قد يستغرب البعض لما قمت برسم خارطة تُظهرُ انتشار مخيمات النازحين السوريين حول عرسال وما يحصل هو معركة بين الجماعات المسلحة والجيش، فما دخل مخيمات النازحين بالأمر؟

الموضوع سيتم بحثه في سياق النص، ولكن أولاً ماذا حصل في عرسال؟

بعد توقيف الجيش عماد أحمد جمعة، وهو أحد قادة النصرة سابقاً والذي بايع داعش منذ فترة،  انفجر الوضع حيث عمدت الجماعات المسلحة الى خطف جنديين من وحدة لوجستية والى اقتحام بلدة عرسال واحتلال مركز فصيلة قوى الأمن الداخلي، حيث تمّ تجريد عناصر قوى الأمن من أسلحتهم واقتيادهم الى منزل مصطفى الحجيري "أبو طاقية"، إضافةً الى السيطرة على حاجزين للجيش في وادي حميد والرهوة.

بتقديري أنّ اعتقال عماد جمعة ليس هو السبب الرئيسي لما يحصل، بقدر ما هو نقل المعركة من القلمون الى عرسال وربما الى بعض الأماكن في الشمال اللبناني، خصوصاً أننا بدأنا نسمع أصواتاً حول صليبية الجيش وعدائه للطائفة السنية بموازاة هجوم المسلحين، ولا يمكننا أن نفصل أمر انشقاق الجندي عاطف سعد الدين عن الجيش اللبناني كخطوة تعبوية لتحضير الجو النفسي.

بدايةً، لا  بدّ من توضيح أمر هام جدّاً وهو أنّ عرسال اليوم هي رهينة وليست بيئة حاضنة للجماعات المسلحة، ما خلا البعض من أهالي عرسال وهم قلّة مرتبطة بالجماعات ومستفيدة.

والجديد في الأمر هو دخول بعض أبناء عرسال على خط المواجهة الى جانب الجيش اللبناني، وهو أمر جدير بالاهتمام ويجب أن ننظر اليه نظرة إيجابية.

إنّ ما جرى ليس مجرد عملية عسكرية بسيطة بقدر ما ستكون عملية بغاية التعقيد، خصوصاً أنّ المسلحين اختاروا التغلغل في عرسال المدينة وليس فقط الجرود.

إنّ وجود حوالي 53 مخيم للنازحين تضّم حوالي 120 الف نازح، بينهم بحسب المعلومات حوالي 18 الف رجل قادرين على حمل السلاح، قد يشكل تعقيداً إضافياً في المراحل اللاحقة من المعركة، خصوصاً أنّ بعض المعلومات تشير الى أنّ المسلحين الذين احتلوا عرسال لم يأتوا من خارجها وإنما كانوا موجودين بداخلها.

والإشارة الى مخيمات النازحين السوريين وعددها ليست مجرّد إحصاء، بقدر ما هو دلالة على خطورة هذا العدد من البيئة الحاضنة للمسلحين وإمكانية رفدها بعنصر المقاتلين.

والأمر نفسه ينطبق على العديد من المعابر الحدودية المحاذية للبنان، وخصوصاً منطقة الزبداني المرتبطة جغرافياً بجبال عنجر، كما الأمر في سرغايا المرتبطة بمعربون وحام.

المسألة بالطبع ليست معزولة عن إمكانية وجود أعداد من المسلّحين المتخفين في العديد من مناطق البقاع الأوسط وفي مخيمات النازحين السوريين. وهذا ما يستدعي استنفاراً عسكرياً وأمنياً استثنائياً لمواجهة أي طارئ، خصوصاً أنّ مجموعات داعش قد تكون رتّبت وجودها في هذه المناطق بشكلٍ يسمح لها باستهداف نقاط تواجد الجيش، وهي نقاط بأغلبها حواجز أمنية وليست مواقع قتالية.

عرسال الآن تشكّل نموذجاً إن كان في شكل العمليات العسكرية أو في طريقة اصطفاف أهاليها، ما يؤشّر على طبيعة المرحلة القادمة.

فهل ستكون الكلمة للأهالي أم لأبو طاقية وأتباعه؟ علماً أنّ أي تعاون أو تستّر على المسلحين هو خروج واضح على القانون وسيشكّل مسّاً بوحدة الكيان اللبناني لما في الأمر من مخاطر تتجاوز معركة بسيطة.

ولكن، ما هو مطلوب الآن وبسرعة لاحتواء الأمر وتفويت الفرصة على الجماعات المسلحّة؟

1- فتح قناة تنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري من خلال اتفاقيات الدفاع المشترك التي لم يتم إلغاؤها في البلدين.

2- التنسيق العسكري الوثيق والمباشر بين وحدات الجيش اللباني والسوري ومعهما المقاومة كشريك في المواجهة.

3- السماح للطيران والمدفعية التابعة للجيش السوري بقصف واستهداف مواقع المسلحين في الأراضي اللبنانية.

4- البدء باسترجاع المواقع التي خسرها الجيش اللبناني وتثبيت مواقعه بشكل قتالي وليس أمني.

5- البدء بمحاصرة المسلحين وتقطيع أوصال عرسال الى أكثر من منطقة وعزل المسلحين في أكثر من بؤرة قتال لمنعهم من التواصل فيما بينهم.

6- وضع كافّة مخيمات النازحين تحت إجراءات مشددة وعدم التهاون في أية تحركات يمكن أن تنطلق منها.

7- تعزيز العمليات الأمنية بالتعاون بين كلّ الأجهزة ورفع حالة الجهوزية الى حدّها الأقصى خصوصاً في الأيام القادمة.

إنّ ما نشهده في عرسال قد يكون مجرّد عملية محدودة مرتبطة بالضغط الذي يعاني منه المسلحون، وهذا ما دفعهم لهذا الإجراء، وقد يكون أمراً كبيراً وخطيراً في سياق مخطط دخول داعش الى لبنان.

وفي كلا الحالتين، فإنّ أي تهاون من قبل الجيش والقوى الأمنية لن يكون لمصلحة لبنان أبداً.

  • فريق ماسة
  • 2014-08-01
  • 5471
  • من الأرشيف

عرسال تحت الإحتلال..

قد يستغرب البعض لما قمت برسم خارطة تُظهرُ انتشار مخيمات النازحين السوريين حول عرسال وما يحصل هو معركة بين الجماعات المسلحة والجيش، فما دخل مخيمات النازحين بالأمر؟ الموضوع سيتم بحثه في سياق النص، ولكن أولاً ماذا حصل في عرسال؟ بعد توقيف الجيش عماد أحمد جمعة، وهو أحد قادة النصرة سابقاً والذي بايع داعش منذ فترة،  انفجر الوضع حيث عمدت الجماعات المسلحة الى خطف جنديين من وحدة لوجستية والى اقتحام بلدة عرسال واحتلال مركز فصيلة قوى الأمن الداخلي، حيث تمّ تجريد عناصر قوى الأمن من أسلحتهم واقتيادهم الى منزل مصطفى الحجيري "أبو طاقية"، إضافةً الى السيطرة على حاجزين للجيش في وادي حميد والرهوة. بتقديري أنّ اعتقال عماد جمعة ليس هو السبب الرئيسي لما يحصل، بقدر ما هو نقل المعركة من القلمون الى عرسال وربما الى بعض الأماكن في الشمال اللبناني، خصوصاً أننا بدأنا نسمع أصواتاً حول صليبية الجيش وعدائه للطائفة السنية بموازاة هجوم المسلحين، ولا يمكننا أن نفصل أمر انشقاق الجندي عاطف سعد الدين عن الجيش اللبناني كخطوة تعبوية لتحضير الجو النفسي. بدايةً، لا  بدّ من توضيح أمر هام جدّاً وهو أنّ عرسال اليوم هي رهينة وليست بيئة حاضنة للجماعات المسلحة، ما خلا البعض من أهالي عرسال وهم قلّة مرتبطة بالجماعات ومستفيدة. والجديد في الأمر هو دخول بعض أبناء عرسال على خط المواجهة الى جانب الجيش اللبناني، وهو أمر جدير بالاهتمام ويجب أن ننظر اليه نظرة إيجابية. إنّ ما جرى ليس مجرد عملية عسكرية بسيطة بقدر ما ستكون عملية بغاية التعقيد، خصوصاً أنّ المسلحين اختاروا التغلغل في عرسال المدينة وليس فقط الجرود. إنّ وجود حوالي 53 مخيم للنازحين تضّم حوالي 120 الف نازح، بينهم بحسب المعلومات حوالي 18 الف رجل قادرين على حمل السلاح، قد يشكل تعقيداً إضافياً في المراحل اللاحقة من المعركة، خصوصاً أنّ بعض المعلومات تشير الى أنّ المسلحين الذين احتلوا عرسال لم يأتوا من خارجها وإنما كانوا موجودين بداخلها. والإشارة الى مخيمات النازحين السوريين وعددها ليست مجرّد إحصاء، بقدر ما هو دلالة على خطورة هذا العدد من البيئة الحاضنة للمسلحين وإمكانية رفدها بعنصر المقاتلين. والأمر نفسه ينطبق على العديد من المعابر الحدودية المحاذية للبنان، وخصوصاً منطقة الزبداني المرتبطة جغرافياً بجبال عنجر، كما الأمر في سرغايا المرتبطة بمعربون وحام. المسألة بالطبع ليست معزولة عن إمكانية وجود أعداد من المسلّحين المتخفين في العديد من مناطق البقاع الأوسط وفي مخيمات النازحين السوريين. وهذا ما يستدعي استنفاراً عسكرياً وأمنياً استثنائياً لمواجهة أي طارئ، خصوصاً أنّ مجموعات داعش قد تكون رتّبت وجودها في هذه المناطق بشكلٍ يسمح لها باستهداف نقاط تواجد الجيش، وهي نقاط بأغلبها حواجز أمنية وليست مواقع قتالية. عرسال الآن تشكّل نموذجاً إن كان في شكل العمليات العسكرية أو في طريقة اصطفاف أهاليها، ما يؤشّر على طبيعة المرحلة القادمة. فهل ستكون الكلمة للأهالي أم لأبو طاقية وأتباعه؟ علماً أنّ أي تعاون أو تستّر على المسلحين هو خروج واضح على القانون وسيشكّل مسّاً بوحدة الكيان اللبناني لما في الأمر من مخاطر تتجاوز معركة بسيطة. ولكن، ما هو مطلوب الآن وبسرعة لاحتواء الأمر وتفويت الفرصة على الجماعات المسلحّة؟ 1- فتح قناة تنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري من خلال اتفاقيات الدفاع المشترك التي لم يتم إلغاؤها في البلدين. 2- التنسيق العسكري الوثيق والمباشر بين وحدات الجيش اللباني والسوري ومعهما المقاومة كشريك في المواجهة. 3- السماح للطيران والمدفعية التابعة للجيش السوري بقصف واستهداف مواقع المسلحين في الأراضي اللبنانية. 4- البدء باسترجاع المواقع التي خسرها الجيش اللبناني وتثبيت مواقعه بشكل قتالي وليس أمني. 5- البدء بمحاصرة المسلحين وتقطيع أوصال عرسال الى أكثر من منطقة وعزل المسلحين في أكثر من بؤرة قتال لمنعهم من التواصل فيما بينهم. 6- وضع كافّة مخيمات النازحين تحت إجراءات مشددة وعدم التهاون في أية تحركات يمكن أن تنطلق منها. 7- تعزيز العمليات الأمنية بالتعاون بين كلّ الأجهزة ورفع حالة الجهوزية الى حدّها الأقصى خصوصاً في الأيام القادمة. إنّ ما نشهده في عرسال قد يكون مجرّد عملية محدودة مرتبطة بالضغط الذي يعاني منه المسلحون، وهذا ما دفعهم لهذا الإجراء، وقد يكون أمراً كبيراً وخطيراً في سياق مخطط دخول داعش الى لبنان. وفي كلا الحالتين، فإنّ أي تهاون من قبل الجيش والقوى الأمنية لن يكون لمصلحة لبنان أبداً.

المصدر : سلاب نيوز/ عمر معربوني


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة