لم يعد سراً أن عرب الخليج - تحت وطأة الضغط «الداعشي»- يعولون على مصر لإيجاد خريطة طريق مناسبة تحميهم من خطر التنظيمات المتطرفة من جهة، ومن تداعيات التخلي الأميركي عنهم بعد الانفتاح الغربي على إيران من جهة أخرى.

ففي الوقت الذي تتبلور فيه تحالفات جديدة قد تكون «مزعجة» لحلفاء أوباما تبرز مساع مصرية للملمة «الشمل العربي» قدر المستطاع، حيث يبحث الجميع عن خيارات استراتيجية أوسع للخروج من مأزق «الفوضى الخلاقة» نظراً لتواضع النتائج التي حققها تحالف واشنطن وتفاقم الخلافات بين دوله، فضلاً عن وجود تقارير أمنية تؤكد عزم /أبو بكر البغدادي/ التوجه نحو مكة المكرمة قريباً.

ولذلك، لم يكن مفاجئاً طي صفحة الخلاف الخليجي ومن ثم التحاق قمة الدوحة «المختصرة» والملك الأردني بقطار القاهرة مع الإشارة  إلى أن «تعرفة» الركوب هي: «الحل السياسي الشامل بما يحفظ وحدة وسلامة سورية»، والمهم في هذا السياق الملاحظة بأن الموقف المصري يلتقي مع الموقف السوري في عدة نقاط جوهرية من بينها: مواجهة الظاهرة بمختلف أبعادها سياسية أكانت أم فكرية ومعالجة الوضع العراقي و"التنسيق والتعاون المشترك» بين البلدان العربية جميعها، وتأكيد ضرورة:"تبادل المعلومات ذات الصلة بتنقل الإرهابيين وأماكن وجودهم وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وكذلك الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية المعنية بمكافحة الإرهاب فضلاً عن اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تجنيد الشباب والتغرير بهم أو انتقال المقاتلين للانضمام  إلى تلك التنظيمات الإرهابية» وفق تعبير وزير الخارجية سامح شكري في كلمة له أمام الدورة الثانية للمنتدى العربي الروسي في الخرطوم.

لقد أصبح شعار «محاربة الإرهاب» يشكل عنواناً مناسباً للباحثين عن «كارت إنقاذ» من السقوط الحتمي، وخصوصاً أن الحرب في سورية وعليها ومعها وما أفرزته من وقائع جيوسياسية جديدة باتت تضيق الخناق أكثر فأكثر على الأنظمة المصدّرة والراعية للفكر التكفيري وجماعاته المسلحة، بل تحشرها في زاوية ضيقة:"من ليس معنا فهو في خندق واحد مع إسرائيل»!!

إلا أن الشعار بحد ذاته ليس «وصفة» الدواء المثالية لآفة تستشري بكل الاتجاهات «كبقعة الزيت» بحيث أصبحت معها مقولة «الوقاية خير من العلاج» ضرب من المستحيل.. فالعلاج يبدأ في عاصمة الأمويين، وفي واقع الأمر، صار التوجه إليها خياراً إلزامياً لحفظ أمن واستقرار المنطقة في ظل ما نشهده من ظروف إقليمية ودولية «بالغة التعقيد» (ما يؤيد هذا الاستنتاج الحراك الروسي – الأممي النشط لإنضاج شروط التسوية السياسية الماضية دون اعتراض أميركي، ولجوء المزيد من الدول العربية والغربية لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع سورية).

على هذا الأساس، ربما يستغرق قطار القاهرة وقتاً طويلاً قبل أن يصل  إلى محطة دمشق، فالرحلة تستوجب قطع أشواط صعبة تتطلب النظر جيداً في عدة اعتبارات مهمة من بينها:

1- إن سورية الجديدة «تتحمل العبء الأكبر في محاربة الإرهاب الذي يهدد الشرق الأوسط برمته» والعالم يقر بأهمية دورها العسكري والديني والاجتماعي في مواجهة الفكر التكفيري، والنقاش في شرعية قيادتها لم يعد مطروحاً.

2- إن حليفتها روسيا استعادت مواقعها في العالم العربي كلاعب مستقل.

3-  تسليم «المجتمع الدولي» بحقوق إيران النووية.

4- متانة العلاقات السورية الإيرانية وقدرة دمشق على التفاهم مع طهران حول الملفات الخلافية العالقة (كقضية الجزر الإماراتية الثلاث- البحرين- الحوثيين- حزب الله.. وغيرها)

5- انكفاء المشروع الأردوغاني وتراجع نفوذ التيارات «الإسلامية».

6- خسارة السعودية ورقة اليمن وارتفاع منسوب الاستياء الغربي من سياساتها نظراً لانعكاساتها السلبية على أمن الغرب ومصالحه.

  • فريق ماسة
  • 2014-12-13
  • 11476
  • من الأرشيف

قطار القاهرة على سكّة دمشق

لم يعد سراً أن عرب الخليج - تحت وطأة الضغط «الداعشي»- يعولون على مصر لإيجاد خريطة طريق مناسبة تحميهم من خطر التنظيمات المتطرفة من جهة، ومن تداعيات التخلي الأميركي عنهم بعد الانفتاح الغربي على إيران من جهة أخرى. ففي الوقت الذي تتبلور فيه تحالفات جديدة قد تكون «مزعجة» لحلفاء أوباما تبرز مساع مصرية للملمة «الشمل العربي» قدر المستطاع، حيث يبحث الجميع عن خيارات استراتيجية أوسع للخروج من مأزق «الفوضى الخلاقة» نظراً لتواضع النتائج التي حققها تحالف واشنطن وتفاقم الخلافات بين دوله، فضلاً عن وجود تقارير أمنية تؤكد عزم /أبو بكر البغدادي/ التوجه نحو مكة المكرمة قريباً. ولذلك، لم يكن مفاجئاً طي صفحة الخلاف الخليجي ومن ثم التحاق قمة الدوحة «المختصرة» والملك الأردني بقطار القاهرة مع الإشارة  إلى أن «تعرفة» الركوب هي: «الحل السياسي الشامل بما يحفظ وحدة وسلامة سورية»، والمهم في هذا السياق الملاحظة بأن الموقف المصري يلتقي مع الموقف السوري في عدة نقاط جوهرية من بينها: مواجهة الظاهرة بمختلف أبعادها سياسية أكانت أم فكرية ومعالجة الوضع العراقي و"التنسيق والتعاون المشترك» بين البلدان العربية جميعها، وتأكيد ضرورة:"تبادل المعلومات ذات الصلة بتنقل الإرهابيين وأماكن وجودهم وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وكذلك الاتفاقيات الدولية والإقليمية والثنائية المعنية بمكافحة الإرهاب فضلاً عن اتخاذ التدابير اللازمة لمنع تجنيد الشباب والتغرير بهم أو انتقال المقاتلين للانضمام  إلى تلك التنظيمات الإرهابية» وفق تعبير وزير الخارجية سامح شكري في كلمة له أمام الدورة الثانية للمنتدى العربي الروسي في الخرطوم. لقد أصبح شعار «محاربة الإرهاب» يشكل عنواناً مناسباً للباحثين عن «كارت إنقاذ» من السقوط الحتمي، وخصوصاً أن الحرب في سورية وعليها ومعها وما أفرزته من وقائع جيوسياسية جديدة باتت تضيق الخناق أكثر فأكثر على الأنظمة المصدّرة والراعية للفكر التكفيري وجماعاته المسلحة، بل تحشرها في زاوية ضيقة:"من ليس معنا فهو في خندق واحد مع إسرائيل»!! إلا أن الشعار بحد ذاته ليس «وصفة» الدواء المثالية لآفة تستشري بكل الاتجاهات «كبقعة الزيت» بحيث أصبحت معها مقولة «الوقاية خير من العلاج» ضرب من المستحيل.. فالعلاج يبدأ في عاصمة الأمويين، وفي واقع الأمر، صار التوجه إليها خياراً إلزامياً لحفظ أمن واستقرار المنطقة في ظل ما نشهده من ظروف إقليمية ودولية «بالغة التعقيد» (ما يؤيد هذا الاستنتاج الحراك الروسي – الأممي النشط لإنضاج شروط التسوية السياسية الماضية دون اعتراض أميركي، ولجوء المزيد من الدول العربية والغربية لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع سورية). على هذا الأساس، ربما يستغرق قطار القاهرة وقتاً طويلاً قبل أن يصل  إلى محطة دمشق، فالرحلة تستوجب قطع أشواط صعبة تتطلب النظر جيداً في عدة اعتبارات مهمة من بينها: 1- إن سورية الجديدة «تتحمل العبء الأكبر في محاربة الإرهاب الذي يهدد الشرق الأوسط برمته» والعالم يقر بأهمية دورها العسكري والديني والاجتماعي في مواجهة الفكر التكفيري، والنقاش في شرعية قيادتها لم يعد مطروحاً. 2- إن حليفتها روسيا استعادت مواقعها في العالم العربي كلاعب مستقل. 3-  تسليم «المجتمع الدولي» بحقوق إيران النووية. 4- متانة العلاقات السورية الإيرانية وقدرة دمشق على التفاهم مع طهران حول الملفات الخلافية العالقة (كقضية الجزر الإماراتية الثلاث- البحرين- الحوثيين- حزب الله.. وغيرها) 5- انكفاء المشروع الأردوغاني وتراجع نفوذ التيارات «الإسلامية». 6- خسارة السعودية ورقة اليمن وارتفاع منسوب الاستياء الغربي من سياساتها نظراً لانعكاساتها السلبية على أمن الغرب ومصالحه.

المصدر : الوطن / باسمة حامد


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة