دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
لا شك أن انتخاب «خالد الخوجا» رئيس (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «الإخواني») حامل الجنسية التركية والمقرب منها،يظهر انتصاراً لحكومة أنقرة على حليفيها القطري والسعودي ضمن صراع النفوذ الإخواني السلفي على الملف السوري المستمر للعام الرابع على التوالي.
لكن هل من مؤشرات سياسية للمسألة قبيل انعقاد اللقاء التمهيدي (المقترح حتى الآن) بين الحكومة السورية وشخصيات معارضة في موسكو أواخر الشهر الجاري؟
في واقع الحال، قد يُستدل من الخطوة على أن ثمة تغييراً بالموقف التركي من الأزمة في سورية، وما يعزز هذا الاحتمال عدة أمور منها:
1- تصريح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لقناة الميادين بعد زيارة رئيس وزراء تركيا لبغداد مؤخراً أن تركيا تخلت عن شروطها في سورية بما فيها شرط تنحي الرئيس الأسد.
2- تسليم الدول المنخرطة بالحرب على سورية -بما فيها الولايات المتحدة الأميركية- باستحالة إسقاطها، بالتوازي مع خطوات تمهيدية للانفتاح الدبلوماسي على دمشق.
3- الاستياء الغربي من السياسات التركية الخليجية الداعمة للجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم «داعش»، وتطلع تلك الجماعات لتوسيع نشاطاتها داخل الأراضي التركية. وللإشارة أوضح المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي، خلال مؤتمر صحفي أمس أن «التنظيم الإرهابي فقد خلال آخر 6 أشهر 700 كيلو متر مربع تقريباً من إجمالي المساحة التي كان يسيطر عليها في كل من سورية والعراق، وأخذ في الآونة الأخيرة وضع المدافع، في مسعى منه للحفاظ على قدراته الموجودة، وعلى شبكة الإمدادات الخاصة به».
4- وجود توجه دولي لإنهاء الأزمة في سورية سياسياً (الضوء الأخضر أعطي لروسيا لاستكمال جهود التسوية)، وثمة مسعى مصري لإجراء مصالحة عربية عربية (بموافقة دول الخليج) قد تعيد سورية إلى (الجامعة العربية).
5- محاولة إيران استيعاب أخطاء «حماس» (زيارة خالد مشعل لطهران تندرج ضمن هذا الإطار).
6- تأكيد وزير الخارجية التركي مولود شاوش أوغلو على هامش زيارته لطهران خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني أن بلاده «تتعاون مع إيران من أجل إيجاد حل مشترك للأزمة السورية»، الوزير محمد جواد ظريف أكد عزم أنقرة على «التعاون» في هذا المجال رغم اختلاف وجهات النظر حيال الملف السوري، وأشار إلى أنه «مع وجود عدو كبير مشترك متمثل بالإرهاب والتطرف والتعصب، نحتاج إلى تقريب مواقفنا من أجل منع دخول إرهابيين إلى العراق وسورية ومحاربة الإرهابيين، نريد جميعاً إرساء السلام بأسرع وقت في سورية من دون تدخل أجنبي».
والملاحظ في هذا السياق، أن إدانة الخارجية السورية الأخير لحادثة «شارلي إيبدو» خلت من أي إشارة واضحة إلى الدور التركي، فالبيان اكتفى «بمساءلة الدول التي قدمت ولا تزال مختلف أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية» دون التطرق لتلك الدول بالاسم كما جرت العادة.
على كل حال، ما سبق لا يعني أن الحكومة التركية ستكف عن تدخلها بالشأن السوري مع أنها قد تخضع للطلب الإيراني بإغلاق حدودها أمام الإرهابيين، فهي تطمح لتلميع صورة «جبهة النصرة» لتقديمها كنموذج «للمعارضة المعتدلة» في محاولة منها لإبقاء نفوذ لها في سورية حتى لا ينفرد «النظام الذي تكن له الكثير من مشاعر العداء» وحده بالسلطة. فتركيا -وفق مصادر معارضة- طلبت من واشنطن رفع اسم التنظيم المذكور عن لائحة الإرهاب وتعهدت أمام وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالعمل على «تحسين تصرفات جبهة النصرة وجعلها أقل تشدداً» على أساس أن هدفها «إسقاط النظام وليس في أجندتها إقامة خلافة أو إمارة مستقبلية في دمشق».
المصدر :
باسمة حامد
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة