من الضروري أن نقارن أقوال وأفعال تكفيريّ العصر الحديث بأقوال وأفعال التكفيريين القدامى ، لنرى هل هم أتباع للرسول محمد صلى الله عليه وسلم أم هم أتباع أولئك الخوارج الأوائل ؟ إذا فعلنا ذلك سنصل إلى قناعة أننا نظلم الخوارج القدامى أمام أتباعهم المعاصرين الذين طوروا التكفير والأدوات والوسائل التكفيرية على يد محمد بن عبد الوهاب ت 1206هـ راس الحربة التكفيرية ومؤسس شلال الدم الإسلامي بعد الخوارج.

يجب ألا نتردد لحظة واحدة بقبول هذه الحقيقة ، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى، أقلها أنه قتل مؤذناً ضريراً كان قد أنهى الأذان ، وهو نازل من درج المئذنة فصلى على النبي ، فاعتبرها ابن عبد الوهاب بدعة ، فقتله!..

 وإذا أشاح المسلمون بوجههم عن هذه الحقيقة يكونون قد أعطوا القتلة الوهابيين فرصة الاستمرارية ، وقد كانت وما زالت تقنيتهم قائمة على القتل والتكفير والتعنت بدل الحوار والمناقشة بغية الوصول إلى حل لكل أمر فيه خلاف ، رغم مقولة يرددونها " فلنعمل فيما اتفقنا فيه وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " فهنا لا عذر أبداً إماً ،  أن نكون وهابي الدين تكفيري العقيدة ، وإما : السيف السيف !..

إذا عدنا إلى مؤرخي مرحلة ابن عبد الوهاب نجد مؤرخين كبيرين الأول :

عثمان بن سند البصري ( ت 1242 هـ - 1826 م ) وهو من نجد أصلاً سكن البصرة وتوفي ببغداد ، وفي مكتبتي صورة لمخطوطته " مطالع السعود في أخبار الوالي داود " أرخ فيها مرحلة والي بغداد من سنة 1188 إلى سنة 1242 هـ وهو في هذا الكتاب يفضح الوهابيين ، وتكفيرهم للمسلمين ، وكل من ليس معهم هو كافر بشرعهم . ويتحدث حديثاً مطولاً عن ظلم عبد العزيز بن سعود وقتله لكل من يخالفه، ويذكر ثويني شيخ بني خالد آنذاك وكيف ذل ابن سعود وانتصر عليه في كثير من المعارك فلجأ ابن سعود إلى وسيلة معلمه ابن عبد الوهاب بالاغتيال غدراً ، فأرسل له عبداً من عبيده اسمه طعيس ولما قتله مدحه الوهابيون وحمدوه بقتل ثويني لكونهم يعتقدون كفر ثويني ، بل كفّر من على وجه الأرض ممن لم يعتقد معتقدهم ، وأكثروا من الأشعار في مدح تلك الواقعة ".

ويتحدث عن مقاتلة شمر بقيادة مطلق الجربا لابن سعود التكفيري ويذكر أساليبه في الخيانة والغدر والاغتيال ، قتاله فارس الجربا وابن أخيه بنية بن قرينيس.

ورغم أن ابن سند عنزي ، ومن نجد إلا أنه فضح أعمالهم التكفيرية ، وما تجرأ أن يعود إلى نجد ، فمات في بغداد .

وأما المؤرخ الآخر ، فهو عثمان بن بشر النجدي الحنبلي ، الموسوم بمؤرخ نجد وآل سعود من أهالي " شقرا " بنجد ، له مجموعة كتب في مقدمتها " عنوان المجد في تاريخ نجد " مطبوع منه جزأن ، أما الجزء الثالث ، فقد ادُعى أنه ضاع ، وفي واقع الحال قالوا عنه ضاع ، فأخفوه وحرقوه لأنه يفضحهم رغم ما كتبه عنهم في الجزأين المطبوعين .

ومن خلال قراءة هذين الكتابين وغيرهما من كتب تاريخ تلك الفترة ، تعلم أن القوم الوهابيين ، كانوا في طريق التمرد على الله من خلال الاستخفاف بدماء المسلمين ، والتهاون بهم ، وتكفيرهم وصولاً إلى أموالهم ، وأعراضهم ودمائهم ، ولهذا كان في قصر سعود بن عبد العزيز أكثر من سبعمئة حره استعبدها رقيقاً وأكثر من ألف ومئتي رجل استرقهم من غزواته ، كما كان يفتي له ابن عبد الوهاب دائماً وحسب ابن بشر، كان في بيت ابن عبد الوهاب نساء ورجال استرقهم.

كل هذا دون الدخول في باب عقيدتهم ، وهذا ما سنتركه إلى مقالة خاصة إن شاء الله . أما تكفيرهم المسلمين ، وقتلهم على هذا الذي ابتدعوه ، فهو مثار فخرهم ، وليس على ظهر الأرض وهابي إلا هو فخور يفضل جماعته على أصحاب رسول الله!. ، فإذا دخلت باب العقيدة المقارنة ستجدهم يتفاخرون أنهم فهموا الإسلام أكثر من أصحاب رسول الله ، في معالجة خاصة للنصوص القرآنية والنبوية فهموها وأحسنوا معالجتها حسب قولهم ، وعاملوا الأمة على أساسها.

ففهمُ أفراخِهم جماعة التكفير والهجرة " للأميةِ " وجوب محاربة التعليم لأنه إذا تعلمنا نكون قد خرجنا من أمية " الرسول" ومخالفين قوله تعالى " هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم " فنحن أمة لا تقرأ ولا تكتب ،وإذا تعلمنا القراءة والكتابة لم نعد مسلمين!. حسبنا الله ونعم الوكيل !.

هذا التكفير يكون عقيدة الوهابي السلفي ، الإخواني التحريري ، القاعدي ، يصلون بعدها إلى الإيمان بنظريتهم " من لم يكفر الكافر فهو كافر " والكافر عندهم من ليس معهم ! .

" الجماعة الإسلامية " تجاوزت الحاضر بتكفيرها المسلمين بمفعول رجعي فقررت، أن المسلمين منذ القرن الرابع الهجري حتى العصر الحديث هم كفار !..

هذه أقول الشيخ شكري مصطفى أمير تلك الجماعة ، والذي يقول: " بأنه لا توجد جماعة مسلمة على الأرض سوى جماعته "! فهل هم الفرقة الناجية ؟

من الذي أوصل شكري مصطفى إلى الاعتداد بهذه العقيدة ، وهذا الفكر ؟ لا شك أنهم المكفرون التكفيريون قبله . وكان قد هاجم الأئمة في قوله أثناء محاكمته بجلسة 27 / 10 / 1979 فقال ( أن جماعته قد قامت لتعيد الناس إلى ربهم وأول ذلك هو إعادة الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله ، وتحطيم الأصنام المعبودة من دون الله ، وأولها بغير موارية هو صنم الأئمة المتبعين لغير سلطان الله ".فمالك وأبو حنيفة والشافعي وابن حنبل وغيرهم من الأئمة أصنام عنده. فما هو مذهب هؤلاء الأئمة ؟

وكما انقسم الخوارج في القرون الأولى إلى عشرين فرقة جامعهم تكفير المسلمين ، كذلك انقسم التكفيريون بعدهم إلى السلفية التكفيرية والوهابية التكفيرية وجماعة الإخوان التكفيرية ، وحزب التحرير التكفيري والجماعة الإسلامية التكفيرية ، وجماعة القاعدة التكفيرية . ولم يحسم أمر الأمة بعد ، لن يحسم إلا بالوقوف على حقيقة تلك الفرق الإسلامية منذ القرون الأولى ، لنجيب على السؤال: هل كانت تلك الفرق حقيقة ، أم كانت من ابتداع العباسيين ؟.

 وما قصة حديث الفرق الإسلامية ، وكيف ضاع الدين عند العلماء الذين يمتطونه للشهرة ؟..

 كل تلك الأسئلة وغيرها في مقالتنا القادمة إن شاء الله .

  • فريق ماسة
  • 2008-12-31
  • 23097
  • من الأرشيف

الحلقة الثانية من لو أن للتخلف رائحة /الدكتور علي الشعيبي

من الضروري أن نقارن أقوال وأفعال تكفيريّ العصر الحديث بأقوال وأفعال التكفيريين القدامى ، لنرى هل هم أتباع للرسول محمد صلى الله عليه وسلم أم هم أتباع أولئك الخوارج الأوائل ؟ إذا فعلنا ذلك سنصل إلى قناعة أننا نظلم الخوارج القدامى أمام أتباعهم المعاصرين الذين طوروا التكفير والأدوات والوسائل التكفيرية على يد محمد بن عبد الوهاب ت 1206هـ راس الحربة التكفيرية ومؤسس شلال الدم الإسلامي بعد الخوارج. يجب ألا نتردد لحظة واحدة بقبول هذه الحقيقة ، والأدلة على ذلك أكثر من أن تحصى، أقلها أنه قتل مؤذناً ضريراً كان قد أنهى الأذان ، وهو نازل من درج المئذنة فصلى على النبي ، فاعتبرها ابن عبد الوهاب بدعة ، فقتله!..  وإذا أشاح المسلمون بوجههم عن هذه الحقيقة يكونون قد أعطوا القتلة الوهابيين فرصة الاستمرارية ، وقد كانت وما زالت تقنيتهم قائمة على القتل والتكفير والتعنت بدل الحوار والمناقشة بغية الوصول إلى حل لكل أمر فيه خلاف ، رغم مقولة يرددونها " فلنعمل فيما اتفقنا فيه وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه " فهنا لا عذر أبداً إماً ،  أن نكون وهابي الدين تكفيري العقيدة ، وإما : السيف السيف !.. إذا عدنا إلى مؤرخي مرحلة ابن عبد الوهاب نجد مؤرخين كبيرين الأول : عثمان بن سند البصري ( ت 1242 هـ - 1826 م ) وهو من نجد أصلاً سكن البصرة وتوفي ببغداد ، وفي مكتبتي صورة لمخطوطته " مطالع السعود في أخبار الوالي داود " أرخ فيها مرحلة والي بغداد من سنة 1188 إلى سنة 1242 هـ وهو في هذا الكتاب يفضح الوهابيين ، وتكفيرهم للمسلمين ، وكل من ليس معهم هو كافر بشرعهم . ويتحدث حديثاً مطولاً عن ظلم عبد العزيز بن سعود وقتله لكل من يخالفه، ويذكر ثويني شيخ بني خالد آنذاك وكيف ذل ابن سعود وانتصر عليه في كثير من المعارك فلجأ ابن سعود إلى وسيلة معلمه ابن عبد الوهاب بالاغتيال غدراً ، فأرسل له عبداً من عبيده اسمه طعيس ولما قتله مدحه الوهابيون وحمدوه بقتل ثويني لكونهم يعتقدون كفر ثويني ، بل كفّر من على وجه الأرض ممن لم يعتقد معتقدهم ، وأكثروا من الأشعار في مدح تلك الواقعة ". ويتحدث عن مقاتلة شمر بقيادة مطلق الجربا لابن سعود التكفيري ويذكر أساليبه في الخيانة والغدر والاغتيال ، قتاله فارس الجربا وابن أخيه بنية بن قرينيس. ورغم أن ابن سند عنزي ، ومن نجد إلا أنه فضح أعمالهم التكفيرية ، وما تجرأ أن يعود إلى نجد ، فمات في بغداد . وأما المؤرخ الآخر ، فهو عثمان بن بشر النجدي الحنبلي ، الموسوم بمؤرخ نجد وآل سعود من أهالي " شقرا " بنجد ، له مجموعة كتب في مقدمتها " عنوان المجد في تاريخ نجد " مطبوع منه جزأن ، أما الجزء الثالث ، فقد ادُعى أنه ضاع ، وفي واقع الحال قالوا عنه ضاع ، فأخفوه وحرقوه لأنه يفضحهم رغم ما كتبه عنهم في الجزأين المطبوعين . ومن خلال قراءة هذين الكتابين وغيرهما من كتب تاريخ تلك الفترة ، تعلم أن القوم الوهابيين ، كانوا في طريق التمرد على الله من خلال الاستخفاف بدماء المسلمين ، والتهاون بهم ، وتكفيرهم وصولاً إلى أموالهم ، وأعراضهم ودمائهم ، ولهذا كان في قصر سعود بن عبد العزيز أكثر من سبعمئة حره استعبدها رقيقاً وأكثر من ألف ومئتي رجل استرقهم من غزواته ، كما كان يفتي له ابن عبد الوهاب دائماً وحسب ابن بشر، كان في بيت ابن عبد الوهاب نساء ورجال استرقهم. كل هذا دون الدخول في باب عقيدتهم ، وهذا ما سنتركه إلى مقالة خاصة إن شاء الله . أما تكفيرهم المسلمين ، وقتلهم على هذا الذي ابتدعوه ، فهو مثار فخرهم ، وليس على ظهر الأرض وهابي إلا هو فخور يفضل جماعته على أصحاب رسول الله!. ، فإذا دخلت باب العقيدة المقارنة ستجدهم يتفاخرون أنهم فهموا الإسلام أكثر من أصحاب رسول الله ، في معالجة خاصة للنصوص القرآنية والنبوية فهموها وأحسنوا معالجتها حسب قولهم ، وعاملوا الأمة على أساسها. ففهمُ أفراخِهم جماعة التكفير والهجرة " للأميةِ " وجوب محاربة التعليم لأنه إذا تعلمنا نكون قد خرجنا من أمية " الرسول" ومخالفين قوله تعالى " هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم " فنحن أمة لا تقرأ ولا تكتب ،وإذا تعلمنا القراءة والكتابة لم نعد مسلمين!. حسبنا الله ونعم الوكيل !. هذا التكفير يكون عقيدة الوهابي السلفي ، الإخواني التحريري ، القاعدي ، يصلون بعدها إلى الإيمان بنظريتهم " من لم يكفر الكافر فهو كافر " والكافر عندهم من ليس معهم ! . " الجماعة الإسلامية " تجاوزت الحاضر بتكفيرها المسلمين بمفعول رجعي فقررت، أن المسلمين منذ القرن الرابع الهجري حتى العصر الحديث هم كفار !.. هذه أقول الشيخ شكري مصطفى أمير تلك الجماعة ، والذي يقول: " بأنه لا توجد جماعة مسلمة على الأرض سوى جماعته "! فهل هم الفرقة الناجية ؟ من الذي أوصل شكري مصطفى إلى الاعتداد بهذه العقيدة ، وهذا الفكر ؟ لا شك أنهم المكفرون التكفيريون قبله . وكان قد هاجم الأئمة في قوله أثناء محاكمته بجلسة 27 / 10 / 1979 فقال ( أن جماعته قد قامت لتعيد الناس إلى ربهم وأول ذلك هو إعادة الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله ، وتحطيم الأصنام المعبودة من دون الله ، وأولها بغير موارية هو صنم الأئمة المتبعين لغير سلطان الله ".فمالك وأبو حنيفة والشافعي وابن حنبل وغيرهم من الأئمة أصنام عنده. فما هو مذهب هؤلاء الأئمة ؟ وكما انقسم الخوارج في القرون الأولى إلى عشرين فرقة جامعهم تكفير المسلمين ، كذلك انقسم التكفيريون بعدهم إلى السلفية التكفيرية والوهابية التكفيرية وجماعة الإخوان التكفيرية ، وحزب التحرير التكفيري والجماعة الإسلامية التكفيرية ، وجماعة القاعدة التكفيرية . ولم يحسم أمر الأمة بعد ، لن يحسم إلا بالوقوف على حقيقة تلك الفرق الإسلامية منذ القرون الأولى ، لنجيب على السؤال: هل كانت تلك الفرق حقيقة ، أم كانت من ابتداع العباسيين ؟.  وما قصة حديث الفرق الإسلامية ، وكيف ضاع الدين عند العلماء الذين يمتطونه للشهرة ؟..  كل تلك الأسئلة وغيرها في مقالتنا القادمة إن شاء الله .

المصدر : موقع عربي برس


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة