دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم تقتصر مفاعيل عملية الجيش اللبناني المفاجئة للإرهابيين في طرابلس على الشمال فحسب، بل امتدت إلى بيروت وإلى ما بعد بيروت.
فبحسب المعلومات، فإنّ أبو مالك التلّي أمير جبهة النصرة كان يحضّر بالتنسيق مع صديقه "أبو الورد" المعروف بالـ"نمرود" لخطّة عسكرية تكون هي "ساعة الصفر" لبدء معركة في عدد من المناطق اللبنانية وذلك لإلهاء الجيش ومحاولة استغلال تشتّت ألويته للدخول إلى عرسال خصوصاً مع قدوم البرد والثلوج من جهة، وكذلك لمحاولة السيطرة على عدد من المناطق والبلدات لوضع قدم أقوى في الداخل اللبناني من جهةٍ ثانية.
بحسب المعلومات والوقائع، فإنّ ما حصل في طرابلس، وقبله في عاصون في الضنية أربك القابعين في عرسال وجرودها، فحاولوا التنسيق مع بعض خلاياهم النائمة على وجه السرعة، وكالعادة "في العجلة الندامة"، لماذا؟
تشير المعلومات الى أنّ الإتصالات العاجلة التي قام بها أبو مالك مع أحد الأشخاص في الطريق الجديدة، كان يساعد في إدارة مكتب الأسير في المنطقة سابقاً، لم تجد نفعاً، إذ أنّ الرجل لم يعد كما في السابق، فهو في الواقع لا "يمون" سوى على قلة تتواجد داخل مخيّم صبرا، والعيون الأمنية مصوبة نحوها. سارعت الأجهزة الأمنية والجيش اللبناني لتسيير دوريات داخل المنطقة وفي محيطها، بحيث نشطت مخابرات الجيش وفرع المعلومات لتقفّي أثر أي تحرّك لصدّه قبل حدوثه. هنا صُدمت النصرة، فطريق الجديدة التي هي معقل "السنة" في لبنان لم تجد الجبهة فيها من يناصرها في معركتها مع الدولة اللبنانية، فأبناء المنطقة الذين انساقوا في السابق مع الموجات المذهبية لن يسيروا بمسار معاداة دولتهم وجيشهم، ولو كان لهم خصام كبير مع شريك الجيش في الحرب على الإرهاب، حزب الله.
ليس بعيداً عن طريق الجديدة سوى حوالي السبعة عشر كيلومتراً، نجحت مخابرات الجيش بالتنسيق مع أهالي منطقة حارة الناعمة، في توقيف عناصر مبايعة للتنظيمات الإرهابية، ومشكوك بتوقيت التحرّك الذي كانت ستقوم به، أكان سيتزامن مع طرابلس أم سيحدث بشكلٍ منفصل لفصل البلدة عن محيطها وقطع طريق الجنوب الإستراتيجي بشكل نهائي. فعند الساعة الواحدة من بعد ظهر الجمعة الماضي، اتصلت استخبارات الجيش بمدير معمل ك. للبرادات في الناعمة، وطلبت منه رن الجرس الخاص بالعمال (الجرس لا يُرن سوى عند انتهاء الدوام) بعد نصف ساعة وذلك لأسباب أمنية عاجلة. استجاب الرجل، وخرج عند الواحدة والنصف 1400 عامل يحملون الجنسية السورية نحو مركز سكنهم (عدد من الابنية المتاخمة)، ليجدوا القوى الأمنية بانتظارهم لتعتقل منهم العشرات بعد مداهمة منازلهم حيث وُجد داخلها بعض الأسلحة وكذلك رايات داعش والنصرة وتم مصادرة أجهزة اللابتوب.
هنا يربط بعض المطّلعين على مسار التحقيقات بين محاولات التحركات الفاشلة في عدد من المناطق وبين توقيف أبو الهدى ميقاتي والمعركة في الشمال. تبيّن أنّ جهد مخابرات الجيش الكبير كان صمّام أمان البلاد في الأسبوع الماضي.
التخبّط والصدمة داخل صفوف القيادات لدى النصرة وداعش ممّا حصل، تُرجم في ردود أفعالهم. فالتهديد الذي خرج عن لسان جبهة النصرة في العديد من المرات بذبح أحد الجنود اللبنانيين المختطفين لم يكن سوى "بالونات" إرهابية، كانوا أجبن من تفجيرها. فالتراجع أكثر من ثلاث مرات عن تنفيذ التهديد بالذبح مرده إلى ثلاث نقاط:
1. لن تتمكن النصرة من تسجيل أي نقطة في حال ذبحت الجندي، فالذبح وصلت رسائله في السابق واليوم بات غير مجدٍ.
2. حسم الجيش اللبناني السريع للمعركة في الشمال.
3. يطالب الخاطفون اليوم بممر آمن نحو عرسال بسبب خوفهم من البرد القادم على الجرود، وعليه فقد يوقف الذبح المفاوضات ويخسر هؤلاء أملهم الضئيل بتحصيل ما يعتقدون أنهم سينالونه.
جبهة النصرة "أكلت الضرب" ومعها تنظيم داعش، فالجيش اللبناني وبيئته الحاضنة في المناطق "السنية" كانا أقوى هذه المرة، وأصابا مشروع "دعشنة" لبنان بموت سريري، على أن يقتلانه بشكلٍ كامل مع تنظيف جرود السلسلة الشرقية وبعض جرود عكار من الدواعش بشكل نهائي. ففي المباراة التي تشهدها الأراضي اللبنانية بين الإرهاب والشرعية، يتقدّم محور الجيش والشعب والمقاومة بهدف، في حين تدخل المباراة وقتها الضائع على وقع هتاف الجمهور: ايه ويلّا، الإرهاب طلاع برّا.
المصدر :
التيار الوطني/ ماهر الدنا
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة