دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
دخول اعداد اولية من الجيش السوري الحر وقوات البشمرغة التابعة لاقليم كردستان العراق الى مدينة “عين العرب ـ كوباني” السورية ذات الاغلبية السكانية الكردية يؤشر الى بداية اعادة احياء منظومة “الصحوات” في سورية والعراق معا،
ليس لمحاربة النظام في دمشق وانما الجماعات الاسلامية الجهادية المتشددة وخاصة ثلاث منها وهي “الدولة الاسلامية” وجبهة “النصرة” و”احرار الشام”.
المراقبون تحدثوا عن ارقام قليلة في حدود 300 مقاتل، ولكن اهمية هذه الخطوة لا تكمن في تعدادها او تسليحها امريكيا، وانما في سماح تركيا، وبعد معارضة شديدة لها بالدخول الى المدينة عبر حدودها وفي وضح النهار.
من الواضح ان القيادات التركية خضعت للضغوط الامريكية، ولتهديدات حزب العمال الكردستاني الذي هدد رسميا بأنه سينهي اتفاقات وقف اطلاق النار التي توصل اليها مع الحكومة التركية، ويعود الى العنف والثورة والاعمال المسلحة مثلما كان عليه الوضع قبل هذه الاتفاقات.
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان رفع سقف شروطه لاي تعاون مع التحالف العسكري الذي تقوده امريكا ضد “الدولة الاسلامية” واصر على الحصول على تعهد من الولايات المتحدة بأن تسير العمليات العسكرية لمواجهة تنظيم “الدولة الاسلامية” بضربات جوية وارضية موازية ضد الدولة السورية ، وعارض بالتالي انزال شحنات اسلحة الى وحدات الدفاع عن الشعب الكردي في “عين العرب ـ كوباني” لانها تشكل الذراع العسكري لحزب الاتحاد الكردستاني السوري الموالي للنظام السوري ويشكل امتدادا لحزب العمال الكردستاني الارهابي.
لا توجد مؤشرات تؤكد تجاوب الولايات المتحدة لهذه الشروط التركية، فعمليات اسقاط شحنات الاسلحة الى الاكراد الموالين لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تواصلت رغم الاعتراضات التي عبر عنها الرئيس رجب طيب اردوغان اثناء زيارته لدول البلطيق قبل اسبوع، والحدود التركية باتت مفتوحة على مصراعيها امام قوات البشمرغة وغيرها، وحزب الاتحاد الكردي السوري لم يعلن ادانته للنظام السوري مثلما طالبه الرئيس اردوغان.
الاصرار على دخول قوات تابعة" للجيش الحر" الى مدينة “عين العرب ـ كوباني” قبل قوات البشمرغة هي نتيجة لاصرار السلطات التركية التي ارادت تغطية تراجعها من خلال هذه الخطوة الرمزية الطابع، فاذا كان "الجيش الحر" يريد قتال النظام فعلا فالاولى ان يقاتله في حمص وحماه وادلب، وحتى اذا اراد قتال تنظيم “الدولة الاسلامية” فهي موجودة في جميع هذه المناطق مثلما هي موجودة في الرقة ودير الزور.
من الواضح ان "الجيش الحر" يتحول، ان لم يكن قد تحول فعلا، الى قوات “صحوات” سورية تنسق علنا مع التحالف الامريكي، وبات يسلم بأولويات هذا التحالف الجديدة، اي القضاء على الجماعات "الجهادية الاسلامية" المتشددة اولا، ودون ان يكون هناك ثانيا او ثالثا، خاصة ان معظم التوقعات العسكرية الامريكية شبه المستقلة تؤكد ان الحرب للقضاء على تنظيم “الدولة الاسلامية” قد يستمر لثلاثين عاما.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة يدور حاليا حول ما اذا كانت قوات البشمرغة والجيش الحر التي انضمت الى المدافعين عن المدينة ستغير موازين القوى على الارض وبما يؤدي الى الحيلولة دون سقوطها في ايدي قوات تنظيم “الدولة الاسلامية”؟
من الصعب الجزم بأن هذا العدد الصغير من قوات البشمرغة والجيش الحر سيغير المعادلات على الارض لصالح المدافعين عن (عين العرب ـ كوباني)، ولكن من غير المستبعد ان يطيل من فترة صمودها والمدافعين عنها، فالعلاقات التحالفية بين "الجيش الحر" ووحدات الدفاع عن الشعب الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي الذي تنتمي اليه شبه منعدمة، بل ومتوترة، حتى ان المسؤولين في هذا الحزب رفضوا تدخله في الحرب لحماية “عين العرب ـ كوباني” من السقوط في ايدي تنظيم “الدولة الاسلامية”.
وربما يكون من المفيد الاشارة الى ان مايسمى " المجلس العسكري للجيش الحر" في حلب الذي يتولى تنسيق العمليات العسكرية نفى علمه بارسال وحدات عسكرية، واكد العقيد عبد الجبار الكعيدي الذي يقود هذه القوات التي ستقاتل في عين العرب ان يكون قد نسق مع المجلس العسكري" للجيش الحر "في هذا الاطار.
المعركة الدائرة حاليا في “عين العرب” ستكون منعطفا استراتيجيا في الحرب الدائرة حاليا في المنطقة، بغض النظر عن نتائجها لانها ستحدث “عملية فرز″ في اوساط الجماعات المسلحة على الارض السورية، وستؤدي الى قيام معسكريين رئيسيين الاول “صحوات” تقاتل بأوامر من التحالف الذي تقوده امريكا وتحت مظلته، والثاني يضم الجماعات الجهادية المتشددة في الجانب الآخر التي ستكون الهدف الاول وربما الاخير لقوات الصحوات على الارض والطائرات الامريكية في الجو.
لمن سيكون الغلبة؟
من الصعب التكهن بالجهة التي ستخرج منتصرة في نهاية المطاف وكل ما يمكن التكهن به انها ستكون حربا طويلة شرسة ستتغير معادلاتها بين الفنية والاخرى، وسقوط مدينة او السيطرة على اخرى لا يعني انتصار هذا الطرف او هزيمة ذاك، فالحروب كر وفر، وانسحاب وتقدم، والانتصار الحقيقي هو الانتصار على الارض، وعلينا ان نضع في عين الاعتبار ان التحالفات تتغير، وقوى جديدة تصعد، واخرى تندثر او تضعف، والارض تقاتل دائما مع اصحابها ضد اي تدخل خارجي.
المصدر :
رأي اليوم /عبد الباري عطوان
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة