دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لم تعطل الخلافات مع روسيا عمل الغرب معها حول الملف السوري. بوضع الخلافات المستحكمة حول أوكرانيا جانباً، أمكن القيام بتنسيق «بناء جدا» حول عدد من الملفات، من بينها الأزمة السورية.
وينظر في بروكسل إلى الجهود التي تقودها موسكو لجمع أطراف الصراع السوري الآن، كما يقول مسؤول رفيع المستوى فيها، على أنها مسار «مكمّل» لعمل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا.
وسيحمل دي ميستورا حصيلة مباحثاته مع السلطة السورية وأطراف المعارضة في الداخل والخارج، ليعرضها على وزراء الخارجية الأوروبيين، في بروكسل غداً، حيث سيلتقي معهم على الغداء، قبيل اجتماعهم الرسمي الاثنين المقبل.
وتعليقا على جهود المبعوث الدولي التي تصاحبها الاندفاعة الروسية، لم يبدِ مسؤول أوروبي رفيع المستوى قلقا حول مخاطر عمل الطرفين المتزامن، وتأثير أي منهما سلباً على الآخر.
وقال المسؤول الاوروبي لـ«السفير» إن «هناك نوعاً من التكامل بين كل هذا العمل»، معتبراً أن ما يجري «هو جهد جاد لمحاولة دفع الأمور في الاتجاه الصحيح».
ولفت إلى أن وزراء الخارجية سيكونون مهتمين بالاستماع إلى نوع التنسيق الذي يقيمه دي ميستورا مع موسكو، فيما تسير جهود الطرفين على «مسارين». من جهة تتأسس جهود المبعوث الأممي على العمل من القاعدة، لإيقاف القتال أينما أمكن، بداية من حلب، والبناء على ذلك.
وفي المقابل، تحاول روسيا العمل من فوق، عبر إيجاد تفاهم سياسي يقود إلى التأثير على الأرض.
لم يحمل المسؤول الأوروبي أي اعتراض على ما تقوم به الديبلوماسية الروسية... بالعكس من ذلك، لفت إلى اتباع الروس نفس الأسلوب الذي ينتهجه الأوروبيون الآن، لجهة الحديث إلى كل أطراف المعارضة.
مناسبة ذلك الآن هي المحاولة الثانية لجمع رئيس «الائتلاف السوري» المعارض هادي البحرة مع وزراء الخارجية الأوروبيين. كان البحرة أعلن عن خطته للاجتماع بهم، في تشرين الثاني الماضي، إضافة إلى لقاءات أخرى في بروكسل. لكن في اللحظة الأخيرة أعلن إلغاء مشاركته «مقدما عذرا مقنعاً»، كما قال المسؤول الأوروبي، مضيفا أنه «أراد أن يأتي الشهر الماضي، فهمنا أنه سيحاول مجددا الآن».
ومع ذلك لا يزال هناك غموض غريب يحيط بهذا التحرك «الائتلافي». الخارجية الأوروبية تنتظر تأكيد البحرة قدومه إلى بروكسل، لكن حتى مساء أمس لم يكن لديهم أي نبأ حاسم. في هذا الوقت، كان البحرة في جنيف السويسرية، يحضر مؤتمر «الاشتراكية الدولية»، كما قال لأحد محادثيه. لم يستطع أن يجزم حينها إن كان سيطير إلى بروكسل أم لا، موضحا أنه «لا يعرف بعد».
هذه الطريقة تبدو مجافية لتقاليد عمل الديبلوماسية حينما تسير في منحى إيجابي. ضحك أحد المسؤولين الأوروبيين حين سمع استغرابا من أن 28 وزيراً أوروبياً لا يعرفون، إلى الآن، إن كان رئيس «الائتلاف» سيأتي للقائهم أم لا، وبعد يومين فقط! قال متجنبا إعطاء أي تفسير «هكذا تسير الأمور في الحياة اليومية أحياناً».
لكن الأوروبيين لهم سوابق في الديبلوماسية المقنّعة، ولطالما تستروا على مواقف حادة سابقة من المعارضة. مثلا، حين تم إقصاء «المجلس الوطني السوري» عن الواجهة، كان أبرز المنخرطين في ذلك. ورغم حذف أي ذكر له من وثائقهم، كانوا يقللون من أهمية الأمر، بالقول «نحن نتحدث إلى جميع أطراف المعارضة».
على كل حال، رفض مسؤول أوروبي أي تلميح إلى خلافات أوروبية مع «الائتلاف». وقال، ردا على سؤال لـ«السفير»، «لدينا موقف واضح، ونحن نعتبره ممثلا، وليس الممثل الوحيد، للمعارضة»، مضيفا «لدينا نقاشات معهم ولقاءات عديدة، لكن لدينا أيضا اجتماعات مع معارضين آخرين». ولفت إلى أن ذلك نفس النهج الذي تعتمده الديبلوماسية الروسية الآن، من أجل عقد مؤتمر يجمع المعارضة والنظام، قبل أن يضيف «قابلوا ممثلين عن الائتلاف والمعارضة الداخلية، وسيستمرون كما أعتقد في هذا السياق».
وفي الإطار ذاته، قال مسؤول أوروبي، في إفادة للمراسلين في بروكسل، إن ما تريده موسكو هو «إعطاء جنيف واحد قوة أكثر»، موضحا أن ما ينقص هو «إطار تطبيقي للتقدم به». وأكد وجود تواصل دائم مع الديبلوماسية الروسية، مشددا على أن الخلافات بينهما حول أوكرانيا لم توقف العمل المشترك على ملفات عدة. ولفت إلى العمل «البناء جدا» مع موسكو حول الملف النووي الإيراني، مشددا على أنه «لا زلنا قادرين على العمل معهم في عدة قضايا، ومنها سوريا».
الإضراب العام الذي سيشل بلجيكا الاثنين، فرض إيقاعه على الوزراء، وسيضطرهم للقدوم إلى بروكسل الأحد. سيبحثون مجمل محاور الأزمة السورية، بما فيها قضية «المقاتلين الأجانب»، ومحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ــ «داعش».
سبق الاجتماع الاتفاق أمس على فرض عقوبات أوروبية جديدة على سوريا. وتم الاتفاق على حظر تصدير وقود الطائرات إليها. هذه المبادرة قادتها بريطانيا، لتعلن بعد ذلك أن هذا الحظر كان ضرورياً «لمواجهة غارات سلاح الجو السوري على مناطق مأهولة بالمدنيين» حسب قولها .
المصدر :
الماسة السورية/ السفير
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة