دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
يوم الأربعاء الماضي، انتهت لقاءات وفد الجمهورية العربية السورية بديمستورا،
وكان جون كيري قد وصل إلى موسكو للتباحث مع لافروف وبوتين، وسورية هي القضية سواء في جنيف أو في موسكو، وواكب كل ذلك تقدم الجيش العربي السوري في استعادة تدمر وطرد الإرهابيين منها.اعترف كيري من موسكو، أن الإدارة الأمريكية (أخيراً) فهمت (وتفهمت) أهداف ماتقوم به روسيا في سورية وهذا يعني أن الرئيس بوتين نجح في إفهام أوباما وإدارته، بحقيقة مايجري في سورية. وكما نجا أوباما من (فخ) الهجوم على سورية في العام 2013. حسب تعبيره في مجلة اتلانتيك، فهو بتفاهمه مع الروس، وتفهمه ولو لجزء من حقائق مايجري في سورية ينجو ربما من فخ آخر، ليس أقل من الفخ الذي نصبه له الأعداء والأصدقاء لينزلق إلى الهجوم على سورية، كما قال بعْظمة لسانه..والأمر الذي جعل أعداء سورية يصابون بالهيستيريا، هو الإعلان الذي صدر بعد مباحثات كيري- بوتين بأن (موسكو وواشنطن اتفقتا على عدم الخوض في موضوع الرئاسة السورية في مباحثات جنيف) وهذا للتذكير بالمعنى نفسه الذي أعلنته سورية على لسان وزير خارجيتها وليد المعلم قبل سفر وفد الدولة السورية إلى جنيف حيث قال: (إن المباحثات لاتشمل مقام الرئاسة ولاتصل إليها حسب جميع الوثائق الدولية) وهذا ماكرره السفير الجعفري رئيس الوفد السوري واعترفت به واشنطن في موسكو.هناك من يقول إن الأميركان يريدون السير في المباحثات، ليراكموا إنجازات سياسية، وعند مرحلة معينة سينتقلون إلى الأهداف التي مرروها، والتي ربما تصل إلى الرئاسة، ولكن المتخوفين من هذا الاحتمال عليهم ألا ينسوا أن الدولة السورية تتعامل بيقظة وحذر، فإن مكروا، فإنها تمكر أكثر منهم (والله خير الماكرين) وإن صدقوا فإنها تسعى لتحقيق مصلحة شعبها ومستقبل بلدها.. كما أن على واشنطن ألا تنسى ولابد من أنها اقتنعت بأهمية ودور الدولة السورية الجيواستراتيجي ولابد من أن الإدارة الأمريكية قد فهمت أن التحالف الروسي السوري هو تحالف استراتيجي ضروري ومصيري لروسيا كما هو ضروري ومصيري لسورية، وأن أي إدارة أمريكية تنسى أو تتناسى هذه الحقائق، تقع في (فخ) الضلال وتنزلق إلى سلسلة من الأفخاخ يصنعها لها (ركاب البلاش) من أصدقائها ومستشاريها، وهل يمكن لأي سياسي ألا يرى أن محور المقاومة الذي تشكل سورية ضلعه الأهم، مع إيران وحزب الله، هو جزء فاعل من الاستراتيجية الروسية في تنظيم الحرب على الإرهاب، وفي دعمها لشرعية الدولة السورية ورئيسها وجيشها.الدولة السورية قبلت ووافقت على بيانات فيينا والقرار 2254، لأنها تعمل على وقف النزف السوري، وإيجاد حل يرتقي بسورية إلى مستويات أكثر مشاركة، عبر استمرار عمل المؤسسات، بينما يجمع القوى السورية كلها في محاربة الإرهاب كذلك روسيا ولهذه الأهداف صاغت القرار 2254 مع واشنطن.أما من يستمر معسكراً عند فقرة واحدة من بيان جنيف لعام 2012 فإنه لم ينتبه، أو تعامى عن أن القرار 2254، أقر أن تنفيذ هذا البيان (كله) هو (أحد السبل) في العملية السياسية، أحد السبل وليس كلها. وركز القرار في جدول خطواته، على المعتمد الأكثر اعتمادية، وهو (حكم ذو مصداقية شامل وغير طائفي).. وإذا كانت بعض الدول الإقليمية والخليجية تريد (خطف حكم سورية) عبر ماتسميه هيئة حكم انتقالي، تنتج عن مباحثات جنيف، فهم لم يفهموا الحقائق السورية بعد... وأهم حقيقة من هذه الحقائق أن الشعب السوري لايقبل ولا بأي شكل من الأشكال, نموذج (عبد ربه منصور هادي) لأن سورية حضارياً قطعت أشواطاً بعيدة جداً, عن سياسات القرون الوسطى, ووأد العقل, ودفعت أثماناً باهظة في دحر الإرهاب. وهي مصممة على الاستمرار في طريقها الحضاري لإعادة عمران مجتمعها والارتقاء بنظامها السياسي. إن كانت واشنطن فهمت في موسكو الحقائق التي تبعدها عن (الأفخاخ) في التعامل مع سورية, فهذه بشرى خير, وإن كانت هي أو غيرها, تتمسكن لتتمكن, فسورية أكثر يقظة ووعياً, وأشد تصميماً على إنقاذ مستقبلها من جاهلية الاقتتال والتدمير والتكفير، وسورية أعمق إيماناً بضرورة إنجاز الإصلاح والارتقاء الشامل.
المصدر :
د. فؤاد شربجي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة