دليل ماسة
أكثر الروابط استخداما
قد يطول الحديث عن موت الضمير , وموت العقل , وموت القلب ...
في تلك الساعات , بدت الأمة ( ما يسمى بالأمة العربية) أمة العار ، الشاشات كادت تنتحب لسقوط الطائرة الإسرائيلية ، ظننا أنها ارتطمت بطائر اللقلاق فهوت وتحطمت .
المعلقون ذهبوا إلى أبعد من ذلك ، بشرونا بالحرب التي تجعل من جنوب لبنان الأرض اليباب . النتائج لن تقتصر على تغيير المعادلة السياسية , بل تؤدي إلى تغيير في المعادلة الديموغرافية . أحدهم , وقد تصبب فرحاً , أكد أن مليون نازح سوري سيجدون منازل جاهزة لهم في المناطق الجنوبية .
هكذا صوروا , أو تصوروا , المشهد ، الطائرات الإسرائيلية تضرب أهدافاً إيرانية في سورية ، هذا مدخل لإنهاء أي أثر لآيات الله على الأرض السورية , تالياً على الأرض اللبنانية .
المعلقون الذين يرون الأمور من ثقب الباب , أو من ثقب في الجمجمة , كادوا يزغردون حين كانوا يعلقون على ضرب مركز وحدة تابعة للحرس الجمهوري ، هل انتهى بنا السقوط الأخلاقي , و"القومي" إلى هذا الحد ؟
في كل مرة ، دأبوا على السؤال عن الرد السوري ، وحين دمرت الصواريخ طائرة الـ"اف ـ 16 " , فوق إسرائيل وليس فوق سوريةا , حدث ما يشبه المناحة ، اتهموا دمشق بأنها تدفع المنطقة إلى الجحيم .
هؤلاء لا يدرون أنه عشية زيارة بنيامين نتنياهو لموسكو , وصلت رسالة من دمشق إلى الكرملين بإبلاغ الزائر أن السيل بلغ الزبى , وأن أي غارة جديدة لن تكون بمثابة نزهة الفجر .
نتنياهو لم يأبه بالإنذار الذي نقله إليه فلاديمير بوتين , ناصحاً بالكثير من الحكمة في الظروف الراهنة لأن أي انفجار سيشعل المنطقة بأسرها .
ما حدث لم يكن تغييراً في قواعد الاشتباك , وإنما تغييراً في القواعد الاستراتيجية التي تحكم المشهد العام , لا سيما بعد الغارة الأميركية الأخيرة والتي كانت المؤشر على أن الحضور الأميركي في سورية لم يكن يوماً لضرب تنظيم الدولة الإسلامية , وإنما لتفكيك سورية .
هذه هي الهدية التي لم يعد بها جاريد كوشنر بنيامين نتنياهو فحسب , بل ومسؤولين عرباً يعتبرون أن الصفقة الكبرى لن تعقد إلا وقد تحولت سورية إلى ركام ، أليس هذا ما يقضي به النص التوراتي ؟
المثير أن يكون البنتاغون هو الذي حذر تل أبيب من عواقب التفجير الواسع النطاق ، هذا كلام جهة خليجية موثوقة ، استخبارات وزارة الدفاع الأميركية تؤكد أن صواريخ "حزب الله" , بالقدرات التفجيرية الهائلة , موجهة إلى القواعد الجوية الإسرائيلية كافة .
لم يعد خفياً أن اتفاقاً عقد بين اسرائيل والأردن يتيح للمقاتلات الإسرائيلية الهبوط في القواعد الجوية الأردنية "عند الضرورة" ، اللقاءات ذات المنحى الاستراتيجي بين مسؤولين اسرائيليين ومسؤولين في بلد عربي آخر ركزت على هذه النقطة ، كان الاتفاق على المعاملة بالمثل .
المقصود , تحديداً , أن تحط الطائرات الإسرائيلية في قواعد عربية , سواء كانت عائدة من إيران أو من أي بلد آخر .
المعلومات إياها تؤكد أن "حزب الله" وضع خطة مزدوجة لاستيعاب ما يعتبرها الإسرائيليون "القوة المقدسة" , أي سلاح الجو ، اذ تواجه الطائرات بالصواريخ المحمولة على الكتف وبالمنظومات الصاروخية البالغة الفاعلية , فان أكثر الصواريخ أرض ـ أرض المتطورة ستوجه ضربات مركزة, وساحقة , إلى القواعد الجوية الإسرائيلية .
استخبارات البنتاغون تعتبر أن ذلك المنحى الذي تصاحبه عمليات اختراق للخط الأزرق , يشكل "جوهر" الاستراتيجية الراهنة لـ"حزب الله" .
ما حدث صباح السبت كلام بالنار ، لا بد من إقفال الطريق أمام السيناريو الأميركي وأمام السيناريو الإسرائيلي ،. ما هو الموقف الروسي ؟ الجواب في نوعية الصواريخ التي وصلت إلى الجيش السوري ، الاتفاق كان على دفع الموقف إلى الذروة ليتذكر دونالد ترامب أن ثمة خطوطاً حمراء على الأرض السورية .
أكثر بكثير من إسقاط طائرة . إسقاط السيناريو . انتظروا ...
المصدر :
الماسة السورية/نبيه البرجي
اكتب تعليق
كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة