لا يمكن لأي متابع أن ينكر حجم الأهمية الاستراتيجية لمحافظة حلب عسكرياً المتموضعة بموقعها الاستراتيجي بشمال سورية، فهي تشكل أهمية استراتيجية بخريطة العمليات العسكرية السورية، وتحتل أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتد على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق وسط سورية وشرق وشمال وشمال غربي وشمال شرقي سورية، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية التركية شمالاً من جهة ريفها الشمالي والشمالي الشرقي تحديداً، وصولاً إلى المناطق المرتبطة بالجانب الحدودي التركي من جهة محافظة إدلب شمال غربي سورية، إضافة إلى كونها تشكل نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية المرتبطة بوسط وشمال سورية، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الاستراتيجية الكبرى لمحافظة حلب بخريطة المعارك بالشمال والشمال الغربي والشمال الشرقي حتى شرق ووسط سورية بشكل عام.

هذه المحافظة الاستراتيجية  كانت تسيطر الجماعات المتطرفة المسلحة  على أجزاء منها تقدر بـ 65 في المئة وخصوصاً بعض مناطق أريافها وخصوصاً الشمالية منها وببعض مناطق المدينة وأحيائها وخصوصاً الشرقية منها، وهنا لا يخفى حجم الدعم التركي والسعودي والأميركي لهذه المجاميع المسلحة الراديكالية بعموم مناطق هذه المحافظة، والدولة السورية بدورها كانت تحافظ على مساحة تقارب على 35 في المئة من عموم مناطق المحافظة، وكانت تسعى بشكل مستمر إلى استراد المناطق الخاضعة لسيطرة المجاميع المسلحة المتطرفة بعموم مناطق المحافظة، وقد نجحت منذ مطلع شهر تشرين أول الماضي باسترداد مساحات شاسعة من ارياف المدينة تقدر بـ 30في المئة من اجمالي مساحة المحافظة ،وبهذا تكون الدولة العربية السورية قد بسطت سيطرتها على ما يقارب ثلثي المحافظة ،والمساحات الباقية من المحافظة تتوزع خرائط السيطرة عليها بين الأكراد وجماعات وميلشيات مسلحة متطرفة .

 مدينة حلب بدورها ما زالت وبمساحات واسعة منها تحت سيطرة الدولة وخصوصاً في مناطق وأحياء حلب الغربية  والشمالية الغربية والجنوبية إلى حد ما، هذه المدينة بالفترة الأخيرة تعرضت لمجموعة غزوات من قبل هذه المجاميع الراديكالية وداعميها بهدف إسقاط  بعض احياء المدينة كرد على استرداد الجيش العربي السوري لمساحات واسعة كانت تسيطر عليها المجاميع المسلحة داخل المحافظة ، ولكن معظم هذه المحاولات فشلت وأسقطت بمقابل صمود الجيش العربي السوري مدعوماً بأهالي مدينة حلب أمام هذه الغزوات المتلاحقة، ما أدى لفشل معظمها إن لم يكن جميعها،وقد كانت هناك معلومات تؤكد أن هناك  ثمانية عشر ميليشيا راديكالية موجودة في محافظة حلب، قد شكلت مؤخرآ  غرفة عمليات،والهادفة كما تتدعي إلى توحيد جهود الفصائل كافة من أجل إسترداد المناطق التي حررها الجيش مؤخرآ .

 

العملية بالطبع أعلنت نفسها فور انطلاقها، آلاف المسلحين الراديكاليين مدججون بعشرات الأطنان من الأسلحة الفتاكة كانوا هم النواة الرئيسية المحضرة لـ عملية حلب وما يتبعها، وبدورها الأجهزة الاستخباراتية وعلى رأسها الاستخبارات التركية السعودية، جهزت الأرضية والدعم العسكري لهذه المجاميع الراديكالية لتتحرك بهذا الدعم العسكري والتسليحي واللوجستي بهدف إسقاط  ريف المحافظة الجنوبي كهدف رئيسي وأساسي، استكمالاً لعملية موازية اخرى بمدينة حلب ، القيادة العسكرية السورية أيضاً استشعرت خطورة ما هو آت ويستهدف محافظة حلب ، والتي تعول عليها أنقرة والرياض كهدف أول يتيح لهم الوصول إلى مسار عسكري يضمن على الأقل تعديل مسار التوازنات العسكرية على الأرض السورية.

 

 

 

القيادة العسكرية السورية حضّرت بدورها لهذه المعركة الكبرى بريف حلب الجنوبي وكذلك الجنوبي الغربي والشمالي والشمالي الشرقي ،وتعاملت بحرفية وحنكة مع معظم العمليات السابقة التي تم صدها وإسقاطها بالتضحيات الجسام، لقد كانت معركة مدينة حلب وريفها الجنوبي هي معركة «مصيرية» بكل معنى الكلمة، نظراً إلى المكانة الاستراتيجية للمدينة وللريف الجنوبي  بشكل عام بخريطة العمليات العسكرية، وقد نجح الجيش العربي السوري بإسقاط أهداف  هذه العملية للمجاميع المسلحة المتطرفة ، تتقدمهم «أحرار الشام»، و«الجبهة الشامية»، ولم تنجح هذه الجماعات المدعومة من أنقرة والرياض بتحقيق أي إنجاز على الأرض، والسبب بذلك يعود إلى الحرفية والحنكة التي تعامل بها الجيش العربي السوري مع موجات هذه العملية وعلى كل الجبهات .

 ومع فشل عملية المجاميع المسلحة في تحقيق أي انتصار فعلي على أرض الواقع، مازالت تضغط أنقرة والرياض باتجاه تشكيل قوة أكبر وأكثر تسليحاً لقيادة عمليات محافظة حلب ،وهذا ما يتوقع أن ينتج غرفة عمليات تضم عدد اكبر من الميليشيات المسلحة وبتسليح نوعي إلى حدما "وخصوصآ مع انهيار الهدنة ووقف اطلاق النار في سورية "، ومن المتوقع ضخ مزيد من المجاميع المسلحة المدربة والتي  تقودها مجموعة من الأنغماسيين الشيشان والأفغان التابعين لجبهة النصرة والمزودين بالآلاف من الصواريخ وكميات كبيرة من العتاد، كافية لمعركة قد تستمر لبضعة أسابيع على الأقل.

ختاماً، الجيش العربي السوري ووحداته القتالية ما زال يتصدى بحرفية وبتضحيات جسام لهجمات المجاميع المسلحة بالمحافظة وعلى محور اخر يستمر تقدمه على محاور اخرى داخل المحافظة ، مع عدم إنكار خطورة وحجم العمليات المستقبلية المتوقعة للميلشيات المتطرفة المسلحة في المحافظة .

  • فريق ماسة
  • 2016-04-19
  • 7463
  • من الأرشيف

حلب تطورات كبرى ومعطيات مستقبلية تنذر بمزيد من التصعيد

لا يمكن لأي متابع أن ينكر حجم الأهمية الاستراتيجية لمحافظة حلب عسكرياً المتموضعة بموقعها الاستراتيجي بشمال سورية، فهي تشكل أهمية استراتيجية بخريطة العمليات العسكرية السورية، وتحتل أهمية استراتيجية باعتبارها مفتاحاً لسلسلة مناطق تمتد على طول الجغرافيا السورية، فهي نقطة وصل بين مناطق وسط سورية وشرق وشمال وشمال غربي وشمال شرقي سورية، امتداداً على طول شريط المناطق الحدودية التركية شمالاً من جهة ريفها الشمالي والشمالي الشرقي تحديداً، وصولاً إلى المناطق المرتبطة بالجانب الحدودي التركي من جهة محافظة إدلب شمال غربي سورية، إضافة إلى كونها تشكل نقطة ربط بين المناطق الجغرافية السورية المرتبطة بوسط وشمال سورية، وهذا ما يعكس حجم الأهمية الاستراتيجية الكبرى لمحافظة حلب بخريطة المعارك بالشمال والشمال الغربي والشمال الشرقي حتى شرق ووسط سورية بشكل عام. هذه المحافظة الاستراتيجية  كانت تسيطر الجماعات المتطرفة المسلحة  على أجزاء منها تقدر بـ 65 في المئة وخصوصاً بعض مناطق أريافها وخصوصاً الشمالية منها وببعض مناطق المدينة وأحيائها وخصوصاً الشرقية منها، وهنا لا يخفى حجم الدعم التركي والسعودي والأميركي لهذه المجاميع المسلحة الراديكالية بعموم مناطق هذه المحافظة، والدولة السورية بدورها كانت تحافظ على مساحة تقارب على 35 في المئة من عموم مناطق المحافظة، وكانت تسعى بشكل مستمر إلى استراد المناطق الخاضعة لسيطرة المجاميع المسلحة المتطرفة بعموم مناطق المحافظة، وقد نجحت منذ مطلع شهر تشرين أول الماضي باسترداد مساحات شاسعة من ارياف المدينة تقدر بـ 30في المئة من اجمالي مساحة المحافظة ،وبهذا تكون الدولة العربية السورية قد بسطت سيطرتها على ما يقارب ثلثي المحافظة ،والمساحات الباقية من المحافظة تتوزع خرائط السيطرة عليها بين الأكراد وجماعات وميلشيات مسلحة متطرفة .  مدينة حلب بدورها ما زالت وبمساحات واسعة منها تحت سيطرة الدولة وخصوصاً في مناطق وأحياء حلب الغربية  والشمالية الغربية والجنوبية إلى حد ما، هذه المدينة بالفترة الأخيرة تعرضت لمجموعة غزوات من قبل هذه المجاميع الراديكالية وداعميها بهدف إسقاط  بعض احياء المدينة كرد على استرداد الجيش العربي السوري لمساحات واسعة كانت تسيطر عليها المجاميع المسلحة داخل المحافظة ، ولكن معظم هذه المحاولات فشلت وأسقطت بمقابل صمود الجيش العربي السوري مدعوماً بأهالي مدينة حلب أمام هذه الغزوات المتلاحقة، ما أدى لفشل معظمها إن لم يكن جميعها،وقد كانت هناك معلومات تؤكد أن هناك  ثمانية عشر ميليشيا راديكالية موجودة في محافظة حلب، قد شكلت مؤخرآ  غرفة عمليات،والهادفة كما تتدعي إلى توحيد جهود الفصائل كافة من أجل إسترداد المناطق التي حررها الجيش مؤخرآ .   العملية بالطبع أعلنت نفسها فور انطلاقها، آلاف المسلحين الراديكاليين مدججون بعشرات الأطنان من الأسلحة الفتاكة كانوا هم النواة الرئيسية المحضرة لـ عملية حلب وما يتبعها، وبدورها الأجهزة الاستخباراتية وعلى رأسها الاستخبارات التركية السعودية، جهزت الأرضية والدعم العسكري لهذه المجاميع الراديكالية لتتحرك بهذا الدعم العسكري والتسليحي واللوجستي بهدف إسقاط  ريف المحافظة الجنوبي كهدف رئيسي وأساسي، استكمالاً لعملية موازية اخرى بمدينة حلب ، القيادة العسكرية السورية أيضاً استشعرت خطورة ما هو آت ويستهدف محافظة حلب ، والتي تعول عليها أنقرة والرياض كهدف أول يتيح لهم الوصول إلى مسار عسكري يضمن على الأقل تعديل مسار التوازنات العسكرية على الأرض السورية.       القيادة العسكرية السورية حضّرت بدورها لهذه المعركة الكبرى بريف حلب الجنوبي وكذلك الجنوبي الغربي والشمالي والشمالي الشرقي ،وتعاملت بحرفية وحنكة مع معظم العمليات السابقة التي تم صدها وإسقاطها بالتضحيات الجسام، لقد كانت معركة مدينة حلب وريفها الجنوبي هي معركة «مصيرية» بكل معنى الكلمة، نظراً إلى المكانة الاستراتيجية للمدينة وللريف الجنوبي  بشكل عام بخريطة العمليات العسكرية، وقد نجح الجيش العربي السوري بإسقاط أهداف  هذه العملية للمجاميع المسلحة المتطرفة ، تتقدمهم «أحرار الشام»، و«الجبهة الشامية»، ولم تنجح هذه الجماعات المدعومة من أنقرة والرياض بتحقيق أي إنجاز على الأرض، والسبب بذلك يعود إلى الحرفية والحنكة التي تعامل بها الجيش العربي السوري مع موجات هذه العملية وعلى كل الجبهات .  ومع فشل عملية المجاميع المسلحة في تحقيق أي انتصار فعلي على أرض الواقع، مازالت تضغط أنقرة والرياض باتجاه تشكيل قوة أكبر وأكثر تسليحاً لقيادة عمليات محافظة حلب ،وهذا ما يتوقع أن ينتج غرفة عمليات تضم عدد اكبر من الميليشيات المسلحة وبتسليح نوعي إلى حدما "وخصوصآ مع انهيار الهدنة ووقف اطلاق النار في سورية "، ومن المتوقع ضخ مزيد من المجاميع المسلحة المدربة والتي  تقودها مجموعة من الأنغماسيين الشيشان والأفغان التابعين لجبهة النصرة والمزودين بالآلاف من الصواريخ وكميات كبيرة من العتاد، كافية لمعركة قد تستمر لبضعة أسابيع على الأقل. ختاماً، الجيش العربي السوري ووحداته القتالية ما زال يتصدى بحرفية وبتضحيات جسام لهجمات المجاميع المسلحة بالمحافظة وعلى محور اخر يستمر تقدمه على محاور اخرى داخل المحافظة ، مع عدم إنكار خطورة وحجم العمليات المستقبلية المتوقعة للميلشيات المتطرفة المسلحة في المحافظة .

المصدر : الماسة السورية//هشام الهبيشان


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة