#
  • فريق ماسة
  • 2023-11-18
  • 6737

العرب: ضغوط نيابية تدفع الحكومة الكويتية إلى حافة السقوط

تواصل الضغوط على الحكومة الكويتية بعد كل ما بذلته من جهود لتحسين علاقتها مع نواب البرلمان، وبعد التنازلات التي قدمتها لاسترضائهم، يشير إلى أنّ الهدف الأصلي من تلك الضغوط هو إضعافها تمهيدا لإسقاطها، وهو ما لاح مع تقديم استجواب لرئيس مجلس الوزراء بمجردّ نجاح المجلس في تجاوز استجواب وزير التجارة. الكويت - لم تشفع للحكومة الكويتية مرونتها إزاء نواب مجلس الأمّة ومسايرتها لأجندتهم التشريعية المتضمّنة لمطالب اجتماعية ترتّب أعباء إضافية على موازنة الدولة. كما لم تُحصّن الاستعانة بإدارة الفتوى والتشريع رئيس الحكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح من المساءلة النيابية. وبعد أيام على تمكّن الحكومة من تجاوز استجواب وجهه أحد نواب المجلس لوزير التجارة وتفادي رئيس الحكومة الإجابةَ عن سبعة أسئلة نيابية رأت إدارة الفتوى والتشريع أنّها تتضمّن مخالفة للدستور، وجد الشيخ أحمد النواف نفسه في مواجهة استجواب قدّمه نائب في البرلمان وسانده اثنا عشر من زملائه. وتكشف تلك الضغوط النيابية وجود حملة منسقة، لا تستبعد مصادر كويتية أنّ هدفها الأخير إسقاط الحكومة، في إطار ما تسميه تلك المصادر صراعا أوسع نطاقا لا تستبعد امتداده إلى داخل الأسرة الحاكمة. جنان بوشهري: واجب المساءلة يسمو على أي مواءمة سياسية وكان ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الصباح قد انتقد خلال جلسة افتتاح دور الانعقاد الحالي لمجلس الأمّة أداء الحكومة معتبرا أنّه يتّسم بالتردد ولم يلامس تطلعات المواطنين، وذلك بالإضافة إلى نقد لاذع وجهه لأعضاء البرلمان. وتضمّن الاستجواب الذي أعلن النائب مهلهل المضف تقديمه لرئيس مجلس الوزراء ثلاثة محاور تتمثّل في التراجع عن مضامين خطاب العهد الجديد (خطاب ألقاه ولي العهد صيف العام الماضي نيابة عن أمير البلاد واعتبر وثيقة تؤطّر عمل السلطات وعلاقاتها ببعضها البعض في مرحلة ما بعد الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد آنذاك)، وتخبط السياسات العامة للحكومة، والتهرب من الإجابة عن الأسئلة البرلمانية والتذرع بعدم دستوريتها. واعتبر المضف في شرحه لدواعي تقديمه الاستجواب أنّ محاولة فرض أسلوب الاحتماء بالدستور من سؤال برلماني أو استجواب “بدعة سياسية وهوى حكومي ضال وفاسد”، قائلا “أتقدم بهذا الاستجواب حتى يعرف الشعب أننا أصبحنا نقف بين مرحلة حقبة فاسدة وحقبة ضائعة. وما بين الفساد والضياع لا بد للحكمة من كلمة تعلو وتُسمع وتُطاع”. وبشأن ما رآه النائب تراجعا من قبل رئيس الحكومة عن مضامين “خطاب العهد الجديد”، قال المضف إن الخطاب الأميري الذي ألقي في يونيو 2022 “جاء بمثابة انفراج لأزمة سياسية طاحنة وحدد مصدر الخلل في تصدع العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على حساب استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره ورفاهية شعبه”، معتبرا أنّ تراجع رئيس الوزراء عن مضامين ذلك الخطاب طال ركيزتيه بالتراجع عن تصحيح مسار المشهد السياسي والمماطلة في تحسين معيشة المواطنين. وتحوّل تحسين الظروف المعيشية للكويتيين إلى محور رئيسي لعمل نواب مجلس الأمّة ما اضطر الحكومة إلى مسايرتهم على مضض، حيث كان على رأس أهدافها العمل على تخفيف الأعباء المالية على الدولة بدل إثقال كاهل ميزانيتها بأعباء إضافية. وتمّ مع بداية الدورة البرلمانية الحالية تمرير قانون يتعلّق برفع الحد الأدنى للمعاشات التقاعدية. وقال وزير المالية فهد الجارالله إن عدد المستفيدين من الزيادة في المعاشات يبلغ 52061 متقاعدا وفق البيانات المتوفرة إلى حدود شهر نوفمبر الجاري، ومن المتوقع أن يصل إلى 60 ألفا بسبب زيادة الأعداد المقبلة على التقاعد بالمقارنة مع رواتب بعض الموظفين الحاليين. وعن محور الاستجواب المتعلّق بـ”تخبط السياسات العامة للحكومة” قال المضف إنّ “السياسة العامة في تشكيل الحكومة لا تزال تقوم على أساس المحاصصة الفئوية ودون اعتبار للكفاءة”، متهما رئيس الوزراء بممارسة سياسة شراء الوقت عبر تسويف القرارات العاجلة التي بإمكان الأجهزة الإدارية اتخاذها دون الحاجة إلى اجتماعات اللجان البرلمانية ولا التقدم بمشروعات القوانين مثل الزيادات المالية الموعودة وضبط سلّم الأجور وعلاج التفاوت بينها والتحكم في أسعار السلع الأساسية. وبشأن المحور المعنون بـ”التهرب من الإجابة عن الأسئلة البرلمانية والتذرع بعدم دستوريتها” عبّر النائب عن استغرابه من عدم إجابة رئيس الحكومة عن تلك الأسئلة بذريعة عدم دستوريتها، قائلا “إنّ القطرة التي أفاضت الكأس هي عدم التزام رئيس مجلس الوزراء بالرد على الأسئلة البرلمانية، وهو حنث بالقسَم الدستوري وسلوك أعوج وهروب من المسؤولية”. وتشكّل مساءلة رؤساء الحكومات الكويتية من قبل أعضاء البرلمان حرجا استثنائيا لهم يضعهم على حافة الاستقالة، ويفسّر ذلك لجوءهم إلى أدوات دستورية لتفاديها على غرار طلب الشيخ أحمد النواف رأي لجنة الفتوى والتشريع في الأسئلة التي وجهها إليه النواب. مهلهل المضف: الشعب يعرف أننا أصبحنا نقف بين حقبة فاسدة وحقبة ضائعة ويمتلك الاستجواب الجديد الذي تقدّم به المضف قدرا من القوة بالنظر إلى العدد الهام من النواب المساندين له والذي بلغ اثني عشر نائبا. واستبق هؤلاء النواب إمكانية استنجاد رئيس الحكومة بالأدوات الدستورية معبرين عن رفضهم المسبق لتحويل الاستجواب إلى اللجنة التشريعية أو المحكمة الدستورية أو تحويل جلسة المناقشة إلى سرية. وقال النائب حمد العليان وهو أحد النواب المساندين لاستجواب الشيخ أحمد النواف إنّ على “رئيس الحكومة صعود المنصة للرد على محاور الاستجواب والدفاع عن نفسه قولا وفعلا”. ودافع النائب عبدالوهاب العيسى عن سلامة نوايا زميله الذي تقدم بالاستجواب قائلا إنّ “دوافع هذه المساءلة وطنية، وعملا بأداة رقابية كفلها الدستور لمن يمثل الأمّة”. وأضاف “وجب على رئيس الوزراء صعود المنصة في جلسة علنية لا وأد فيها للاستجواب بالإحالة إلى اللجنة التشريعية أو المحكمة الدستورية أو طلب تأجيل في غير المدة الدستورية المقررة”. كما ساندت المرأة الوحيدة ضمن تركيبة مجلس الأمة الحالي جنان بوشهري خطوة مهلهل المضف، معتبرة أنّ “تقديم عضو مجلس الأمة استجوابا لرئيس مجلس الوزراء أو الوزراء ليس حقا دستوريا فقط، بل واجب وطني مُلزَم به النائب متى ما رأى أن المساءلة أصبحت ضرورة رقابية وحجة إصلاحية، وهو واجب يسمو على أي مواءمة سياسية أو تنسيق تشريعي، فلا يجوز دستوريا أن تُعطل الأدوات التشريعية والرقابية تحت أي ذريعة. وكما هو واجب وطني على النائب، فهو التزام وطني على المستجوَب باحترام الأدوات الرقابية والقبول بها تطبيقا لنهج تصحيح المسار وتفعيلا لأحكام الدستور”.

المصدر : العرب


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة