إذا كانت واشنطن تريد دليلاً على سقوط رهانات الأشهر الأربعة الماضية فها هي تحصد الفشل في حملتي «قوات سورية الديمقراطية» و«جيش سورية الجديد» على داعش في الرقة والبوكمال، وإذا كانت تريد دليلاً على سقوط رهانات حليفيها السعودي والتركي على توظيف الهدنة لتغيير موازين شمال سورية، فها هي حملة النصرة بعد استقدام آلاف المقاتلين وتزويدها بمعدات جيش كامل تفشل في إحداث تغيير يُحسب له الحساب، ويمسك الجيش السوري بزمام المبادرة معلناً بدء معركة حلب بسيطرته بعد معارك ضارية كبّد خلالها الجماعات المسلحة عشرات القتلى وتدمير عشرات الآليات، على عنق حلب الذي يمثلة ممرّ الكاستلو الرابط بين أحياء بني زيد وبستان الباشا وصلاح الدين التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة بحريتان وعندان وأعزاز وصولاً لتركيا، ومع إحكام السيطرة على الكاستلو تدخل معارك شمال سورية مرحلة جديدة، لا مكان فيها للرهانات والأوهام، ولا بديل للأميركي والتركي على الأقلّ عن التوجه نحو موسكو لتسريع التفاهمات والتموضع على الخطوط الجديدة في الحرب على سورية، خطوط تفتح باب تمييز مَن يريد الخروج من خنادق النصرة، والانضواء في العملية السياسية المسقوفة باحترام السيادة السورية وأول معاييرها الوقوف تحت مظلة الدستور وارتضاء تسوية يكون إطارها حكومة موحّدة تعمل وفقاً للدستور وضمن إطار احترام وارتضاء الصلاحيات التي حدّدها لرئيس الجمهورية الشرعي والدستوري، لحين وضع دستور جديد وإجراء انتخابات على أساسه بعد تحرير سورية من الإرهاب ورفع العقوبات عنها، وتطبيع مكانتها الدولية والعربية، وإلا فسيكون جنيف بنسخته المكرّرة مجرد منصة للعمل السياسي وليس إطاراً للحلّ السياسي.

 في هذه اللحظات الفاصلة تتواصل الاتصالات بين موسكو وواشنطن لوضع اللمسات على التفاهمات، بينما يجري التحضير للقاء آخر الشهر يجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان.

 تنظيم داعش الذي يدرك أنّ التفاهمات تعني اقتراب لحظة سيطرته على بعض الجغرافيا المهمة في سورية والعراق، أطلق العنان لسلسلة ردود بدأت بتفجيرات الأردن وتلتها تفجيرات مطار اسطنبول وبعدها تفجيرات القاع في لبنان ليتوّجها في السعودية، وتأتي التفجيرات النوعية في العراق، وخصوصاً تفجير حي الكرادة الذي أجمع الخبراء على طابعه النوعي والفريد، حيث حصد قرابة الخمسمئة ضحية يتمّ الإعلان عنهم تباعاً، وتقول مصادر عسكرية إنّ التفسير الوحيد لهذا المستوى من القتل دون مستوى موازٍ من التدمير، هو استخدام اليورانيوم المنضب، الذي يسعى داعش إلى امتلاكه منذ زمن، ويبدو أنه أراد عملية الكرادة، إعلاناً مدوياً عن بلوغ هذه اللحظة، والمعلوم أنّ هذا النوع من التفجيرات لم يعرفه العراق إلا مع القنابل المشابهة التي ألقاها الأميركيون فوق مدنه وبلداته، وخصوصاً تفجير ملجأ بغداد الذي سقط فيه وحده قرابة الألف ضحية قبيل سقوط بغداد.

  • فريق ماسة
  • 2016-07-08
  • 10050
  • من الأرشيف

بدأت معركة حلب بالسيطرة على الكاستيلو... وداعش يختبر اليورانيوم المنضب

إذا كانت واشنطن تريد دليلاً على سقوط رهانات الأشهر الأربعة الماضية فها هي تحصد الفشل في حملتي «قوات سورية الديمقراطية» و«جيش سورية الجديد» على داعش في الرقة والبوكمال، وإذا كانت تريد دليلاً على سقوط رهانات حليفيها السعودي والتركي على توظيف الهدنة لتغيير موازين شمال سورية، فها هي حملة النصرة بعد استقدام آلاف المقاتلين وتزويدها بمعدات جيش كامل تفشل في إحداث تغيير يُحسب له الحساب، ويمسك الجيش السوري بزمام المبادرة معلناً بدء معركة حلب بسيطرته بعد معارك ضارية كبّد خلالها الجماعات المسلحة عشرات القتلى وتدمير عشرات الآليات، على عنق حلب الذي يمثلة ممرّ الكاستلو الرابط بين أحياء بني زيد وبستان الباشا وصلاح الدين التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة بحريتان وعندان وأعزاز وصولاً لتركيا، ومع إحكام السيطرة على الكاستلو تدخل معارك شمال سورية مرحلة جديدة، لا مكان فيها للرهانات والأوهام، ولا بديل للأميركي والتركي على الأقلّ عن التوجه نحو موسكو لتسريع التفاهمات والتموضع على الخطوط الجديدة في الحرب على سورية، خطوط تفتح باب تمييز مَن يريد الخروج من خنادق النصرة، والانضواء في العملية السياسية المسقوفة باحترام السيادة السورية وأول معاييرها الوقوف تحت مظلة الدستور وارتضاء تسوية يكون إطارها حكومة موحّدة تعمل وفقاً للدستور وضمن إطار احترام وارتضاء الصلاحيات التي حدّدها لرئيس الجمهورية الشرعي والدستوري، لحين وضع دستور جديد وإجراء انتخابات على أساسه بعد تحرير سورية من الإرهاب ورفع العقوبات عنها، وتطبيع مكانتها الدولية والعربية، وإلا فسيكون جنيف بنسخته المكرّرة مجرد منصة للعمل السياسي وليس إطاراً للحلّ السياسي.  في هذه اللحظات الفاصلة تتواصل الاتصالات بين موسكو وواشنطن لوضع اللمسات على التفاهمات، بينما يجري التحضير للقاء آخر الشهر يجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب أردوغان.  تنظيم داعش الذي يدرك أنّ التفاهمات تعني اقتراب لحظة سيطرته على بعض الجغرافيا المهمة في سورية والعراق، أطلق العنان لسلسلة ردود بدأت بتفجيرات الأردن وتلتها تفجيرات مطار اسطنبول وبعدها تفجيرات القاع في لبنان ليتوّجها في السعودية، وتأتي التفجيرات النوعية في العراق، وخصوصاً تفجير حي الكرادة الذي أجمع الخبراء على طابعه النوعي والفريد، حيث حصد قرابة الخمسمئة ضحية يتمّ الإعلان عنهم تباعاً، وتقول مصادر عسكرية إنّ التفسير الوحيد لهذا المستوى من القتل دون مستوى موازٍ من التدمير، هو استخدام اليورانيوم المنضب، الذي يسعى داعش إلى امتلاكه منذ زمن، ويبدو أنه أراد عملية الكرادة، إعلاناً مدوياً عن بلوغ هذه اللحظة، والمعلوم أنّ هذا النوع من التفجيرات لم يعرفه العراق إلا مع القنابل المشابهة التي ألقاها الأميركيون فوق مدنه وبلداته، وخصوصاً تفجير ملجأ بغداد الذي سقط فيه وحده قرابة الألف ضحية قبيل سقوط بغداد.

المصدر : الماسة السورية/البناء


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة