ألقى التقدم الروسي الكبير في جولات الحرب الباردة الجديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية في مناطق القارة الأوروبية، ألقى بظلاله على قدرة الناتو الاستراتيجية على خوض أي حرب مستقبلية ضد روسيا، بحسب ما يؤكده الكاتب لورين تومبسون في مقال له في مجلة فوريس، إذ يقول إنه "في حال قررت روسيا مهاجمة دول البلطيق فيمكنها احتلالها بالكامل خلال 2 – 3 أيام، ولن يستطيع حلف الناتو خلال هذا الوقت الاستجابة سريعا باتخاذ قرار منسق وهذا الأمر يشكل قلقا للبنتاغون".

ويقول الكاتب "على وجه العموم، فالجبهة الشرقية للتحالف (الناتو) ضعيفة فيما يخص التدخل الخارجي، مع الأخذ في الحسبان قربها من مواقع القوات الروسية وعدم وجود تضاريس طبيعية تمنع التقدم السريع"، مشيرا إلى أن الخبراء العسكريين الغربيين يرون أنهم لم يعودوا قادرين على التنبؤ بسلوك روسيا وذلك بعد الأزمة في أوكرانيا، "ولهذا أصبحت من جديد إمكانية اندلاع حرب في أوروبا المشكلة الرئيسية، ما يعني حربا برية والتي سيكون من المحتم على الجيش الأمريكي تحمل وطأتها بنفسه".

ويضيف تومبسون أنه وفي ظل ظروف معينة سيكون من الممكن لبوتين هزيمة قوات الناتو وكسرها حتى ولو لم يكن النظام السياسي الأوروبي ضعيفا، لأن نتائج الصدام بهذا الشكل تعتمد على عدد من العوامل التي يسرد تومبسون بعضا منها.

وعلى سبيل المثال.. رغم مساهمة القوات الأمريكية في العمليات العسكرية بجنوب غرب أسيا وعلى مدى 15 عاما التي علمتها الوقوف في وجه المجموعات غير المنظمة، إلا أن هذا التحرك أضعف موقف واشنطن العسكري في الوقوف بوجه عدو يمتلك سلاح الدبابات والمدفعية والطائرات الحربية، وانخفضت في غضون ذلك أعداد القوات والطائرات المروحية، أما فيما يخص تواجد الجيش الأمريكي في أوروبا فقد انخفض إلى لوائين لا يكفيان للتعامل مع ظهور محتمل لروسيا هناك.

أمر آخر يشير إليه  تومبسون في مقاله، وهو أن روسيا اعتادت تاريخيا القيام بالإجراءات (العسكرية) على الأرض، وهنا تتفوق روسيا في صدام محتمل لما تتميز به من مساحة كبيرة، فروسيا تجري باستمرار تدريبات ومناورات عسكرية بالقرب من الحدود مع استونيا وأوكرانيا وغيرها من البلدان التي قد تكون معرضة لمثل هذا الهجوم.

ويضيف أنه بالنظر إلى غرب روسيا فلديها قوات مسلحة كبيرة التي يمكنها بدء التحرك العسكري دون سابق إنذار، ويمكن لموسكو وضع الغرب أمام أمر واقع وبالخصوص إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التناقضات الداخلية للتحالف، بالإضافة إلى أن القوات البرية الأمريكية أغلبها يتواجد على مسافة بعيدة من المنطقة المعنية.

 

ولفت الكاتب "يضاف إلى كل ذلك حقيقة أن الجيش الأمريكي غير مدرب للقتال في مثل تلك الظروف التي يجب أن يكون لها دعم جوي عسكري دائم، فمع الحالة بشأن روسيا لن يكون الأمر ممكنا، فأنظمة الصواريخ الروسية قادرة على إسقاط أي طائرة ليست مجهزة بتكنولوجيا "خفض التشويش" وغيرها من الأنظمة المشابهة، وخير مثال على ذلك بولندا التي يقع غالب مجالها الجوي في مرمى منظومات الدفاع الجوي الروسي".

ويقول الكاتب "لا يعتبر التفوق الجوي الروسي السبب الوحيد، فجيشها الذي أصبح أكثر حرفية يتسلح بعدد من الأسلحة التقليدية المتقدمة، في وقت لا تستثمر فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها ما يكفي في التكنولوجيا الجديدة، وهكذا يدرك ممثلو الجيش الأمريكي المجالات التي يمكن أن تكون روسيا تفوقت على الولايات المتحدة فيها وهي إطلاق الصواريخ بعيدة المدى والحرب باستخدام الوسائل الإلكترونية والحرب الهجينة"، بالإضافة إلى اعتبار الأسلحة المضادة للدبابات تهديدا خطيرا للمدرعات الأمريكية.

وعلاوة على ذلك، يرى  تومبسون أن روسيا "يمكن أن تستخدم أسلحتها النووية، وخصوصا أن عقيدتها العسكرية لا تستثني ذلك"، ويضيف "أقر بوتين أنه فكر بوضع القوات النووية الروسية في حالة تأهب خلال النزاع الأوكراني"، ولذلك ينصح كاتب المقالة الاستراتيجيين العسكريين في حلف الناتو التفكير في أن ذلك الصراع، الذي يمكن أن يبدأ على حدود دول البلطيق أو أوكرانيا يمكن أن يتحول إلى تبادل للضربات النووية.

ويعتبر  تومبسون أن على الجيش الأمريكي إعادة الدبابات وكتائب أنظمة باتريوت والمروحيات المقاتلة وأنظمة الكشف المتقدم، "فوجود قوات أمريكية كبيرة تتمركز في أوروبا على أساس دائم لا يمنع فقط التهديد لكنه يعطي الولايات المتحدة القدرة على الرد السريع في حال لم يتم التمكن من منع الصراع".

  • فريق ماسة
  • 2015-12-12
  • 10092
  • من الأرشيف

روسيا ستسحق الناتو في أي حرب مستقبلية

ألقى التقدم الروسي الكبير في جولات الحرب الباردة الجديدة مع الولايات المتحدة الأمريكية في مناطق القارة الأوروبية، ألقى بظلاله على قدرة الناتو الاستراتيجية على خوض أي حرب مستقبلية ضد روسيا، بحسب ما يؤكده الكاتب لورين تومبسون في مقال له في مجلة فوريس، إذ يقول إنه "في حال قررت روسيا مهاجمة دول البلطيق فيمكنها احتلالها بالكامل خلال 2 – 3 أيام، ولن يستطيع حلف الناتو خلال هذا الوقت الاستجابة سريعا باتخاذ قرار منسق وهذا الأمر يشكل قلقا للبنتاغون". ويقول الكاتب "على وجه العموم، فالجبهة الشرقية للتحالف (الناتو) ضعيفة فيما يخص التدخل الخارجي، مع الأخذ في الحسبان قربها من مواقع القوات الروسية وعدم وجود تضاريس طبيعية تمنع التقدم السريع"، مشيرا إلى أن الخبراء العسكريين الغربيين يرون أنهم لم يعودوا قادرين على التنبؤ بسلوك روسيا وذلك بعد الأزمة في أوكرانيا، "ولهذا أصبحت من جديد إمكانية اندلاع حرب في أوروبا المشكلة الرئيسية، ما يعني حربا برية والتي سيكون من المحتم على الجيش الأمريكي تحمل وطأتها بنفسه". ويضيف تومبسون أنه وفي ظل ظروف معينة سيكون من الممكن لبوتين هزيمة قوات الناتو وكسرها حتى ولو لم يكن النظام السياسي الأوروبي ضعيفا، لأن نتائج الصدام بهذا الشكل تعتمد على عدد من العوامل التي يسرد تومبسون بعضا منها. وعلى سبيل المثال.. رغم مساهمة القوات الأمريكية في العمليات العسكرية بجنوب غرب أسيا وعلى مدى 15 عاما التي علمتها الوقوف في وجه المجموعات غير المنظمة، إلا أن هذا التحرك أضعف موقف واشنطن العسكري في الوقوف بوجه عدو يمتلك سلاح الدبابات والمدفعية والطائرات الحربية، وانخفضت في غضون ذلك أعداد القوات والطائرات المروحية، أما فيما يخص تواجد الجيش الأمريكي في أوروبا فقد انخفض إلى لوائين لا يكفيان للتعامل مع ظهور محتمل لروسيا هناك. أمر آخر يشير إليه  تومبسون في مقاله، وهو أن روسيا اعتادت تاريخيا القيام بالإجراءات (العسكرية) على الأرض، وهنا تتفوق روسيا في صدام محتمل لما تتميز به من مساحة كبيرة، فروسيا تجري باستمرار تدريبات ومناورات عسكرية بالقرب من الحدود مع استونيا وأوكرانيا وغيرها من البلدان التي قد تكون معرضة لمثل هذا الهجوم. ويضيف أنه بالنظر إلى غرب روسيا فلديها قوات مسلحة كبيرة التي يمكنها بدء التحرك العسكري دون سابق إنذار، ويمكن لموسكو وضع الغرب أمام أمر واقع وبالخصوص إذا ما أخذنا بعين الاعتبار التناقضات الداخلية للتحالف، بالإضافة إلى أن القوات البرية الأمريكية أغلبها يتواجد على مسافة بعيدة من المنطقة المعنية.   ولفت الكاتب "يضاف إلى كل ذلك حقيقة أن الجيش الأمريكي غير مدرب للقتال في مثل تلك الظروف التي يجب أن يكون لها دعم جوي عسكري دائم، فمع الحالة بشأن روسيا لن يكون الأمر ممكنا، فأنظمة الصواريخ الروسية قادرة على إسقاط أي طائرة ليست مجهزة بتكنولوجيا "خفض التشويش" وغيرها من الأنظمة المشابهة، وخير مثال على ذلك بولندا التي يقع غالب مجالها الجوي في مرمى منظومات الدفاع الجوي الروسي". ويقول الكاتب "لا يعتبر التفوق الجوي الروسي السبب الوحيد، فجيشها الذي أصبح أكثر حرفية يتسلح بعدد من الأسلحة التقليدية المتقدمة، في وقت لا تستثمر فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها ما يكفي في التكنولوجيا الجديدة، وهكذا يدرك ممثلو الجيش الأمريكي المجالات التي يمكن أن تكون روسيا تفوقت على الولايات المتحدة فيها وهي إطلاق الصواريخ بعيدة المدى والحرب باستخدام الوسائل الإلكترونية والحرب الهجينة"، بالإضافة إلى اعتبار الأسلحة المضادة للدبابات تهديدا خطيرا للمدرعات الأمريكية. وعلاوة على ذلك، يرى  تومبسون أن روسيا "يمكن أن تستخدم أسلحتها النووية، وخصوصا أن عقيدتها العسكرية لا تستثني ذلك"، ويضيف "أقر بوتين أنه فكر بوضع القوات النووية الروسية في حالة تأهب خلال النزاع الأوكراني"، ولذلك ينصح كاتب المقالة الاستراتيجيين العسكريين في حلف الناتو التفكير في أن ذلك الصراع، الذي يمكن أن يبدأ على حدود دول البلطيق أو أوكرانيا يمكن أن يتحول إلى تبادل للضربات النووية. ويعتبر  تومبسون أن على الجيش الأمريكي إعادة الدبابات وكتائب أنظمة باتريوت والمروحيات المقاتلة وأنظمة الكشف المتقدم، "فوجود قوات أمريكية كبيرة تتمركز في أوروبا على أساس دائم لا يمنع فقط التهديد لكنه يعطي الولايات المتحدة القدرة على الرد السريع في حال لم يتم التمكن من منع الصراع".

المصدر : الماسة السورية


اكتب تعليق

كل الحقول التي عليها علامة (*) مطلوبة