدة في الميدان.

ع- في اطار تحريك جبهة الأردن جرى التطرق الى فتح هذه الجبهة في وقت قريب ضد النظام السوري لتشتيت قواته وانتباهه وعلى أن تمتد هذه الجبهة من درعا والقنيطرة الى ريف دمشق الشرقي. وتم مراجعة عملية الهجوم التي نفذها نحو ألف مقاتل في الشتاء الماضي 2013 بأمر من الأمير بندر وكذلك عملية التسلل الفاشلة الأخيرة التي انطلقت من الأردن عبر البادية ووقعت في كمين محكم عند بلدة العتيبة. في هذا السياق، ناقش ممثل الموساد مسألة أمن الحدود الاسرائيلية في الجولان والقنيطرة وضرورة قيام حزام أمني تسيطر عليه العناصر المعتدلة التابعة لعبد الاله البشير وكذلك ضرورة ابعاد عناصر القاعدة عن الحدود الاسرائيلية – الأردنية. اذ أن الجيش الاسرائيلي ينفذ الآن سياسة "الجدار الطيب" حيال جماعة الجيش الحر على غرار ما قام به في الشريط الحدودي اللبناني عام 1976 وذلك من أجل اقامة منطقة عازلة لحماية عمق الحدود الاسرائيلية. ولكن، يخشى الجانب الاسرائيلي استغلال المجموعات المتشددة فتح جبهة عسكرية في منطقة درعا والقنيطرة والجولان من أجل التمركز في المنطقة واقامة قواعد فيها والتسلل منها الى شبعا والجنوب اللبناني عبر معبر بيت جن.

 

غ- ناقش المجتمعون كذلك مسألة مساعدة تركيا قوات المعارضة المعتدلة الناشطة في ريف ادلب وريف اللاذقية ومن بينها حركة ثوار سوريا بقيادة جمال معروف والكتائب التابعة لهيثم عفيسة (نائب عبد الاله البشير) في ريف ادلب. ثمن المجتمعون دور تلك المجموعات "المعتدلة" في طرد قوات داعش مؤخرا" من ريف ادلب وبعض ريف حلب وصولا" الى مشارف الرقة وتناولوا امكانية فتح جبهة ثانية في ريف اللاذقية للضغط على "غرفة نوم" الرئاسة السورية  بعدما فشلت المحاولة العسكرية السابقة السنة الماضية بسبب الخلافات الميدانية بين الجيش الحر ومجموعات داعش والنصرة و"الانصار والمهاجرين". هنا تعهدت كل من تركيا وقطر والامارات في بذل الجهود المناسبة لتحريك جبهة ريف ادلب انطلاقا" من الحدود التركية باتجاه ريف اللاذقية.

ل- تطرق المنتدون الى مسألة اعادة هيكلة الجيش الحر بقيادة البشير بعد ازاحة سليم ادريس وامكانية دمج وحدات الجيش الحر والجبهة الاسلامية ضمن قيادة أركان موحدة وتأمين التنسيق السياسي بين الذراع العسكرية للمعارضة والذراع السياسية المتمثلة بالائتلاف الوطني السوري وخاصة أن محادثات جنيف 2 برهنت عن انفصام بينهما. ترغب واشنطن في مجال محاربة القاعدة عبر دمج القوى المعتدلة تكرار تجربة "مجالس الصحوة" التي أقامتها في العراق سنة 2006 لمواجهة القاعدة بقيادة أبو مصعب الزرقازي.

ن- بحث المجتمعون أخيرا" في كيفية جمع معلومات دقيقة عن نحو 7000 مقاتل أجنبي في سوريا وعن نشاطهم وانتماءاتهم التنظيمية ولا سيما أن من بين هؤلاء حوالي 1700 أوروبي ومئات الأميركيين والكنديين والأستراليين ممن يشكلون خطرا" مباشرا" على الأمن القومي الأميركي وأمن الدول الأوروبية. وصار خطر هؤلاء وشيكا" بعدما وردت معلومات للمخابرات الأميركية عن قيام القاعدة بتدريب عناصر أجنبية في معسكراتها في سوريا تمهيدا" لارسالهم الى البلدان الغربية لتنفيذ هجمات فيها.

الأمير محمد بن نايف بدلا" من الأمير بندر بن سلطان

 الأمير محمد، المسؤول عن برنامج مكافحة ارهاب القاعدة في المملكة أمنيا" وفكريا" أثبت عن بعض النجاح في مهمته في السنوات الماضية الأمر الذي يجعل منه الشريك السعودي المفضل للأجهزة الأمنية الأميركية في الوقت الحاضر. فهو يشبه اللواء محسن الأحمر في اليمن، الذي كلفته واشنطن سنة 2005 بتنفيذ برنامج دولي لمكافحة القاعدة، أكثر مما يشبه اللواء السوري شوكت. هو على تفاهم تام مع جون كيري ومدير ال CIAجون برينان وقد ساعد الأجهزة الأمنية الأميركية في احباط عمليات تفجير كانت تعد لها القاعدة ضد أهداف غربية. تمتاز سياسة الأمير محمد في مجال الحرب ضد القاعدة بأنها صامتة ومرنة وتعتمد أكثر على السياسة والضغوط الدبلوماسية والمناصحة وليس العمل العسكري. استبدال الأمير بندر بالأمير محمد بن نايف ضمن الخطة الأميركية الجديدة في سوريا تعكس تفاهما" بين الرياض وواشنطن من جديد حول الملف السوري وذلك بعد فترة من الخلافات جراء برامج دعم القاعدة التي نفذها الأمير بندر بن سلطان خلال الفترة الماضية.

يعزو الأمير بندر فشله الى امتناع أوباما عن استخدام القوة ضد النظام السوري ورفضه زيادة الدعم العسكري للمتمردين . كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد وصفه أنه صاحب "رأس حامي" و"مشاكس" وأنه بات مشكلة بحد ذاته. هذه هي المرة الثانية التي يتعرض فيها الأمير بندر الى مسائلة عنيفة من قبل الادارة الأميركية. فهو عندما كان سفيرا" للمملكة في واشنطن جاءه مدير الCIA آنذاك جورج تينيت في اليوم التالي من تفجيرات نيويورك 11 أيلول 2001 ووضع على مكتبه ملفا" أمنيا" يحتوي أسماء 11 انتحاريا" سعوديا" من أصل 19 نفذوا عملية تفجير البرجين، ومعتبرا" أن النظام السعودي مسؤول مباشرة عن أعمال القاعدة التي يمولها ويحتضنها الجناح الديني لنظام آل سعود.

فمن وجهة نظر واشنطن، اطاحة الرئيس الأسد لا تستحق مخاطرة دعم القوى السلفية الجهادية في سوريا وترى أن الحوار مع ايران حول ملفات المنطقة ومنها الملف السوري يجنبها الخسائر الاستراتيجية. واشنطن تطالب الأمير محمد بن نايف بتقوية جبهة المعتدلين السوريين ضد داعش وباضعاف نظام الأسد في آن معا"، وتدعو الى اعتماد سياسة سعودية مركبة أكثر حكمة من تلك التي انتهجها الأمير بندر. في هذا السياق، يشكو رئيس المخابرات السعودية رفض الأميركيين تسليح الثوار بأسلحة حديثة مضادة للطائرات (طالما سعى الأمير بندر لشراء نماذج من صواريخ Anza الباكستانية التي تطلق من على الكتف ضد الطائرات) بحجة أنها قد تقع في أيدي الجهاديين المرتبطين بالقاعدة. في هذا المجال، يستطيع الأمير محمد بن نايف طمأنة واشنطن والتعاطي في مسألة تسليح المعارضة السورية بواقعية وتروي والتركيز على دعم المعتدلين من بينهم. من نافل القول أن واشنطن تخشى قيام جماعات القاعدة انطلاقا" من سوريا، التي صارت أفغانستان ثانية، باستهداف الدول الغربية وطائراتها المدنية وسفاراتها ومصالحها وذلك عبر تجنيد وتدريب مواطنين غربيين متواجدين الآن في معسكراتها العديدة في المنطقة. ألم يعتبر وزير الأمن الداخلي الأميركيJeh Johnson أن الحرب السورية أصبحت مسألة أمن قومي أميركي؟ في هذا الاطار، يتساءل المراقبون عن الأسباب الفعلية لتخلي أميركا عن خدمات ولدها المدلل الأمير بندر الذي تعاون لسنوات طويلة مع الCIA لدعم المجاهدين الأفغان منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي ويخشون بأن تقوم ادارة أوباما بالتخلي أيضا" عن الأمير محمد بن نايف بعد استخدامه في المعركة السورية. فهل المطلوب من وزير الداخلية السعودي أن يخوض معركة ضد القاعدة على طريق التسوية المرتقبة بين واشنطن وطهران ومن ثم يصبح كبش المحرقة كما حصل مع قريبه الأمير بندر عشية التفاهم الأميركي – الايراني حول برنامج طهران النووي؟

جبهة الأردن والرهان على "الجيش الحر" بقيادة عبد الاله البشير

أعاد الجيش الحر هيكلة صفوفه بعد تعيين عبد الاله البشير (المنحدر من القنيطرة) واخراج سليم ادريس من رئاسة أركانه ونقل مقر قيادة عملياته الى الأردن. لم يكن تعيين البشير من باب الصدفة ولا نائبه المنحدر من منطقة ادلب، ويقع ذلك ضمن تفكير سعودي – أميركي بضرورة تحريك جبهة الأردن وجبهة ريف اللاذقية انطلاقا" من الاسكندرون (أنطاكية) في المرحلة المقبلة. يقال أن التحضيرات التي تقام في الأردن لجهة تدريب مئات المقاتلين تمهد لفتح جبهة على طول الحدود الأردنية من درعا والسويداء وصولا" الى القنيطرة والجولان. كثفت الCIA في الآونة الآخيرة عمليات الاستطلاع في المناطق المتاخمة للحدود وقد أرسلت مؤخرا" "قوة طليعة" مؤلفة من 250 مقاتلا" عبر البادية لاختبار جهوزية الجيش السوري في ريف دمشق فوقعت تلك القوة في كمين حقل الألغام في العتيبة. هذا الأمر جعل الCIA تستنتج أن معركة درعا والشريط الحدودي مع الأردن لن تكون سهلة.

من جهة أخرى، أرسلت المخابرات السعودية قوافل محملة بأسلحة باكستانية حديثة الى الحدود الأردنية ليتم ادخالها الى داخل الأراضي السورية عبر طرق البادية وتسليمها للجيش الاسلامي وقوات البشير. قامت بنفس الشيء في منطقة جنوبي الأنبار حيث جرى تهريب السلاح الى داخل سوريا عبر مسالك البوكمال والميادين في دير الزور. تنسيق المساعدات العسكرية الى المعارضة السورية بات أمرا" ضروريا" لأن الخلافات التركية – القطرية والتركية – السعودية والسعودية – الأردنية ومؤخرا" السعودية – القطرية شتت الجهود الاقليمية والدولية وزاد من الانقسامات في صفوف المقاتلين المعارضين ما أفسح المجال لسيطرة داعش وحلفائها على مناطق واسعة في شمالي وشرقي سوريا. أضف، أن التباعد الحالي بين الادارة الأميركية والسعودية من جهة وأردوغان وقطر من جهة أخرى حتم نقل معظم عدة المعركة السعودية الى الأردن. فأنقرة تواجه الآن خطرين على حدودها مع سوريا هما قيام "كردستان سوريا" و"امارة داعش"، وبالتالي لا تريد التوغل أكثر في الحرب السورية التي بدأت تمتد ذيولها الى داخل أراضيها. واذا نجح الجيش السوري في الأيام المقبلة بالتعاون مع حزب الله في السيطرة على القلمون ومعظم الحدود المشتركة اللبنانية – السورية فلا يبقى عندها أمام الجيش الحر سوى جبهة الاردن.

يعتبر خبراء الCIA والمخابرات الأردنية أن المنطقة الممتدة من درعا الى المزة في دمشق (طول 70 كلم) هي عمق استراتيجي واحد ويتم تقطيعها عند أكثر من نقطة في الوقت الحالي من داريا الى خان الشيح والكسوة وقطنا وبيت جن ونوى وغيرها وهي مناطق تحت سيطرة المعارضة تفصل بين العاصمة ومحافظتي درعا والقنيطرة. هناك تفكير آخر في هذا السياق يرى أن استخدام طريق البادية بمحاذاة السويداء باتجاه الغوطة الشرقية يكمل هذه الخطة. أي أن جبهة الأردن تهدف الى فتح معركة اسقاط دمشق أيضا" اضافة الى اقامة حزام أمني على طول الحدود الأردنية – الاسرائيلية.

ولكن، يرى المراقبون أن اكتشاف غرفة عمليات الجيش السوري لتسلل "قوة الطليعة" التي وقعت في "شرك الالغام" عند تخوم العتيبة يدل على أنها قد استفادت من معلومات أمنية قدمتها الأقمار الصناعية الروسية والايرانية (التي ترى عدساتها تسلل المقاتلين في الليل) ومن تقنيات متطورة في بناء حقول الألغام الممتدة على أكثر من 300 متر (وهي خبرات حديثة لم تكن متوفرة لدى الجيش السوري من قبل). اذا"، لم يعد أمام الجهود الأميركية والسعودية والغربية سوى استخدام الأردن لاستكمال المعركة ضد نظام الأسد على المستوى الاقليمي. علما"، أن ملك الأردن عبد الله الثاني يخشى من أن تتسبب فتح الجبهة الأردنية بزعزعة الاستقرار الداخلي الاردني في بلده وبتزايد تدفق أعداد النازحين السوريين باتجاه الأراضي الأردنية. فاستخدام الأردن كبلد عربي في الحرب الأميركية ضد بلد عربي آخر ومجاور قد يتسبب حكما" باضطراب الاستقرار الداخلي الأردني. في هذا الاطار، يخشى البلاط الهاشمي من قيام اسرائيل بتنفيذ مشروع "الوطن البديل" عبر تهجير فلسطيني الضفة وأراضي 1948 الى الأردن. بالطبع هناك صعوبة لدى الرياض وواشنطن في استخدام الأراضي العراقية بشكل مكشوف في حربهما ضد نظام الأسد. فالحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي تشن حربا" ضد داعش بمباركة أميركية – غربية وتتهم في هذا السياق المملكة السعودية بتقديم الدعم المالي والعسكري لجماعات القاعدة وللمعارضة السنية في العراق.

من جهة أخرى، مشاركة أجهزة المخابرات التركية التابعة لأردوغان في تسهيل معركة الجيش الحر وجبهة النصرة وجبهة ثوار سوريا بفتح جبهة جديدة في ريف اللاذقية ومهاجمة بلدة كسب الحدودية ستؤدي الى خلق ارتدادات أمنية تنعكس سلبا" على الداخل التركي في أنطاكية ولا سيما أن النظام السوري يستطيع تحريك مناصريه من العرب والعلويين والمسيحيين المتواجدين في اقليم الاسكندرون. وتجدر الاشارة هنا الى أن عام 1978 شهد أحداثا" دامية في الاسكندرون بين مختلف مكوناتها على خلفية الصراع التركي – السوري في تلك الحقبة. اذا"، جبهة اللاذقية وريف ادلب قد تؤدي أيضا" الى تهجير أعداد متزايدة من اللاجئين من أبناء تلك الأرياف باتجاه الأراضي التركية.

  • فريق ماسة
  • 2014-05-27
  • 8267
  • من الأرشيف

"تفاصيل خطيرة"... هكذا دخل الأمير محمد بن نايف أتون الحرب السورية؟!

  كتب الصحافي David Ignatius في الواشنطن بوست في 18 شباط الماضي 2014 أن الادارة (1) الاميركية نظمت اجتماعا" بين عدد من قادة الأجهزة الاستخباراتية المعنية بالصراع السوري حضره مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس ومسؤول الCIA جون برينان والأمير محمد بن نايف ومسؤولو المخابرات التركية والقطرية والأردنية والاماراتية. تحدث البعض عن حضور ممثل للموساد "الاسرائيلي" بشكل غير معلن. تم الاجتماع بين 11 و13 شباط 2014 وخصص لبحث الملف السوري وناقش المجتمعون جدول أعمال مؤلف من عدة نقاط أهمها: أ- تفعيل الدور السعودي بقيادة الأمير محمد بن نايف في مجالات تسليح ودعم المعارضة السورية المعتدلة وتوحيد صفوفها عبر دمج الجيش الحر (بعد اعادة هيكلة تنظيمه) والجيش الاسلامي، أي دمج الجناحين الاسلامي والعلماني في المعارضة السورية المسلحة وابراز الواجهة السياسية المتمثلة بالائتلاف الوطني وذلك بهدف مواجهة داعش والنصرة وكافة المجموعات المتطرفة التي استولت على "حركة الثورة" في بلاد الشام منذ صيف 2012. وتم الاتفاق بين مختلف الأطراف الأمنية على مساعدة الجهود السعودية واغلاق الحدود التركية والأردنية أمام عناصر القاعدة وطلب من الجانب التركي ضبط حركة جماعة "الأنصار والمهاجرين" (بقيادة أبو عمر الشيشاني) التي تتحرك عبر الحدود التركية باتجاه ريف ادلب وريف حلب وريف اللاذقية (جبل التركمان وسلمى). ب- تثمين دور الأمير محمد بن نايف في مكافحة عناصر القاعدة في السعودية وسعيه في استصدار قرار ملكي بتاريخ 3 شباط 2014 بوضع جماعات القاعدة على غرار داعش وجبهة النصرة على قائمة الارهاب ومنع المواطنين السعوديين من الالتحاق بصفوف هذه القوى في سوريا. في هذا الاطار، شرح الجانب السعودي رغبة المملكة في الفصل بين الحركة السلفية الوهابية وبين الاخوان ولا سيما ان الجهاد السلفي السوري بات يجمع بين أفكار سيد قطب (الاخواني) والعقيدة الوهابية وصار لهذه التجربة "القاعدية" الجديدة تأثير ملموس على حركة الصحوة الدينية المعارضة في داخل المملكة وبات بنتيجته عودة المقاتلين السعوديين الى الديار مصدر تهديد مباشر للأمن القومي السعودي وخاصة مع وجود مئات المتطوعين السعوديين المحاربين في صفوف الجماعات المتطرفة في سوريا. ت- جرى التمييز بين مقاربة الأمير محمد بن نايف لاحتواء خطر القاعدة في سوريا ومقاربة الأمير بندر بن سلطان التي ركزت على استثمار كافة جماعات القاعدة في المنطقة في المعركة السورية وفي الاشتباك الأمني مع ايران وحزب الله، الأمر الذي جعل من فروع تنظيم القاعدة أذرع للسياسة الخارجية السعودية، وهذا التوجه سمح بتنامي دور داعش وجبهة النصرة وكتائب عبد الله عزام والجهاديين الغرباء وأدى الى سيطرتهم على الثورة السورية المسلحة، ومكن أبو بكر البغدادي من تحويل القاعدة في العراق الى قوة اقليمية مستقلة تسيطر على مناطق جغرافية واسعة من الأنبار الى الرقة وصولا" الى ريف حلب. فباتت سياسة الأمير بندر، التي من المفترض أنها تقوض قوة الجيش السوري، باتت تهدد المصالح الحيوية لأميركا والغرب لأن القاعدة أضحت البديل الوحيد لحكم الأسد في حال سقوطه. لذلك، حصل الخلاف الأميركي مع الأمير بندر وبات على الأمير محمد تعديل السياسة السعودية ضمن اتجاه مزدوج يتضمن احتواء القاعدة وضربها من جهة وتقديم المساعدة للمعارضة السورية المعتدلة لتحسين مواقعها الميدانية وأدائها وفعاليتها لمواجهة قوات نظام الأسد من جهة أخرى. وفي هذا الاطار، وضع الجانب السعودي تفاصيل خطة مركبة لتسليح المعارضة السورية المعتدلة تنطلق من الحدود العراقية مع الأنبار والحدود الأردنية مع درعا والقنيطرة. ج- تعهد الجانب السعودي باسم المجلس الخليجي وضع موازنة لسنة 2014 لدعم معركة المعارضة السورية بلغت 1.2 مليار دولار. ح- تحدث مدير ال CIA جون برينان عن نشاط جهازه في الأردن منذ أكثر من سنة وعن برنامج لتدريب مقاتلي الجيش الحر في معسكر خاص في منطقة اربد وتعهد بتخريج 250 عنصرا" شهريا" بدلا" من 75، وأشار الى وجود نحو 3000 عنصر أجروا تدريبات مكثفة في الأردن منذ سنة ونصف السنة استعدادا" لفتح جبهة الحدود الأردنية. كما تعهد مسؤول السي أي اي بتأمين رواتب عناصر الجيش الحر شهريا" (مبلغ 2 مليون دولار) لتقوية بنيتها لكي تستطيع منافسة جماعات القاعدة في الميدان. ع- في اطار تحريك جبهة الأردن جرى التطرق الى فتح هذه الجبهة في وقت قريب ضد النظام السوري لتشتيت قواته وانتباهه وعلى أن تمتد هذه الجبهة من درعا والقنيطرة الى ريف دمشق الشرقي. وتم مراجعة عملية الهجوم التي نفذها نحو ألف مقاتل في الشتاء الماضي 2013 بأمر من الأمير بندر وكذلك عملية التسلل الفاشلة الأخيرة التي انطلقت من الأردن عبر البادية ووقعت في كمين محكم عند بلدة العتيبة. في هذا السياق، ناقش ممثل الموساد مسألة أمن الحدود الاسرائيلية في الجولان والقنيطرة وضرورة قيام حزام أمني تسيطر عليه العناصر المعتدلة التابعة لعبد الاله البشير وكذلك ضرورة ابعاد عناصر القاعدة عن الحدود الاسرائيلية – الأردنية. اذ أن الجيش الاسرائيلي ينفذ الآن سياسة "الجدار الطيب" حيال جماعة الجيش الحر على غرار ما قام به في الشريط الحدودي اللبناني عام 1976 وذلك من أجل اقامة منطقة عازلة لحماية عمق الحدود الاسرائيلية. ولكن، يخشى الجانب الاسرائيلي استغلال المجموعات المتشددة فتح جبهة عسكرية في منطقة درعا والقنيطرة والجولان من أجل التمركز في المنطقة واقامة قواعد فيها والتسلل منها الى شبعا والجنوب اللبناني عبر معبر بيت جن.   غ- ناقش المجتمعون كذلك مسألة مساعدة تركيا قوات المعارضة المعتدلة الناشطة في ريف ادلب وريف اللاذقية ومن بينها حركة ثوار سوريا بقيادة جمال معروف والكتائب التابعة لهيثم عفيسة (نائب عبد الاله البشير) في ريف ادلب. ثمن المجتمعون دور تلك المجموعات "المعتدلة" في طرد قوات داعش مؤخرا" من ريف ادلب وبعض ريف حلب وصولا" الى مشارف الرقة وتناولوا امكانية فتح جبهة ثانية في ريف اللاذقية للضغط على "غرفة نوم" الرئاسة السورية  بعدما فشلت المحاولة العسكرية السابقة السنة الماضية بسبب الخلافات الميدانية بين الجيش الحر ومجموعات داعش والنصرة و"الانصار والمهاجرين". هنا تعهدت كل من تركيا وقطر والامارات في بذل الجهود المناسبة لتحريك جبهة ريف ادلب انطلاقا" من الحدود التركية باتجاه ريف اللاذقية. ل- تطرق المنتدون الى مسألة اعادة هيكلة الجيش الحر بقيادة البشير بعد ازاحة سليم ادريس وامكانية دمج وحدات الجيش الحر والجبهة الاسلامية ضمن قيادة أركان موحدة وتأمين التنسيق السياسي بين الذراع العسكرية للمعارضة والذراع السياسية المتمثلة بالائتلاف الوطني السوري وخاصة أن محادثات جنيف 2 برهنت عن انفصام بينهما. ترغب واشنطن في مجال محاربة القاعدة عبر دمج القوى المعتدلة تكرار تجربة "مجالس الصحوة" التي أقامتها في العراق سنة 2006 لمواجهة القاعدة بقيادة أبو مصعب الزرقازي. ن- بحث المجتمعون أخيرا" في كيفية جمع معلومات دقيقة عن نحو 7000 مقاتل أجنبي في سوريا وعن نشاطهم وانتماءاتهم التنظيمية ولا سيما أن من بين هؤلاء حوالي 1700 أوروبي ومئات الأميركيين والكنديين والأستراليين ممن يشكلون خطرا" مباشرا" على الأمن القومي الأميركي وأمن الدول الأوروبية. وصار خطر هؤلاء وشيكا" بعدما وردت معلومات للمخابرات الأميركية عن قيام القاعدة بتدريب عناصر أجنبية في معسكراتها في سوريا تمهيدا" لارسالهم الى البلدان الغربية لتنفيذ هجمات فيها. الأمير محمد بن نايف بدلا" من الأمير بندر بن سلطان  الأمير محمد، المسؤول عن برنامج مكافحة ارهاب القاعدة في المملكة أمنيا" وفكريا" أثبت عن بعض النجاح في مهمته في السنوات الماضية الأمر الذي يجعل منه الشريك السعودي المفضل للأجهزة الأمنية الأميركية في الوقت الحاضر. فهو يشبه اللواء محسن الأحمر في اليمن، الذي كلفته واشنطن سنة 2005 بتنفيذ برنامج دولي لمكافحة القاعدة، أكثر مما يشبه اللواء السوري شوكت. هو على تفاهم تام مع جون كيري ومدير ال CIAجون برينان وقد ساعد الأجهزة الأمنية الأميركية في احباط عمليات تفجير كانت تعد لها القاعدة ضد أهداف غربية. تمتاز سياسة الأمير محمد في مجال الحرب ضد القاعدة بأنها صامتة ومرنة وتعتمد أكثر على السياسة والضغوط الدبلوماسية والمناصحة وليس العمل العسكري. استبدال الأمير بندر بالأمير محمد بن نايف ضمن الخطة الأميركية الجديدة في سوريا تعكس تفاهما" بين الرياض وواشنطن من جديد حول الملف السوري وذلك بعد فترة من الخلافات جراء برامج دعم القاعدة التي نفذها الأمير بندر بن سلطان خلال الفترة الماضية. يعزو الأمير بندر فشله الى امتناع أوباما عن استخدام القوة ضد النظام السوري ورفضه زيادة الدعم العسكري للمتمردين . كان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد وصفه أنه صاحب "رأس حامي" و"مشاكس" وأنه بات مشكلة بحد ذاته. هذه هي المرة الثانية التي يتعرض فيها الأمير بندر الى مسائلة عنيفة من قبل الادارة الأميركية. فهو عندما كان سفيرا" للمملكة في واشنطن جاءه مدير الCIA آنذاك جورج تينيت في اليوم التالي من تفجيرات نيويورك 11 أيلول 2001 ووضع على مكتبه ملفا" أمنيا" يحتوي أسماء 11 انتحاريا" سعوديا" من أصل 19 نفذوا عملية تفجير البرجين، ومعتبرا" أن النظام السعودي مسؤول مباشرة عن أعمال القاعدة التي يمولها ويحتضنها الجناح الديني لنظام آل سعود. فمن وجهة نظر واشنطن، اطاحة الرئيس الأسد لا تستحق مخاطرة دعم القوى السلفية الجهادية في سوريا وترى أن الحوار مع ايران حول ملفات المنطقة ومنها الملف السوري يجنبها الخسائر الاستراتيجية. واشنطن تطالب الأمير محمد بن نايف بتقوية جبهة المعتدلين السوريين ضد داعش وباضعاف نظام الأسد في آن معا"، وتدعو الى اعتماد سياسة سعودية مركبة أكثر حكمة من تلك التي انتهجها الأمير بندر. في هذا السياق، يشكو رئيس المخابرات السعودية رفض الأميركيين تسليح الثوار بأسلحة حديثة مضادة للطائرات (طالما سعى الأمير بندر لشراء نماذج من صواريخ Anza الباكستانية التي تطلق من على الكتف ضد الطائرات) بحجة أنها قد تقع في أيدي الجهاديين المرتبطين بالقاعدة. في هذا المجال، يستطيع الأمير محمد بن نايف طمأنة واشنطن والتعاطي في مسألة تسليح المعارضة السورية بواقعية وتروي والتركيز على دعم المعتدلين من بينهم. من نافل القول أن واشنطن تخشى قيام جماعات القاعدة انطلاقا" من سوريا، التي صارت أفغانستان ثانية، باستهداف الدول الغربية وطائراتها المدنية وسفاراتها ومصالحها وذلك عبر تجنيد وتدريب مواطنين غربيين متواجدين الآن في معسكراتها العديدة في المنطقة. ألم يعتبر وزير الأمن الداخلي الأميركيJeh Johnson أن الحرب السورية أصبحت مسألة أمن قومي أميركي؟ في هذا الاطار، يتساءل المراقبون عن الأسباب الفعلية لتخلي أميركا عن خدمات ولدها المدلل الأمير بندر الذي تعاون لسنوات طويلة مع الCIA لدعم المجاهدين الأفغان منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي ويخشون بأن تقوم ادارة أوباما بالتخلي أيضا" عن الأمير محمد بن نايف بعد استخدامه في المعركة السورية. فهل المطلوب من وزير الداخلية السعودي أن يخوض معركة ضد القاعدة على طريق التسوية المرتقبة بين واشنطن وطهران ومن ثم يصبح كبش المحرقة كما حصل مع قريبه الأمير بندر عشية التفاهم الأميركي – الايراني حول برنامج طهران النووي؟ جبهة الأردن والرهان على "الجيش الحر" بقيادة عبد الاله البشير أعاد الجيش الحر هيكلة صفوفه بعد تعيين عبد الاله البشير (المنحدر من القنيطرة) واخراج سليم ادريس من رئاسة أركانه ونقل مقر قيادة عملياته الى الأردن. لم يكن تعيين البشير من باب الصدفة ولا نائبه المنحدر من منطقة ادلب، ويقع ذلك ضمن تفكير سعودي – أميركي بضرورة تحريك جبهة الأردن وجبهة ريف اللاذقية انطلاقا" من الاسكندرون (أنطاكية) في المرحلة المقبلة. يقال أن التحضيرات التي تقام في الأردن لجهة تدريب مئات المقاتلين تمهد لفتح جبهة على طول الحدود الأردنية من درعا والسويداء وصولا" الى القنيطرة والجولان. كثفت الCIA في الآونة الآخيرة عمليات الاستطلاع في المناطق المتاخمة للحدود وقد أرسلت مؤخرا" "قوة طليعة" مؤلفة من 250 مقاتلا" عبر البادية لاختبار جهوزية الجيش السوري في ريف دمشق فوقعت تلك القوة في كمين حقل الألغام في العتيبة. هذا الأمر جعل الCIA تستنتج أن معركة درعا والشريط الحدودي مع الأردن لن تكون سهلة. من جهة أخرى، أرسلت المخابرات السعودية قوافل محملة بأسلحة باكستانية حديثة الى الحدود الأردنية ليتم ادخالها الى داخل الأراضي السورية عبر طرق البادية وتسليمها للجيش الاسلامي وقوات البشير. قامت بنفس الشيء في منطقة جنوبي الأنبار حيث جرى تهريب السلاح الى داخل سوريا عبر مسالك البوكمال والميادين في دير الزور. تنسيق المساعدات العسكرية الى المعارضة السورية بات أمرا" ضروريا" لأن الخلافات التركية – القطرية والتركية – السعودية والسعودية – الأردنية ومؤخرا" السعودية – القطرية شتت الجهود الاقليمية والدولية وزاد من الانقسامات في صفوف المقاتلين المعارضين ما أفسح المجال لسيطرة داعش وحلفائها على مناطق واسعة في شمالي وشرقي سوريا. أضف، أن التباعد الحالي بين الادارة الأميركية والسعودية من جهة وأردوغان وقطر من جهة أخرى حتم نقل معظم عدة المعركة السعودية الى الأردن. فأنقرة تواجه الآن خطرين على حدودها مع سوريا هما قيام "كردستان سوريا" و"امارة داعش"، وبالتالي لا تريد التوغل أكثر في الحرب السورية التي بدأت تمتد ذيولها الى داخل أراضيها. واذا نجح الجيش السوري في الأيام المقبلة بالتعاون مع حزب الله في السيطرة على القلمون ومعظم الحدود المشتركة اللبنانية – السورية فلا يبقى عندها أمام الجيش الحر سوى جبهة الاردن. يعتبر خبراء الCIA والمخابرات الأردنية أن المنطقة الممتدة من درعا الى المزة في دمشق (طول 70 كلم) هي عمق استراتيجي واحد ويتم تقطيعها عند أكثر من نقطة في الوقت الحالي من داريا الى خان الشيح والكسوة وقطنا وبيت جن ونوى وغيرها وهي مناطق تحت سيطرة المعارضة تفصل بين العاصمة ومحافظتي درعا والقنيطرة. هناك تفكير آخر في هذا السياق يرى أن استخدام طريق البادية بمحاذاة السويداء باتجاه الغوطة الشرقية يكمل هذه الخطة. أي أن جبهة الأردن تهدف الى فتح معركة اسقاط دمشق أيضا" اضافة الى اقامة حزام أمني على طول الحدود الأردنية – الاسرائيلية. ولكن، يرى المراقبون أن اكتشاف غرفة عمليات الجيش السوري لتسلل "قوة الطليعة" التي وقعت في "شرك الالغام" عند تخوم العتيبة يدل على أنها قد استفادت من معلومات أمنية قدمتها الأقمار الصناعية الروسية والايرانية (التي ترى عدساتها تسلل المقاتلين في الليل) ومن تقنيات متطورة في بناء حقول الألغام الممتدة على أكثر من 300 متر (وهي خبرات حديثة لم تكن متوفرة لدى الجيش السوري من قبل). اذا"، لم يعد أمام الجهود الأميركية والسعودية والغربية سوى استخدام الأردن لاستكمال المعركة ضد نظام الأسد على المستوى الاقليمي. علما"، أن ملك الأردن عبد الله الثاني يخشى من أن تتسبب فتح الجبهة الأردنية بزعزعة الاستقرار الداخلي الاردني في بلده وبتزايد تدفق أعداد النازحين السوريين باتجاه الأراضي الأردنية. فاستخدام الأردن كبلد عربي في الحرب الأميركية ضد بلد عربي آخر ومجاور قد يتسبب حكما" باضطراب الاستقرار الداخلي الأردني. في هذا الاطار، يخشى البلاط الهاشمي من قيام اسرائيل بتنفيذ مشروع "الوطن البديل" عبر تهجير فلسطيني الضفة وأراضي 1948 الى الأردن. بالطبع هناك صعوبة لدى الرياض وواشنطن في استخدام الأراضي العراقية بشكل مكشوف في حربهما ضد نظام الأسد. فالحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي تشن حربا" ضد داعش بمباركة أميركية – غربية وتتهم في هذا السياق المملكة السعودية بتقديم الدعم المالي والعسكري لجماعات القاعدة وللمعارضة السنية في العراق. من جهة أخرى، مشاركة أجهزة المخابرات التركية التابعة لأردوغان في تسهيل معركة الجيش الحر وجبهة النصرة وجبهة ثوار سوريا بفتح جبهة جديدة في ريف اللاذقية ومهاجمة بلدة كسب الحدودية ستؤدي الى خلق ارتدادات أمنية تنعكس سلبا" على الداخل التركي في أنطاكية ولا سيما أن النظام السوري يستطيع تحريك مناصريه من العرب والعلويين والمسيحيين المتواجدين في اقليم الاسكندرون. وتجدر الاشارة هنا الى أن عام 1978 شهد أحداثا" دامية في الاسكندرون بين مختلف مكوناتها على خلفية الصراع التركي – السوري في تلك الحقبة. اذا"، جبهة اللاذقية وريف ادلب قد تؤدي أيضا" الى تهجير أعداد متزايدة من اللاجئين من أبناء تلك الأرياف باتجاه الأراضي التركية.

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة