كلّما صمدت الهدنة السورية اطول، زاد تمسك المدنيين في المناطق المنكوبة باستمرارها، خشية انهيار تجمع اراء المحللين على انه سيؤدي الى تسعير الحرب على نحو غير مسبوق.

ويجمع المحللون على ان هدنة الاسبوعين غير المسبوقة في سورية، يتهددها لغمان خطيران، هما "تداخل" مناطق سيطرة جبهة النصرة المتطرفة والمستثناة من الهدنة، مع مناطق نفوذ مجموعات مسلحة اعلنت التزامها الهدنة، اضافة الى النزق التركي حيال السوريين الاكراد المتحالفين مع الجيش، وهو ما يعبر عن سياسة تشعر بفقدان مزيد من الاوراق من يدها، خصوصا بعد ان تمكن الجيش من دحر مجموعات مسلحة محسوبة على انقرة في ريف حلب الشمالي .

ولأن تركيا تؤيد الهدنة مُكرهة، فان المحللين يعتبرون انها تتحين الفرصةَ لتخريب الهدنة التي تعرضت لانتهاكات حين قصفت احياء دمشق امس السبت بقذائف صاروخية، فضلا عن تفجيرات انتحارية في حماة اودت بحياة مزيد من الابرياء.

وعلى الرغم من انتهاكات الهدنة يوم امس، فان المعطياتُ الميدانية تعزز ان تستمر الهدنة عدة أيام من " السلام الهش" على الأقل، حسب المراقبين الذين لا يؤيدون الإفراط في التّفاؤل حول استمرار صمود الهدنة، "إذ أنّ كلّ الأطراف تذهبُ إليها ويدُها على الزّناد".

ولفت المراقبون الى ان هناك تطابقا في التقييمين الروسي والاميركي لفرص نجاح الهدنة، وهو ما عبر عنه المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست حين اشار الى "مواجهةَ عراقيل تقلّلُ القدرة على البت بشأن نجاح أو فشل وقف إطلاق النار خلال الأيام الأولى، بل وربما على مدار الأسبوعين الأولين"، الامر الذي تطابق مع ما عبّر عنه وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف الذي قال إنّه "لا يمكن ضمان تنفيذ وقف إطلاق النار بنسبة مائة في المائة". ويرجع المراقبون هذه التّقييمات الى الثغرات الكثيرة التي تشوب اتّفاق وقف الأعمال القتاليّة، وعلى رأسها الغموضُ حول آليّات مُراقبة تنفيذه، وسبل التّحقّق من الطّرف المسؤول عن خرقِه في حال حدوث أي خرق، وهي تفاصيلُ بقيَت غائبةً حتى عن قرار مجلس الأمن 2268 الذي أُتخذ الجمعة. اضافة الى ذلك، يُعزّز التداخل الميدانيّ بين المجموعات المسلحة فرص حدوث خروقات للهدنة، حسب المراقبين الذين يعتبرون ان الجُغرافيا الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" مُسثتناةً من الاتفاق بشكل واضحٍ بسببِ نفوذه المُطلق فيها، وهو ما لا ينطبقُ على مناطقِ سيطرة "جبهة النّصرة المتطرفة" التي تتشاركُ مع باقي المجموعات المسلّحةِ بُقعاً جُغرافيّةً كثيرة.

 

ويرى المراقبون ان "النّصرة" تاتي على رأس المتربّصينَ باتفاق الهدنة، وهو أمرٌ عبّرَ عنهُ بوضوح زعيمها أبو محمّد الجولاني اول من أمس في رسالةٍ صوتيّة خصّصها لمهاجمة الهدنة والدّعوة إلى تقويضها. الجولانيّ خاطبَ "جند الشّام" قائلاً "شدّوا عزماتكم، وقوّوا ضرباتكم، ولا تخيفكم حشودهم وطائراتهم"، كما حذّر من أنّ الهدنة سـ"تئدُ الثّورة وتُدخل الجهاد الشامي دهاليز المؤتمرات الدولية وملفّات الأمم المتحدة فيخرجونه عن أصل معدنه".

ويواجه تّحالف "جبهة النصرة" وبقية المجموعات المسلحة التفكك، اذا ما التزمت المجموعات التي قبلت الاتفاق تنفيذه. وناهز تعداد هذه المجموعات المئة وفقاً لما أعلنته "الهيئة العليا للتّفاوض" يوم الجمعة من دون الإفصاح عن أسمائها، ومناطق نفوذها.  وقال المبعوث الاممي الى سورية ستيفان دي ميستورا امس، ان الولايات المتحدة وروسيا اللتين تترأسان فريق العمل لتقييم الهدنة في سورية، "اقامتا مراكز عمليات منفصلة في موسكو وواشنطن واللاذقية وعمان"، الى جانب مركز عمليات للامم المتحدة يعمل بلا توقف في جنيف.

واكد دي ميستورا ان التقارير الاولى تشير الى ان القتال "هدأ" وان فريق العمل الذي شكلته الدول الـ 17 في المجموعة الدولية لدعم سورية سيعقد "لمراقبة" ما يحدث على الارض "والتحقق منه" مضيفا ان فريق العمل هذا سيدرس "اي حوادث يمكن ان تقع، وما يجب فعله لاحتوائها".

وأعلن دي ميستورا الليلة قبل الماضية انه يعتزم الدعوة الى جولة مفاوضات سلام جديدة تهدف الى ايجاد تسوية سياسية للنزاع في سورية في السابع من آذار(مارس المقبل).

من جهتها، تجنّبت الهيئة العليا للمعارضة، الإشارةَ بأيّ شكلٍ إلى "جبهة النّصرة"، وكشفت في الوقت نفسه عن تشكيل "لجنة عسكريّة للمتابعة والتنسيق" يترأسها المنسق العام رياض حجاب. وتضطلع "اللجنة" بمهمّة "رصد أي خروق وتحديد الجهات المسؤولة عنها، وقياس مستوى تحسن الوضع الإنساني خلال فترة الهدنة، مع احتفاظ الفصائل المسلحة بحق الدفاع عن نفسها ضدّ أي عدوان خارجي". وتبعا لذلك يرى المراقبون أنّ من السّابق لأوانه التّكّهنُ بموقف "الهيئة العليا للمعارضة" والمجموعات المسلّحة المنضمّة إلى الاتفاق حالَ استهداف الجيش السوري لـ"جبهة النصرة"، اذ يبدو هذا التّفصيل واحداً من أشدّ الألغام قابليةً لتفجير الهدنة، ولا سيّما أنّ استهدافاً من هذا النوع أمرٌ حاصلٌ لا محالة وفقاً للتّأكيدات الروسيّة والسوريّة.

كذلك، يقدر المراقبون أن الّلغم "التركي، الكرديّ" مُهيّأً للانفجار في أي لحظة، في ظلّ حرص أنقرة على التّلويح بـ"تطبيق قواعد الاشتباك حال وقوع أي أحداث تهدد أمنها القومي" وفقاً لما جاء على لسان متحدّث بلسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة. وأشار المتحدثً إبراهيم كاليان إلى أنّ بلاده "تشعر بقلق بالغٍ حيال اتفاق وقف إطلاق النار، بسبب استمرار القتال قبل ساعاتٍ من سريان الاتفاق".

واعلن الجيش الروسي، امس،  وقف حركة طيرانه بشكل تام ليوم واحد فوق الاراضي السورية دعما لاتفاق الهدنة، فيما واصل التحالف الدولي بقيادة واشنطن شن غارات ضد مواقع تنظيم داعش في محافظة الرقة (شمال). وسجلت اشتباكات في مناطق عدة غير مشمولة بالاتفاق لوجود تنظيم داعش وجبهة النصرة فيها.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، امس السبت، أن 70 طائرة بلا طيار تابعة لسلاح الجو الروسي تنفذ المراقبة المستمرة لوقف إطلاق النار في سورية.

وفي مؤتمر صحفي عقد في قاعدة حميميم الجوية الروسية، قال سيرغي كورالينكو، رئيس المركز الروسي للمصالحة بين أطراف النزاع، إنه جرى تنظيم عملية الإبلاغ بإمكانية وقف الأعمال القتالية في كل أراضي البلاد، وذلك من خلال بث القنوات التلفزيونية السورية شريطا متحركا يضم معلومات تمكن كل جهة معنية بالاتصال مع المركز الروسي.وذكر المسؤول الروسي أنه منذ نشر أرقام الهواتف والبريد الإلكتروني لمركز المصالحة في وسائل الإعلام السورية تلقى الأخير 169 اتصالا هاتفيا ورسالة، بما فيها 42 من ممثلي السلطات المحلية في مختلف أنحاء البلاد، و34 من قادة الفصائل المسلحة أو ممثلين عنهم، إلى جانب 93 اتصالا ورسالة من مواطنين عاديين، بما فيها طلبات عفو لذويهم الذين يحاربون في صفوف المسلحين.

وأشار كورالينكو إلى أن المركز لا يرفض أي طلب، فقد أجاب ضباط مناوبون فيه على 23 سؤالا على الفور، ولا تزال 48 طلبا محل اتخاذ قرار بشأنها، فيما تم تحويل 98 سؤالا إلى الأجهزة الحكومية السورية.

ميدانيا، اكد شهود عيان من بينهم صحفيون ان ليلة هادئة عاشتها مناطق سورية كثيرة، اذ جالت صحافية في وكالة فرانس برس صباحا على مناطق قريبة من اطراف العاصمة السورية، واشارت الى هدوء لم تشهده هذه المناطق منذ وقت طويل، والى غياب سحب الدخان التي كانت تتصاعد عادة من جوبر والغوطة الشرقية في ريف دمشق.

في دمشق، قال عمار الراعي (22 عاما)، وهو طالب جامعي في كلية الطب، "تفاجأت بالهدوء الذي حصل منذ ليل أمس وحتى الآن"، مضيفا "ربما هي المرة الأولى التي نستيقظ فيها من دون أصوات قصف أو مدفعية، دمشق أجمل من دون حرب".

وافاد مراسل فرانس برس في مدينة حلب التي شهدت معارك شبه يومية بين الجيش والمجموعات المسلحة منذ صيف 2012، ان "هدوءا كاملا يسود المدينة".وقال الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش ان اتفاق وقف الاعمال العدائية سيطبق على الارجح في عشرة في المئة فقط من الاراضي السورية.

من جهة ثانية، قصفت المدفعية التركية مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية في مناطق قريبة من الحدود التركية.

وكانت وحدات حماية الشعب اكدت التزامها بالاتفاق، محتفظة بحق الرد على "المعتدي". في حين اعلنت انقرة التي تقصف انطلاقا من اراضيها مواقع الاكراد، ان الاتفاق "ليس ملزما" لها.

 

وبين المناطق التي لا يشملها اتفاق الهدنة محافظتا دير الزور (شرق) والرقة الواقعتان بشكل شبه كامل تحت سيطرة داعش، ومحافظة ادلب (شمال غرب) التي يسيطر عليها باستثناء بلدتين، "جيش الفتح" وهو تحالف مجموعات مسلحة اهمها جبهة النصرة المتطرفة.

 

  • فريق ماسة
  • 2016-02-27
  • 11838
  • من الأرشيف

الهدنة السورية تواجه تهديدي جبهة النصرة والنزق التركي

كلّما صمدت الهدنة السورية اطول، زاد تمسك المدنيين في المناطق المنكوبة باستمرارها، خشية انهيار تجمع اراء المحللين على انه سيؤدي الى تسعير الحرب على نحو غير مسبوق. ويجمع المحللون على ان هدنة الاسبوعين غير المسبوقة في سورية، يتهددها لغمان خطيران، هما "تداخل" مناطق سيطرة جبهة النصرة المتطرفة والمستثناة من الهدنة، مع مناطق نفوذ مجموعات مسلحة اعلنت التزامها الهدنة، اضافة الى النزق التركي حيال السوريين الاكراد المتحالفين مع الجيش، وهو ما يعبر عن سياسة تشعر بفقدان مزيد من الاوراق من يدها، خصوصا بعد ان تمكن الجيش من دحر مجموعات مسلحة محسوبة على انقرة في ريف حلب الشمالي . ولأن تركيا تؤيد الهدنة مُكرهة، فان المحللين يعتبرون انها تتحين الفرصةَ لتخريب الهدنة التي تعرضت لانتهاكات حين قصفت احياء دمشق امس السبت بقذائف صاروخية، فضلا عن تفجيرات انتحارية في حماة اودت بحياة مزيد من الابرياء. وعلى الرغم من انتهاكات الهدنة يوم امس، فان المعطياتُ الميدانية تعزز ان تستمر الهدنة عدة أيام من " السلام الهش" على الأقل، حسب المراقبين الذين لا يؤيدون الإفراط في التّفاؤل حول استمرار صمود الهدنة، "إذ أنّ كلّ الأطراف تذهبُ إليها ويدُها على الزّناد". ولفت المراقبون الى ان هناك تطابقا في التقييمين الروسي والاميركي لفرص نجاح الهدنة، وهو ما عبر عنه المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست حين اشار الى "مواجهةَ عراقيل تقلّلُ القدرة على البت بشأن نجاح أو فشل وقف إطلاق النار خلال الأيام الأولى، بل وربما على مدار الأسبوعين الأولين"، الامر الذي تطابق مع ما عبّر عنه وزير الخارجيّة الروسي سيرغي لافروف الذي قال إنّه "لا يمكن ضمان تنفيذ وقف إطلاق النار بنسبة مائة في المائة". ويرجع المراقبون هذه التّقييمات الى الثغرات الكثيرة التي تشوب اتّفاق وقف الأعمال القتاليّة، وعلى رأسها الغموضُ حول آليّات مُراقبة تنفيذه، وسبل التّحقّق من الطّرف المسؤول عن خرقِه في حال حدوث أي خرق، وهي تفاصيلُ بقيَت غائبةً حتى عن قرار مجلس الأمن 2268 الذي أُتخذ الجمعة. اضافة الى ذلك، يُعزّز التداخل الميدانيّ بين المجموعات المسلحة فرص حدوث خروقات للهدنة، حسب المراقبين الذين يعتبرون ان الجُغرافيا الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش" مُسثتناةً من الاتفاق بشكل واضحٍ بسببِ نفوذه المُطلق فيها، وهو ما لا ينطبقُ على مناطقِ سيطرة "جبهة النّصرة المتطرفة" التي تتشاركُ مع باقي المجموعات المسلّحةِ بُقعاً جُغرافيّةً كثيرة.   ويرى المراقبون ان "النّصرة" تاتي على رأس المتربّصينَ باتفاق الهدنة، وهو أمرٌ عبّرَ عنهُ بوضوح زعيمها أبو محمّد الجولاني اول من أمس في رسالةٍ صوتيّة خصّصها لمهاجمة الهدنة والدّعوة إلى تقويضها. الجولانيّ خاطبَ "جند الشّام" قائلاً "شدّوا عزماتكم، وقوّوا ضرباتكم، ولا تخيفكم حشودهم وطائراتهم"، كما حذّر من أنّ الهدنة سـ"تئدُ الثّورة وتُدخل الجهاد الشامي دهاليز المؤتمرات الدولية وملفّات الأمم المتحدة فيخرجونه عن أصل معدنه". ويواجه تّحالف "جبهة النصرة" وبقية المجموعات المسلحة التفكك، اذا ما التزمت المجموعات التي قبلت الاتفاق تنفيذه. وناهز تعداد هذه المجموعات المئة وفقاً لما أعلنته "الهيئة العليا للتّفاوض" يوم الجمعة من دون الإفصاح عن أسمائها، ومناطق نفوذها.  وقال المبعوث الاممي الى سورية ستيفان دي ميستورا امس، ان الولايات المتحدة وروسيا اللتين تترأسان فريق العمل لتقييم الهدنة في سورية، "اقامتا مراكز عمليات منفصلة في موسكو وواشنطن واللاذقية وعمان"، الى جانب مركز عمليات للامم المتحدة يعمل بلا توقف في جنيف. واكد دي ميستورا ان التقارير الاولى تشير الى ان القتال "هدأ" وان فريق العمل الذي شكلته الدول الـ 17 في المجموعة الدولية لدعم سورية سيعقد "لمراقبة" ما يحدث على الارض "والتحقق منه" مضيفا ان فريق العمل هذا سيدرس "اي حوادث يمكن ان تقع، وما يجب فعله لاحتوائها". وأعلن دي ميستورا الليلة قبل الماضية انه يعتزم الدعوة الى جولة مفاوضات سلام جديدة تهدف الى ايجاد تسوية سياسية للنزاع في سورية في السابع من آذار(مارس المقبل). من جهتها، تجنّبت الهيئة العليا للمعارضة، الإشارةَ بأيّ شكلٍ إلى "جبهة النّصرة"، وكشفت في الوقت نفسه عن تشكيل "لجنة عسكريّة للمتابعة والتنسيق" يترأسها المنسق العام رياض حجاب. وتضطلع "اللجنة" بمهمّة "رصد أي خروق وتحديد الجهات المسؤولة عنها، وقياس مستوى تحسن الوضع الإنساني خلال فترة الهدنة، مع احتفاظ الفصائل المسلحة بحق الدفاع عن نفسها ضدّ أي عدوان خارجي". وتبعا لذلك يرى المراقبون أنّ من السّابق لأوانه التّكّهنُ بموقف "الهيئة العليا للمعارضة" والمجموعات المسلّحة المنضمّة إلى الاتفاق حالَ استهداف الجيش السوري لـ"جبهة النصرة"، اذ يبدو هذا التّفصيل واحداً من أشدّ الألغام قابليةً لتفجير الهدنة، ولا سيّما أنّ استهدافاً من هذا النوع أمرٌ حاصلٌ لا محالة وفقاً للتّأكيدات الروسيّة والسوريّة. كذلك، يقدر المراقبون أن الّلغم "التركي، الكرديّ" مُهيّأً للانفجار في أي لحظة، في ظلّ حرص أنقرة على التّلويح بـ"تطبيق قواعد الاشتباك حال وقوع أي أحداث تهدد أمنها القومي" وفقاً لما جاء على لسان متحدّث بلسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة. وأشار المتحدثً إبراهيم كاليان إلى أنّ بلاده "تشعر بقلق بالغٍ حيال اتفاق وقف إطلاق النار، بسبب استمرار القتال قبل ساعاتٍ من سريان الاتفاق". واعلن الجيش الروسي، امس،  وقف حركة طيرانه بشكل تام ليوم واحد فوق الاراضي السورية دعما لاتفاق الهدنة، فيما واصل التحالف الدولي بقيادة واشنطن شن غارات ضد مواقع تنظيم داعش في محافظة الرقة (شمال). وسجلت اشتباكات في مناطق عدة غير مشمولة بالاتفاق لوجود تنظيم داعش وجبهة النصرة فيها. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، امس السبت، أن 70 طائرة بلا طيار تابعة لسلاح الجو الروسي تنفذ المراقبة المستمرة لوقف إطلاق النار في سورية. وفي مؤتمر صحفي عقد في قاعدة حميميم الجوية الروسية، قال سيرغي كورالينكو، رئيس المركز الروسي للمصالحة بين أطراف النزاع، إنه جرى تنظيم عملية الإبلاغ بإمكانية وقف الأعمال القتالية في كل أراضي البلاد، وذلك من خلال بث القنوات التلفزيونية السورية شريطا متحركا يضم معلومات تمكن كل جهة معنية بالاتصال مع المركز الروسي.وذكر المسؤول الروسي أنه منذ نشر أرقام الهواتف والبريد الإلكتروني لمركز المصالحة في وسائل الإعلام السورية تلقى الأخير 169 اتصالا هاتفيا ورسالة، بما فيها 42 من ممثلي السلطات المحلية في مختلف أنحاء البلاد، و34 من قادة الفصائل المسلحة أو ممثلين عنهم، إلى جانب 93 اتصالا ورسالة من مواطنين عاديين، بما فيها طلبات عفو لذويهم الذين يحاربون في صفوف المسلحين. وأشار كورالينكو إلى أن المركز لا يرفض أي طلب، فقد أجاب ضباط مناوبون فيه على 23 سؤالا على الفور، ولا تزال 48 طلبا محل اتخاذ قرار بشأنها، فيما تم تحويل 98 سؤالا إلى الأجهزة الحكومية السورية. ميدانيا، اكد شهود عيان من بينهم صحفيون ان ليلة هادئة عاشتها مناطق سورية كثيرة، اذ جالت صحافية في وكالة فرانس برس صباحا على مناطق قريبة من اطراف العاصمة السورية، واشارت الى هدوء لم تشهده هذه المناطق منذ وقت طويل، والى غياب سحب الدخان التي كانت تتصاعد عادة من جوبر والغوطة الشرقية في ريف دمشق. في دمشق، قال عمار الراعي (22 عاما)، وهو طالب جامعي في كلية الطب، "تفاجأت بالهدوء الذي حصل منذ ليل أمس وحتى الآن"، مضيفا "ربما هي المرة الأولى التي نستيقظ فيها من دون أصوات قصف أو مدفعية، دمشق أجمل من دون حرب". وافاد مراسل فرانس برس في مدينة حلب التي شهدت معارك شبه يومية بين الجيش والمجموعات المسلحة منذ صيف 2012، ان "هدوءا كاملا يسود المدينة".وقال الخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش ان اتفاق وقف الاعمال العدائية سيطبق على الارجح في عشرة في المئة فقط من الاراضي السورية. من جهة ثانية، قصفت المدفعية التركية مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية في مناطق قريبة من الحدود التركية. وكانت وحدات حماية الشعب اكدت التزامها بالاتفاق، محتفظة بحق الرد على "المعتدي". في حين اعلنت انقرة التي تقصف انطلاقا من اراضيها مواقع الاكراد، ان الاتفاق "ليس ملزما" لها.   وبين المناطق التي لا يشملها اتفاق الهدنة محافظتا دير الزور (شرق) والرقة الواقعتان بشكل شبه كامل تحت سيطرة داعش، ومحافظة ادلب (شمال غرب) التي يسيطر عليها باستثناء بلدتين، "جيش الفتح" وهو تحالف مجموعات مسلحة اهمها جبهة النصرة المتطرفة.  

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة